"مراكش قصيدة متجدّدة"في المهرجان العالمي للشعر

time reading iconدقائق القراءة - 8
مهرجان مراكش العالمي للشعر في مراكش. 28 أبريل 2024 - الشرق
مهرجان مراكش العالمي للشعر في مراكش. 28 أبريل 2024 - الشرق
مراكش-علي عباس

شهدت فعاليات مهرجان مراكش للشعر العالمي "مراكش والقصيدة المتجدّدة" الذي نظّمه بيت الشعر في المغرب، مشاركة ثلّة من الشعراء والمبدعين من حول العالم، فضلاً عن ندوات فكرية أبرزها "الشعر والتصوّف"، و"المعتمد بن عبّاد: تجليات وأبعاد". 

جاء البرنامج متّسقاً مع رمزية المدينة الحمراء، التي تضمّ مراقد ومزارات الأولياء والصالحين، بزواياهم الصوفية، وهي مدينة " السبع رجال"، أي الحكماء.

 تضم منطقة "إغمات" في مراكش، قبر الشاعر الملك المعتمد بن عباد، وزوجته اعتماد الروميكية، جاء بهما أمير المرابطين وكان حاكماً على مراكش، مقيّديَن منفييَن إلىيها، بعد سقوط دولة المعتمد بن عبّاد في أشبيلية.

 الشعر والتاريخ

شارك في المهرجان الذي نظّمه بيت الشعر في المغرب بالشراكة مع منظمة الإيسيسكو، ووزراة الشباب والتواصل، ومجلس مدينة مراكش، عدد من الشعراء، عرباً وأجانب ومغاربة، في محاولة لتغطية خارطة الشعر العالمي، تمثيلاً شاملاً، وكان الحضور النسوي بارزاً فيه. 

يقول هولدرلن:" كل ما سيأتي سوف يؤسسه الشعراء"، وهكذا، كان الشعر في التاريخ منذ الكاتب السومري (دودو) 3500 ق.م، مدوّناً للأساطير باللغة المسمارية، وصولاً إلى أوّل ملحمة شعرية في التاريخ الإنساني وهي "ملحمة جلجامش"، لاغنى للوجود عن الشعر؛ اتصل الشعراء بالوجود شعرياً، كتابة وسلوكاً.

شعراء المهرجان

أيّها الشعر، لولاك، أنا يتيم..

شارك في المهرجان الشعراء غسان زقطان (فلسطين)، مالكة العاصمي (المغرب)، أحمد قران الزهراني (السعودية)، آدم فتحي (تونس)، بيجان ماتور (تركيا)، فاطوماتا كايتا (مالي)، أحمد الشهاوي (مصر)، أحمد العجمي (البحرين)، حسن الوزاني (المغرب)، عيسى مخلوف (لبنان)، أمينور رحمان (بنغلاديش)، محمد عزيز الحصيني (المغرب)، أحمد الفلاحي (اليمن)، سكينة حبيب الله (المغرب)، نيكار حين زاد (أدريبيجان)، محمد أمين جوب (السنغال)، أمل الأخضر (المغرب)، عبد القادر عمر عبد القادر (جيبوتي)، علي البزّاز (العراق).

يقول رئيس بيت الشعر في المغرب مراد القادري: "ما كان لهذه الفعالية أن تتألق، لولا استجابة ضيوفنا، الذين وفدُوا من عددٍ من دول العالم للاحتفاء بالشعر والشعراء، في مدينة لا يُمكن أن يحضر ذكرها، من دون استحضار دورها في إثراء حديقة الشعر المغربي والعربي، بأصوات وتجارب شعرية بارزة، بدءاً بالشاعر عبد القادر حسن، صاحب المجموعة الشعرية "أحلام الفجر"، الصادرة بهذه المدينة سنة 1935."

الشعرية الفلسطينية

أقيم حفل الافتتاح في قصر الباهية التراثي، الذي يُقرن بقصر الحمراء، وهو من معالم المدينة التاريخية، الذي يجذب السيّاح بجمال عمارته وسحرها، وشهد الافتتاح تتويج الشاعر الفلسطيني غسان زقطان درعَ المهرجان، "تقديراً لفلسطين ونضال غزة".

وقال زقطان: "شرّفني المهرجان بتكريم محبّ ومؤثّر، تكريم تجاوز الشخصي ليذهب الى الاحتفاء بالشعرية الفلسطينية، والمنجز المذهل الذي حقّقته أجيال من الشعراء الفلسطينيين، أخوتي وآبائي وأبنائي، الذين وقفوا منذ ما قبل النكبة في مواجهة الفاشية بوجوهها وأقنعتها".

أضاف: "ها هم يواصلون، كما يقول الراحل الجميل محمود درويش، "تربية الأمل" بعد أن سقطت أقنعة القاتل، وبدا متوحشاً ومكشوفاً كما كان دائماً".

 وقرأت الشاعرة المغربية مالكة العاصمي، والشاعر المصري أحمد الشهاوي، والشاعرة التركية بيجان ماتور، والأذريبيجانية نيكار حسن زاد. والشاعر العراقي علي البزّاز.

 الشاعر والمترجم والناقد اللبناني عيسى مخلوف قال للـ"الشرق": لقاؤنا في مهرجان مراكش للشعر العالمي، هو انتصار للشعر  الذي يُهمّش اليوم أكثر، لأنّه لا يُسلّع ولا يخضع لعملية العرض والطلب، لكنه لا يزال ينبض في عدد من الدول، من بينها المغرب بجهود "بيت الشعر" فيه، وإصرار عدد من الشعراء على إبقاء شعلة الشعر متوهّجة، لأن الرهان على الشعر هو رهان على الجمال والرجاء والأمل".

أضاف: "الشعر يوحّد الجميع، وهو من أدوات الجمال والمقاومة، وسيظلّ هكذا، لطالما ظلّت أرواح الشعراء، هائمة فيه، كما قال ذات مرّة الشاعر الداغستاني حمزاتوف "أيّها الشعر، لولاك أنا يتيم"، وهكذا، فلولا الشعر، لاتشحّ الوجود باليتم والشقاء".

شاعر بنغلادش

الشاعر أمينور رحمان من بنغلادش تحدث لـ "الشرق" عن أهمية بلاده شعرياً وثقافياً فقال: "بنعلادش هي بلد الثقافة منذ ألف سنة تقريباً، وهي وطن الشاعر العظيم طاغور، وقازي نظر الإسلام، وجيبانا ناندا داس".

أضاف: "لدينا تاريخ موسيقي عريق جداً، إلى حد أننا نمارس طقوس الرقص والموسيقى في جلّ البيوت. كما أن بنغلادش هي ثاني أكبر مٌصدّر للملابس والأدوية، وهي ليست من الاقتصادات الفقيرة، بل النمو الاقتصادي، الذي يشهد ارتفاعاً سنوياً".

 تتويج الشعر النسوي

يشهد الشعر راهناً مشاركة نسوية بارزة، ذات تصوّر وجودي وثقافي، إذ يستطيع الشعر استيعاب ثورة اللغة والأحلام والتجاوز، بسبب بنيته القائمة على التحوّل والاختلاف مقارنة بالفنون الأخرى، وهكذا، يقدّم الشعر، باعتباره جسداً وتاريخاً للعاطفة الإنسانية.

مالكة العاصمي

وحدكَ الآن 

يفترسُ الرّح قلبكَ

شبحاً صِرتْ

دون ماضٍ ولا حاضر أو غد

بيجان ماتور

يجب عليّ أن اشتري رداءً قرمزياً وسريراً

وخاتماً قرمزياً ومصباحاً

يجب أن يحينَ ذلك الزمن

حيث يبدأ زمن الأمّ وينقضي.

فاطوماتو كايتا

ماذا لو امتلأنا بقوّة الصمود

الذي يقضمُ أيام الفَزَع هذه

التي نريدها عشيقةَ تخيلاتنا؟

سكينة حبيب الله

نتقدّمُ في السنِّ

على طريقة البيوت

في البداية يظهرُ خطُّ صغير على الوجه

لا يأخذه أحدٌ على محمل التّجاعيد.

نيكار حسن زاد

في جيبي كنز صغير،

فبضة أمسكها بشدّة لا تُوصف

مطبوعة عليه أعوامٌ من القبل كختم قدسي

يضمّ همومي وحماستي.

أمل الأخضر

أُريد أن أموتَ كسائس خُيولٍ هَرم

أزيحُ القشّ المُبلّل ببقايا الروث

أفتحُ الباب الخشبي لخيوط الشمس

أغسل جِلد حصاني الأثير.

الندوات الفكرية: مراكش في معنى الصوفية، وللمعتمد بن عبّاد مَزاراً 

شهد المهرجان تنظيم ندوة عن "الشعر والتصوّف"، إذ تسمح العلاقة بين الشعر والتصوّف بالحديث عن تقاطع الشعري والصوفي؛ بما هُما  رُؤيتان إلى الإنسان وإلى اللغة والمعنى، مِن غير نسيان ما يَبني لا اختلافهما وحسب، بل أيضاً الاختلاف الذي يَنطوي عليه كلّ واحدٍ منهما في ذاته.

وصنّف الشاعر والباحث في  نقد الشعر العربي عبد الدين حمروش، في ندوة "المعتمد بن عبّاد: تجلّيات وأبعاد"، قصائد المعتمد إلى مجموعتين، الأولى هي عبارة عن قصائد تعود إلى المعتمد نفسه، وهي قصائد قيلت بالمغرب، في خضم تجربة السجن والمنفى.

أما الثانية، فهي قصائد تعود إلى شعراء آخرين، ممن زاروا المعتمد في سجنه، بمنطقة أغمات، في محنته. والملاحظ أنه، ضمن هذه المجموعة، يمكن التمييز بين فئتين أيضاً: فئة زارت المعتمد، وهو حي يكابد السجن، وفئة ثانية زارت المعتمد دفيناً في قبره. 

أما الفارق بين الفئتين، معاً بحسب حمروش، "فهو فرق في التواصل بين المباشر مع الموضوع المرثي، والتواصل غير المباشر معه، وبين تواقت المسافة الزمنية (أو قربها) من الموضوع، أو بعدها بحكم حدوث الزيارة بعد الوفاة".

الشعر والأسرار

صدر كتاب "أسرار مراكش" من ذاكرة مراكش الشعرية، ضمن فعاليات المهرجان، أعدّه وكتب مقدمته الناقد والمترجم محمد آيت لعميم، الذي تحدث عن فكرة استلهامه العنوان، وذلك من محاورة بين صوفي فاسي وآخر مراكشي:

"قال الفاسي، أه يا أسوار فاس، التي يرشح منها العلم، فأجابه المراكشي: أسوار مراكش، ترشح منها الأسرار". وهكذا، الشعر في معنى الأسرار والحجب والتأويل والأسوار". 

يقول دريدا "العنوان هو الثريا للنص". ويضيف الكاتب "حاولت أن اتقصّى ذاكرة مراكش الشعرية، بمختلف اتجاهاتها الشعرية منذ نشوء المدينة ولغاية السبعينيات، جمعاً لقصائد منشورة هنا وهناك. ثمّة شعراء كتبوا باللغة الأجنبية كالفرنسية مثلاً وآخرون من بينهم السلاطين كتبوا شعرَ"المحلون"، الكتاب هو نواة لأنطولوجيا شعرية، ستشمل في المستقبل كلّ ما كتب عن المدينة الحمراء".

 

تصنيفات

قصص قد تهمك