أوروبا في 2023.. فيضانات وحرائق غابات وإجهاد حراري شديد

time reading iconدقائق القراءة - 5
امرأة تحمي نفسها من حرارة الشمس باستخدام قميص في ميلانو بإيطاليا. 21 أغسطس 2023 - Reuters
امرأة تحمي نفسها من حرارة الشمس باستخدام قميص في ميلانو بإيطاليا. 21 أغسطس 2023 - Reuters
باريس -أ ف ب

شهدت أوروبا في عام 2023 عدداً قياسياً من الأيام التي كانت فيها الحرارة المحسوسة "شديدة" للأجسام البشرية، بسبب تسجيل درجات حرارة تخطّت 35 و40 درجة مئوية، وتفاقمت آثارها على الكائنات الحية، بسبب الرطوبة، وغياب الرياح، والحرارة الناجمة عن المباني الخرسانية في المدن.

وأفاد تقرير أصدره مرصد "كوبرنيكوس" الأوروبي، والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الاثنين، بأن "سنة 2023 سجلت رقماً قياسياً في عدد الأيام التي شهدت إجهاداً حرارياً شديداً، أي الأيام التي تجاوزت فيها درجة الحرارة المحسوسة ما يعادل 46 درجة مئوية".

ويأخذ مؤشر "الإجهاد الحراري" في الاعتبار تأثير درجة الحرارة مع عوامل أخرى مثل "الرطوبة، والرياح، وغيرهما" على جسم الإنسان.

وبالإضافة إلى موجات الحر، سُجّل في أوروبا عدد كبير من الظواهر المناخية الحادة خلال العام، إذ تأثر 2 مليون شخص بفيضانات أو عواصف، في حين طالت موجات جفاف شديد شبه الجزيرة الأيبيرية، وأوروبا الشرقية.

13.4 مليار يورو خسائر

كما دمّر أكبر حريق غابات في تاريخ القارة 96 ألف هكتار في اليونان، بحسب التقرير السنوي الذي أنجزته الخدمة المتعلقة بالتغير المناخي في مرصد كوبرنيكوس "سي3 إس" C3S بالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن الطقس والمناخ والمياه.

وأشار التقرير إلى أن الخسائر التي تم تكبدها جراء هذه الكوارث بلغت 13.4 مليار يورو، يعزى 80% منها إلى الفيضانات التي حصلت خلال عام شهد معدلات أمطار أعلى بكثير من المتوسط.

وركّز التقرير خصوصاً على التأثير الصحي لموجات الحر، في وقت تصبح فصول الصيف بسبب الاحتباس الحراري أكثر حراً وتسبباً بتسجيل وفيات في أوروبا.

وقالت عالمة المناخ في "كوبرنيكوس" ريبيكا إميرتون: "نلاحظ اتجاهاً تصاعدياً في عدد الأيام التي تشهد إجهاداً حرارياً في أوروبا، ولم يكن عام 2023 استثناء" مع هذا الرقم القياسي الجديد الذي لم يحدده التقرير.

ولقياس الراحة الحرارية، لجأت "سي 3 إس"، والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إلى المؤشر المناخي الحراري العالمي الذي يمثل الحرارة التي يتعرض لها جسم الإنسان، مع الأخذ في الاعتبار ليس فقط درجة الحرارة، ولكن أيضاً الرطوبة، وسرعة الرياح، وأشعة الشمس، والحرارة المنبعثة من البيئة المحيط، والذي يكون تأثيرها واضحاً أكثر في المدن التي تمتص فيها المواد السائدة (خرسانة، زفت...) كميات أكبر من أشعة الشمس.

ويتضمن المؤشر الذي يُعبّر عنه بما يعادل "درجة الحرارة المحسوسة" بالدرجات المئوية، عشر فئات مختلفة: من الإجهاد البارد الشديد (أكثر من -40)، إلى الإجهاد الساخن الشديد (+46)، مروراً بعدم تسجيل إجهاد حراري (بين 9 و26).

تدابير غير كافية

ومن شأن التعرُّض لفترات طويلة من الإجهاد الحراري، أن يزيد من خطر الإصابة بالأمراض، بالإضافة إلى أنه يحمل خطورة خصوصاً على الأشخاص الضعفاء.

وفي 23 يوليو الماضي، حين كان الحرّ في ذروته، تأثر 13% من أوروبا بدرجة واحدة أقلّه من الإجهاد الحراري، وهو أمر غير مسبوق.

وضرب الحرّ الشديد بشكل رئيسي جنوب أوروبا، حيث وصلت درجة حرارة الهواء إلى 48.2 درجة مئوية في صقلية، أي أقل بمقدار 0.6 درجة من الرقم القياسي القاري.

اقرأ أيضاً

في البر والبحر.. مستوى قياسي لدرجة الحرارة للشهر العاشر

مع مستوى قياسي جديد سُجّل في مارس، كانت الأشهر الـ12 الأخيرة الأكثر حراً في العالم بزيادة قدرها 1.58 درجة مئوية عما كان عليه المناخ في القرن التاسع عشر.

ولم يتم التوصل بعد إلى نسبة الوفيات المرتبطة بالإجهاد الحراري في عام 2023، لكن التقرير أشار إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص لقوا مصرعهم في أوروبا خلال فصول الصيف الحارة في 2003 و2010 و2022.

ويؤدي الاحترار المناخي الناجم عن انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة من الأنشطة البشرية، إلى زيادة حدّة موجات الحر ومدتها وتواترها.

عواقب وخيمة

وتتجلى هذه الظاهرة خصوصاً في أوروبا التي تشهد احتراراً أسرع بمرتين من احترار الكوكب الذي بات مناخه العالمي أكثر حرّاً بما لا يقل عن 1.2 درجة مئوية عما كان عليه قبل العصر الصناعي.

ولفت التقرير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا، إلى جانب الشيخوخة السكانية، وزيادة عدد قاطني المدن، سيكون له "عواقب وخيمة على الصحة العامة"، مضيفاً أن "التدابير الراهنة لمكافحة موجات الحر لن تكون كافية" للتعامل معها.

وعلى الصعيد العالمي، كان 2023 العام الأكثر حرّاً على الإطلاق، في نتيجة مدفوعة بالتغير المناخي الذي تفاقم بسبب عودة "ظاهرة النينيو". ووصلت درجة حرارة المحيطات التي تمتص 90% من الحرارة الزائدة الناجمة عن الأنشطة البشرية، منذ عام إلى أرقام لم تُسجّل في السابق.

تصنيفات

قصص قد تهمك