انطلقت الدورة الـ 32 لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية في مصر، الجمعة، وهي الدورة المهداة إلى الموسيقار سيد درويش بمناسبة مئوية رحليه.
وعرض المهرجان في الافتتاح فيلماً تسجيلياً قصيراً عن حياة الفنان الراحل، فيما تغنى المصري محمد حسن، والسورية لينا شاماميان، والتونسي لطفي بوشناق، بمقتطفات من تراثه بتوزيعات حديثة، كما قدم حفيده أحمد درويش عزفاً فردياً على آلة الكمان بمصاحبة الفرقة الموسيقية.
وأحيا الجزء الثاني من الحفل الذي أقيم على مسرح النافورة المكشوف في دار الأوبرا المصرية المغني المصري مدحت صالح، الذي قدم على مدى ساعة ونصف الساعة باقة من أغانيه الشخصية وبعض أغاني عمالقة الغناء أمثال أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد قنديل.
ويتضمن برنامج المهرجان الذي يمتد حتى 24 أكتوبر، 47 حفلاً وسهرات غنائية يحييها 113 من الفنانين المصريين والعرب، بينهم 76 مطرباً، من بينهم الأردنية نداء شرارة، والسورية وعد البحري، والعراقي همام إبراهيم، والمصري علي الحجار، والمصرية ريهام عبد الحكيم، فيما أعلن اللبنانيان وائل جسار، وعاصي الحلاني، اعتذارهما بسبب الأوضاع في بلدهما.
وعلق الناقد الفني أمجد مصطفى، عضو اللجنة الاستشارية للمهرجان، على غياب جسار والحلاني، بقوله إن غيابهما "أحدث تأثيراً كبيراً بالطبع، خاصة أنهما من كبار المطربين في الوطن العربي، ولهما جماهيرية كبيرة، لكن لا يمكن توجيه اللوم إليهما، نظراً للأحداث الذي يشهدها لبنان".
وأضاف لـ "الشرق"، أن زياد رحباني، اعتذر أيضاً عن عدم الحضور، واستلام درع تكريمه، بسبب الظروف الصعبة في لبنان، لافتاً إلى أن "الدورة الماضية من المهرجان ألغيت بسبب أحداث غزة المشابهة لما يحدث الآن في لبنان، لكن كان من الصعب تأجيل المهرجان هذا العام أيضاً، على الرغم من الظروف الصعبة التي يشهدها العالم العربي".
33 فرقة موسيقية
وتشارك في المهرجان 33 فرقة موسيقية من بينها فرقة تراث سيد درويش، وفرقة الموسيقى العربية للتراث، وفرقة أم كلثوم للموسيقى العربية، وفرقة أوبرا الإسكندرية للموسيقى والغناء العربي.
وتتوزع حفلات المهرجان على مسارح دار الأوبرا المصرية بالقاهرة، وأوبرا الإسكندرية، وأوبرا دمنهور، ومسرح معهد الموسيقى العربية، ومسرح الجمهورية.
تكريم رحباني وبوشناق وزبادي ومنير والشرنوبي
وكرم المهرجان في حفل الافتتاح 19 اسماً بارزاً في مجال الموسيقى، من بينهم المطرب المغربي فؤاد زبادي، والملحن المصري صلاح الشرنوبي، والموسيقار السعودي ممدوح سيف، والموسيقار العُماني خالد بن حمد البوسعيدي، والمغني المصري محمد منير، والملحن اللبناني زياد رحباني، والمطرب التونسي لطفي بوشناق.
وتسلم الموسيقار فتحي سلامة، درع التكريم نيابة عن محمد منير، وقال لـ "الشرق"، إن منير موجود بالقاهرة، وحالته الصحية تشهد تحسناً كبيراً، لكنه كان في جلسة علاج طبيعي، الأمر الذي حال دون حضوره التكريم، موضحاً أن طبيبه المعالج شدد على ضرورة الالتزام بمواعيد الجلسات وعدم إهمالها، نظراً لأهميتها في رحلة التعافي.
وأضاف: "منير كان ينوي حضور الحفل، إلا أن طبيبه منعه، لذا هاتفني قبل الحفل بساعات قليلة، وطلب منّي الحضور لاستلام درع التكريم نيابة عنه".
وضمت قائمة المكرمين الشاعر المصري إبراهيم عبد الفتاح، وعازف العود حازم شاهين، وعازف الكولة عبد الله حلمي، والدكتورة أنعام لبيب، العميد الأسبق للمعهد العالي للموسيقى العربية والدكتور محمد السيد شبانة، أستاذ الموسيقى الشعبية بالمعهد العالي للفنون الشعبية، وفناني الخط العربي الدكتور خليفة الشيمي من الإمارات، ومحمد حسن أحمد من مصر، وأسماء الشاعرين المصريين حسين السيد، ومأمون الشناوي، واسم المطرب والملحن أحمد الحجار، والدكتورة إيناس عبد الدايم عازفة وزيرة الثقافة السابقة.
وبالتوازي مع الحفلات الغنائية والموسيقية التي يقدمها المهرجان، يقام مؤتمر الموسيقى العربية والذي يناقش في هذه الدورة موضوع "الموسيقى العربية بين التأثير والتأثر" بمشاركة باحثين ومتخصصين من 20 دولة.
وينظم المهرجان 4 مسابقات للعزف والغناء والتوزيع الموسيقي تحمل اسم رتيبة الحفني، أول امرأة تولت رئاسة دار الأوبرا المصرية، إضافة إلى معرض لفنون الخط العربي يضم أعمال الفنانين الإماراتي خليفة الشيمي، والمصري محمد حسن أحمد عطا.
وقال وزير الثقافة المصري، أحمد فؤاد هنو، في كلمته بحفل الافتتاح الذي حضره وزراء الصحة، والخارجية، والشؤون النيابية والقانونية، إن "هذا المهرجان يجمعنا، ويوحدنا، ويحتفي بلغتنا الأم، وتراثنا الموسيقي، والغنائي الفريد، فنحن شعوب نتحدث بالموسيقى، نلحن الكلمات، نعشق الغناء، والليلة نجتمع على أرض مصر مهد الفنون، التي نقش أهلها تراثهم الموسيقي على واجهات معابدهم قبل آلاف السنين، وجعلوا الموسيقى جزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية".
وأضاف: "الموسيقى العربية ليست مجرد أصوات وألحان، بل هي لغة تنفُذ إلى أعماق الروح، وتنقل الأحاسيس والأشجان والأفراح، وشهدت مصر على مر العصور ولادة العديد من المطربين والملحنين والموسيقيين الذين أثروا بإبداعهم الحركة الفنية العربية، ويأتي مهرجان الموسيقى العربية ليكمل الصورة، ويؤدي دوراً حيوياً في تعزيز الهوية، وحماية التراث الموسيقي الأصيل، فمن خلال هذا المهرجان، نستطيع أن نستعيد تراثنا الغني، وننقله للأجيال القادمة، ونحافظ على أصالتنا في عالم يشهد تغييرات متسارعة".
وأشار الوزير إلى أن المهرجان يأتي هذا العام، ليشكل فرصة مهمة ليس فقط لجمهور المستمعين، بل أيضاً للباحثين والدارسين والمتخصصين، من خلال جلسات المؤتمر، ما يسهم في تعزيز الحوار الفكري بشأن الموسيقى العربية.
