خاص
فن

محاكمة ترمب في 4 أفلام على منصة "شاهد"!

الملصق الدعائي لفيلم Trump: The Criminal Conspiracy Case على منصة شاهد - facebook/ShahidVOD
الملصق الدعائي لفيلم Trump: The Criminal Conspiracy Case على منصة شاهد - facebook/ShahidVOD
القاهرة -عصام زكريا*

إذا كنت تريد أن تفهم لغز الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب: حقيقته كرجل أعمال صاحب سجل مشبوه في الأعمال غير الشرعية وغير الأخلاقية، تحول إلى رئيس لأكبر بلد رأسمالي في العالم فصبغ المنصب بسجل لا يقل إثارة للجدل وللشبهات، وغادره بزوبعة كادت تدخل البلاد إلى حرب أهلية، ثم عاد مجدداً ليشغل العالم كله، منذ يناير الماضي، بتصريحات وسلوكيات مخيفة حيناً ومضحكة أحياناً؟

إليك أربعة أفلام وثائقية عن الرجل تعرضها منصة "شاهد"، أحدثها هو Trump: The Criminal Conspiracy Case، الذي يروي وقائع محاكمته، مع 18 من أتباعه، بمحاولة تغيير نتائج الانتخابات الرئاسية التي خسرها أمام جو بادين في 2020، عن طريق التلاعب والتزوير وترهيب الموظفين، بجانب عشرات الاتهامات الأخرى، التي أدين فيها كلها، ومع ذلك لم يستطع النظام القضائي الأميركي منعه من أن بصبح رئيساً مجدداً، في انتخابات شابتها الشبهات ولعبت فيها المليارات التي دفعها إيلون ماسك واللوبي الصهيوني دوراً كبيراً في حسم نتيجتها.

الفيلم إنتاج بريطاني  لشركة 72، ومن إخراج ماريان محمد، وهي منتجة ومخرجة معظم أعمالها تدور حول شخصيات مثيرة للجدل، مثل إيلون ماسك ومغني الراب ديجا دي.

على شفا الحرب الأهلية!

يركز الفيلم على مدار 90 دقيقة على موضوع واحد، وهو محاولة ترمب وحاشيته التشكيك في نتائج الانتخابات في ولاية جورجيا التي حسمت لصالح بايدن، على أمل التشكيك في نتيجة الانتخابات كلها، والتي خسرها ترمب بفارق كبير.

ويفعل الفيلم ذلك من خلال سرد درامي مشوق، يتحول فيه الواقع إلى دراما تفوق الأفلام: بعد تمهيد مختزل لما قام به أعوان وأنصار ترمب، تظهر المدعية العامة لولاية جورجيا، فاني ويليز، وهي سيدة متوسطة العمر من أصل إفريقي وأم عزباء،  تعشق مهنتها ولديها من المثاليات والشجاعة ما يجعلها تصلح تماما لتكون بطلة سينما.

تقوم ويليز بجمع الأدلة من مستندات ومقاطع فيديو وتسجيلات صوتية وشهادات الشهود، وتشيد دعوى محكمة سرعان ما ينهار خلالها بعض المتهمين ويبدأون في الاعتراف، بينما يسعى ترمب ومحاموه للضرب تحت الحزام والتشكيك في المدعية العامة نفسها، خاصة بعد أن يعلن أنه سيرشح نفسه للانتخابات مرة أخرى، حتى يسهل عليه اتهام كل خصومه بأنهم يديرون دعوى قضائية "سياسية"، أي كوسيلة للحرب السياسية. 

تزوير وابتزاز وإرهاب

يكشف الفيلم بوضوح عن المدى الذي وصل إليه أعوان ترمب، وهو نفسه أحياناً، في محاولة اغواء وابتزاز وتخويف موظفي الانتخابات، وصولاً إلى نائب ترمب نفسه مايك بينس، بالضغط عليه لرفض نتائج الانتخابات والتشكيك فيها، لولا أنه تراجع في اللحظات الأخيرة بسبب أحداث الشغب والعنف من أنصار ترمب واقتحامهم لمبنى الكابيتول ما أدى إلى قتل وجرح الكثيرين.

ومن الطريف أن هذا العنف الذي حرض عليه ترمب وأعوانه بشكل مباشر أدى إلى تراجع بينس عن المضي في الوقوف بجانب ترمب، خشية خروج الأمور عن السيطرة.

يصور الفيلم أيضاً المعركة القضائية الصعبة التي خاضتها المدعية العامة والشهود تحت وطأة التهديدات التي يتعرضون لها، ومن أقوى مشاهد الفيلم المواجهة التي تحدث بالقرب من نهايته بين المدعية العامة فاني ويليز ومحامية ترمب آشلي ميرشانت بالقرب من نهاية الفيلم، حين تحاول المحامية الطعن في المدعية باتهامها باقامة علاقة مع أحد المساعدين لها في القضية.

ورغم أن ويليز تفند هذه المزاعم بنجاح، لكن التعطيل الذي يحدث يمنح ترمب وقتاً كافياً يكون فيه قد نجح في الحصول على تأييد الحزب الجمهوري بالترشح مرة أخرى، ما يؤدي إلى إيقاف الدعوى.. ليعيد ترمب ما يفعله نتنياهو على الطرف الآخر من المحيط بالتهرب من السجن عبر القفز في مغامراته السياسية والعسكرية.

وثائقي بروح الروائي

يتميز الفيلم ببناءه المتماسك وإيقاعه السريع والمتوتر للأحداث ثم لسير الدعوى، وهو يستخدم أسلوب الراوي (الـ voice-over)  من خلال صوت نسائي يربط الأحداث ويعلق عليها بنبرة محايدة، رغم أنها محايدة أكثر من اللازم أحياناً، على عكس الصورة الساخنة، ولكن من أطرف وأذكى عناصر الفيلم التي تعبر جيداً عن مضمونه "البوستر" الذي يحتوي على الصور الجنائية للذين يخضعون للتحقيق  يتصدرهم ترمب وحوله الـ18متهماً الآخرين.

الفيلم يحمل روحاً روائية واضحة، قد تتنافى مع الموضوعية المطلوبة للفيلم الوثائقي، ولكن الحقائق التي يعرضها الفيلم من خلال الأدلة وشهادات الكثير من الشخصيات المعنية مقنعة بشكل كافٍ، على الأقل لأي مشاهد غير مفتون بترمب وسلوكياته.

نظرة إلى الخلف

بجانب Trump: The Criminal Conspiracy Case يوجد على منصة "شاهد" ثلاثة أعمال وثائقية أخرى عن ترمب هي:

Trump: Power, politics, Prosecution من إنتاج Apple TV عام 2023، والذي يستعرض بشكل شامل حياة ترامب السياسية، وكيفية صعوده إلى السلطة ثم سقوطه، والاتهامات والدعاوى القضائية التي تلاحقه.

وأيضا فيلمAn American Affair: Trump and the FBI من إخراج ديفيد كار- براون وهو قديم نسبياً، يعود إلى فترة حكم ترمب الأولى، ويدور، كما يدل عنوانه، عن العلاقة بين ترمب والمباحث الفيدرالية الأميركية قبل وأثناء فترة رئاسته الأولى، وما اعترى هذه العلاقة من تطورات وخلافات واتهامات متبادلة، والتي وصلت لذروتها باتهام المباحث الفيدرالية لترمب بأعمال غير مشروعة لتحقيق الفوز في الانتخابات الأولى في 2016 ومنها علاقات سرية مع روسيا، كما يكشف الفيلم علاقة ترمب بالمافيا والجريمة المنظمة.

وعلى أية حال يبين هذا الفيلم أسباب تربص ترمب في دورته الثانية بالمباحث الفيدرالية ومحاولاته لتغيير قياداتها وتشكيلها وأهدافها.

الفيلم الثالث هو Trump A Second Chance وهو بريطاني أيضاً من انتاج محطة BBC يرصد شعبية ترمب بين أنصاره وأسباب هذه الشعبية واصرارهم على منحه فرصة ثانية في الحكم، ويبين هذا الفيلم أن دونالد ترمب، مثل أي ديكتاتور، لم يكن له أن ينجح لولا وجود أنصار متعصبين له، يؤمنون بجدارته ويصدقون كل ما يقوله، بجانب المستفيدين من وجوده، كما يبين كيف يستغل الديكتاتور الظروف السياسية المحتقنة لزرع وإذكاء الفتن والمخاوف والتعصب، ما يجلب له أعداداً كبيرة من الأنصار!

الحقيقة أن مشاهدة الأفلام الأربعة، خاصة الأول، قد تزيد اللغز غموضاً، وقد تزيد دهشة المشاهد، ولكنها ستزوده بالصورة شبه الكاملة لمسيرة ترمب وقدرته على البقاء رغم كل شئ، وتفسر سبب هذا البقاء، وربما أيضا قد تفسر سقوطه إذا سقط!

* ناقد فني

تصنيفات

قصص قد تهمك