شهد قطاع الإنتاج الدرامي في لبنان، إزدهاراً لافتاً في الآونة الأخيرة، على الرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعانيها البلاد.
وانطلق تصوير نحو 15 مسلسلاً في لبنان أخيراً، لصالح شركات إنتاج محلية وعربية وأجنبية، غالبيتها ذات طابع عربي مشترك تضم ممثلين نجوم محترفين، ومخصّصة للعرض على منصّة "شاهد" ولا تتعدى الـ12 حلقة، هذا بجانب الأفلام القصيرة والطويلة والوثائقية التي تنشط بالتزامن مع الازدهار الدرامي.
وتستعد منصة "شاهد" لعرض أكثر من مسلسل درامي، في شهر أغسطس المقبل، منها: "البريئة" (بطولة تقلا شمعون وكارمن بصيبص)، و"صالون زهرة" لـنادين نسيب نجيم ومعتصم النهار، وكذلك مسلسل "باب الجحيم"، و"8 أيام" لـ ماكسيم خليل، و"الزيارة" للمخرج الأميركي أدولفو مارتينيز، وبطولة تقلا شمعون ودينا الشربيني.
خطط جديدة
إلى ذلك، يتم حالياً تصوير مسلسلات جديدة عدة في لبنان، مثل "عالحدّ" بطولة سلافة معمار وصباح الجزائري، و"الهيبة 5" لـتيّم حسن وعبدالمنعم عمايري وإيميه صيّاح.
وسيبدأ خلال أيام تصوير مسلسل "شتّي يا بيروت" تأليف بلال شحادات، وإخراج إيلي سمعان، وبطولة عابد فهد، ومعتصم النهار، ورولا بقسماتي، وفادي أبي سمرا وزينة مكي.
كما بدأت شركات إنتاج لبنانية وسورية وإماراتية وإسبانية، إما التصوير أو التحضير لمسلسلات عدّة منها "السجين" إخراج محمد لطفي، و"المزرعة" كتابة فؤاد يمين وإخراج نديم مهنا، و"سوق الخراب" للكاتب فادي حسين، و"المايسترو" بطولة الممثل المصري عمرو يوسف والسورية كندة علوش، والمسلسل المصري اللبناني "60 دقيقة" لـ ياسمين رئيس، وسوسن بدر، وشيرين رضا، وصبرى فواز والسعودية فاطمة النبوي.
خبرة ونجاحات
المنتج صادق الصباح، الذي تصوّر شركته أكثر من 8 أعمال في آنٍ واحد، قال لـ"الشرق" إنّ "النشاط الدرامي لم يتوقف أصلاً في لبنان، لكنه قد يكون برز أكثر هذه الفترة، بسبب نوعية المسلسلات المُقدمة".
وأرجع الصباح النشاط الذي تشهده شركته حالياً على الرغم من الظروف التي يعنيها لبنان، إلى أنّ "الأرضية أصبحت ثابتة بعد سنوات من الخبرة والنجاح وتصدّر مسلسلاتنا الأرقام الأكثر مشاهدة".
وأضاف: "هناك تطوّراً كبيراً ساهم في هذا الازدهار، يتعلّق بالعامل البشري ليس على مستوى التمثيل فحسب، بينما النص والسيناريو والإخراج أيضاً، وقد ساهم بذلك مناخ الحرية المتاحة في لبنان التي تسمح بطرق أبواب جديدة في الطرح والمعالجة والأفكار".
وأشار الصبّاح إلى "سهولة التنقل في بلدات لبنان الريفية التي نعتمد عليها في التصوير أكثر من العاصمة أو المدن الكبرى، خصوصاً خلال الأزمات؛ لأنها بعيدة من الزحمة، وبالتالي تصبح عملية التصوير فيها سهلة لوجستياً ومناسبة من حيث جمال الطبيعة ومواقع التصوير".
ورداً على سؤال بشأن احتمالية فرض قرارات غلق في لبنان مُجدداً، قال: "حصّنا أنفسنا كمُنتجين باكتفاء ذاتي من حيث المعدات الطبية والأدوية واللقاحات وغيرها، لنؤمن فِرق العمل من جميع النواحي وكي لا نشكل عبئا على الدولة اللبنانية، وهذا الأمر عكس ارتياحاً عند المنتجين العرب".
تسهيلات
من جهته، قال المنتج اللبناني الإسباني طارق جوزيه غطاس نازاريو، لـ"الشرق"، إنّ اتجاهه للبنان للمرة الأولى، وتصوير مسلسل "الزيارة" برفقة طاقم لبناني وأجنبي، يرجع إلى الكم الهائل من المواهب الموجودة في البلد على الصعد كافة التقنية والتمثيلية والتجهيزات الاحترافية، والتي باتت مطلوبة أكثر مع المنصات الرقمية.
وأوضح أنّ "في لبنان تسهيلات لوجستية عدّة، إذ أن البلد مفتوح للجميع ويمكن لأي فريق أو ممثل أجنبي أو عربي أن يأتي ويعمل فيه مع ترحيب واسع، حتى ولو أننا عانينا من أزمة انقطاع الكهرباء والبترول".
ورأى غطّاس أنّ هذا الازدهار يعود أيضاً إلى أن الإنتاج الدرامي تحرّر من السباق الرمضاني، بسبب زيادة الطلب من المنصات الرقمية، إذ أنها خدمت القطاع الدرامي بشكل كبير في لبنان.
وقال إنّ "ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية، ساهم بشكل أو بآخر بجذب شركات الإنتاج لاعتماد لبنان موقعاً للتصوير، فالتكاليف هناك أقل من أوروبا".
استقرار أمني
المنتج الأردني إياد خزوز، الذي كان يفكّر مع شريكته السورية ديالا الأحمر بتصوير 5 مسلسلات في لبنان، أكد لـ"الشرق" أن "لبنان يتمتع ببيئة فنية ممتازة من حيث المواهب والتجهيزات والتكلفة المنخفضة للإنتاج، لكن الاستثمار يحتاج لبيئة آمنة واستقرار أمني".
وأشار إلى أنّ "هذه البيئة الاستثمارية تحتاج لمكملات بدءاً من الحاجات اليومية من بترول وكهرباء، وصولاً إلى الضرائب والقطاع المصرفي الذي تشوبه شوائب عدّة تعرقل عملنا".
اقرأ أيضاً: