تعرف على أبرز أفلام الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي

مشهد من الفيلم السعودي "رهين" - المكتب الإعلامي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي
مشهد من الفيلم السعودي "رهين" - المكتب الإعلامي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي
دبي -الشرق

عقد مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، الثلاثاء، مؤتمراً صحفياً في جدة، بحضور فريق المهرجان، كاشفاً تفاصيل افتتاح الدورة الخامسة التي تُقام من 4 إلى 13 ديسمبر 2025، وبرامج "روائع عربية" و"روائع عالمية" و"العروض الخاصة"، إلى جانب قائمة الأفلام الطويلة المتنافسة على "جوائز اليسر".

وأعلن المهرجان افتتاح الدورة بفيلم The Giant للمخرج البريطاني-الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يوم 4 ديسمبر المقبل، ويقدم الفيلم سيرة بطل الملاكمة البريطاني-اليمني الأمير نسيم حامد، من الطفولة المتواضعة إلى قمة العالم، مُركزاً على علاقته بمدربه الإيرلندي بريندان إنجل، وما واجهه من عنصرية وكراهية للإسلام في الثمانينيات والتسعينيات، ويجسّد الدور الرئيسي الممثل المصري-البريطاني أمير المصري.

وقال فيصل بالطيور، الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائية، إن اختيار فيلم الافتتاح "يُجسد احتفاءً فنياً بالمواهب الإقليمية على الساحة العالمية عبر قصة بطل عربي عالمي تُلهم الأجيال، وتُجسّد الاعتزاز بالهوية"، مؤكداً تنامي حضور المبدعين العرب في الإنتاجات الدولية.

"روائع عربية": بانوراما الأصوات والخيارات الجمالية 

ويفتح برنامج "روائع عربية" نافذة على مشهد عربي نابض ومتنوع، جامعاً أعمالاً تجارية ومستقلة، بعضها حائز جوائز وبعضها في عروضه الأولى إقليمياً.

في هذا الإطار، يقدّم "فلسطين ٣٦" للمخرجة آن ماري جاسر دراما تاريخية تعود إلى عام 1936 وقت الانتداب البريطاني، عبر مصور يوثق لحظات تمرد وواقعاً يتأرجح فيه "يوسف" بين قريته وأجواء القدس المتوترة.

يتناول الفيلم كلفة المواجهة الإنسانية وقرارات الفرد تحت ضغط التاريخ، ويعيد تركيب ذاكرة الثورة العربية الفلسطينية من منظور شخصيات مدنية وعسكرية وريفية وحضرية.

أما "المجهولة" للمخرجة السعودية هيفاء المنصور، فينطلق من عودة "نوال"، المطلقة ذات الـ29 عاماً، إلى بلدتها الصغيرة وانخراطها في وظيفة روتينية بمركز الشرطة لرقمنة الملفات القديمة، قبل أن تهز الجريمة اليومية جمود الروتين: العثور على جثة مراهقة بزي مدرسي، ومن دون هوية.

تبدأ "نوال" تحقيقاً موازياً مستثمرةً معرفتها بالعوالم الخفية للنساء، لتتشابك خيوط شخصيات عدة تبدو كلها على صلة بالجريمة، ويغدو الفيلم تفكيكاً بصرياً لصور نمطية حول المرأة والعنف.

ويأتي "مسألة حياة أو موت" للمخرج أنس باطهف كحكاية حب سعودية غير تقليدية تدور في جدة. تؤمن حياة بلعنة عائلية ستودي بحياتها يوم بلوغها الثلاثين، بينما يعيش جراح القلب الخجول "يوسف" بطئاً في النبض، ولا يجد خلاصه إلا ممسكاً بالمشرط.

تتقاطع مصائر الرغبة بالموت والرغبة المكبوتة، قبل أن يفرض الحب مساراً جديداً يختبر معنى الحياة وجدواها، يستثمر الفيلم جماليات جدة البحرية ليصوغ تأملاً إنسانياً في الصدفة والمصير.

وفي "رهين" للمخرج أمين الأخنش نتابع سطام، الشاب الذي يطارده سوء الحظ، وتفشل محاولاته المتكررة، وعلى وشك خسارة منزله لصالح "أبو عاتق".

يبتكر خطة جريئة للحصول على المال من والده الثري شديد البخل. يُنتج الفيلم بالتعاون بين Telfaz 11 وNetflix، ويقدم مزجاً بين كوميديا الموقف وتشويق الخطة، حيث يختبر البطل حدود الحيلة والعائلة والمسؤولية.

وتستعيد الكوميديا السوداء روح العائلة والطبقات في "جوازة ولا جنازة" للمخرجة أميرة دياب، عبر شخصية تمارا، الأم العزباء المنحدرة من عائلة عريقة متعثرة، والتي تكاد تتزوج من رجل الأعمال الثري حسن الدباح لتأمين مستقبل عائلتها.

قبل الزفاف بأسبوع، يجتمع الجميع في منتجع صحراوي حيث يعود "عمر"، الحبيب القديم والمشرف على ديكور الحفل، ليشعل مشاعر مدفونة. تتصاعد الغيرة والمصالح الخفية في عشاء البروفة، وتبلغ الذروة يوم الزفاف حين تُكتشف جثة تقلب المسار الدرامي رأساً على عقب.

وفي تعليقه على البرنامج، قال أنطوان خليفة، مدير البرنامج السينمائي العربي والكلاسيكي، إن "روائع عربية" هذا العام "يحتفي بصدق وعمق التجربة الإنسانية في المنطقة، ويقدم ثلاثة أفلام سعودية إلى جانب أعمال مميزة من أنحاء العالم العربي، تأكيداً على التنوع الذي تستحقه السينما العربية في المشهد العالمي".

"روائع عالمية": اختيارات مرموقة من حول العالم

ويضم برنامج "روائع عالمية" مجموعة من أبرز إنتاجات العام بأسماء كبيرة ونجوم بارزين، في عروضها الأولى عربياً، تقدم أليس وينوكور فيلم Couture مع أداء لأنجلينا جولي، حيث تتقاطع قصص نساء في أسبوع الموضة بباريس: عارضة جنوب سودانية وحيدة، خياطة تعمل على الفستان الختامي، فنانة مكياج، ومخرجة أميركية توثق العرض قبل أن تتلقى خبر إصابتها بسرطان الثدي.

وتأخذنا ملحمة Desert Warrior للمخرج روبرت ويات إلى الجزيرة العربية في القرن السابع، ترفض الأميرة "هند" أن تكون محظيّة للإمبراطور الساساني "كسرى"، وتهرب مع والدها الملك "النعمان" عبر الصحراء مطاردةً بميليشيات العدو، يجبرهما الخطر على الثقة بقطاع طرق غامضين، لتتوحد القبائل لاحقاً في مواجهة الغزو في معركة ذي قار.

ويرصد الوثائقي Farruquito, a Flamenco Dynasty إخراج سانتي أجوادو وروبن آتلِس مسيرة أحد ألمع راقصي الفلامنكو في جيله، يقبض على الجماهير في العشرين من عمره، لكنه يطارد ظل عائلته وحادث مأساوي أدى إلى وفاة أحد المشاة ودخوله السجن.

أما Scarlet للمخرج مامورو هوسودا، فيأتي كملحمة رسوم متحركة مستوحاة من "هاملت"، تتعهد أميرة من العصور الوسطى بالانتقام لمقتل والدها على يد عمها الطماع، لكنها تسمم وتدفع إلى عالم انتقالي ينهار فيه مفهوم الزمن.

ويقدّم أوليفييه أساياس The Wizard of the Kremlin بعمل سياسي/كوميديا سوداء يعود إلى سنوات أواخر الاتحاد السوفييتي وبدايات الاتحاد الروسي، يقود بول دانو التمثيل مجسداً "فاديم بارانوف"، المستشار الإعلامي وصانع الملوك في الكرملين، مع جود لو في دور "فلاديمير بوتين".

وأكدت فين هاليجان، مديرة البرنامج السينمائي الدولي، أن "روائع عالمية" يجسّد رؤية المهرجان في "الاحتفاء بروائع الفن السابع وتعزيز التبادل الثقافي"، آخذاً الجمهور في رحلة "من الجزيرة العربية في القرن السابع، مروراً بسحر العصور الوسطى، وصولاً إلى نبض العالم الراهن".

المسابقة الرسمية: سباق "اليسر" 

وأعلن المهرجان كذلك قائمة الأفلام الطويلة في المسابقة الرسمية التي تتنافس على "جوائز اليسر"، محتفيةً بتعدد الأشكال: روائي، وثائقي، وتحريك، مع حضور لافت للأعمال المدعومة عبر منظومة مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، وبينها الممثل السعودي في الأوسكار "هجرة" للمخرجة شهد أمين، والممثل اللبناني في الأوسكار "نجوم الأمل والألم"  للمخرج سيريل عريس، تتقدم القائمة بأعمال من السعودية والعالم العربي وآسيا وأفريقيا.

يفتح Lost Land للمخرج أكيو فوجيموتو نافذة إنسانية هادئة على رحلة شقيقين روهينجيين يفرّان من الاضطهاد في ميانمار نحو ماليزيا بحراً وبراً.

يعتمد الفيلم على أداء ممثلين غير محترفين عاش معظمهم تجربة اللجوء، مقدّماً سينما قريبة من الجسد والواقع، حيث سؤال "الوطن" يتبدى شحيحاً كالماء.

وتعود شيرين دعيبس في "اللي باقي منك" بدراما عائلية آسرة تتتبّع ثلاثة أجيال من الفلسطينيين من 1948 حتى 2022: جد وأب وابن، عبر لحظات حميمة من الفرح والفكاهة، يعيد الفيلم وصل ما انقطع بفعل النكبة ومضاعفاتها، مسائلاً ذاكرة المكان وهشاشة الروابط تحت ضغط التهجير وصدماته.

يستعير محمد جبارة الدراجي من الميثولوجيا لبناء واقع بغداد المعاصر في "إركالا حلم جلجامش"، "شم شم" ذو التسع سنوات وصديقه "مودي" يسيران في قسوة الشوارع، قبل أن تلهمهما "مريم"، صاحبة مدرسة متنقلة، أسطورة جلجامش.

ومن الصومال يقدّم محمد شيخ Barni؛ اختفاء فتاة في التاسعة بعد حفل زفاف يدفع شقيقتها الكبرى إلى رحلة بحث جريئة، يحول الفيلم المأساة إلى احتفاء بالشجاعة والولاء والإنسانية، مكتشفاً في التماسك العائلي درباً لمقاومة الفقد والخوف.

ويعود أبوبكر شوقي بفيلم "قصص"، حيث تنمو صداقة بالمراسلة بين "أحمد" و"ليز" منذ 1967، وتقاوم شكوك العائلة وتقلبات الحرب والمجتمع، العمل تحية نابضة لمصر عبر قصة حب تمتحنها المسافات والأزمنة، وتستخرج من الرسائل المتبادلة بورتريهاً لبراءة جيل وطموحه.

من كوريا الجنوبية، يقترح يون جا-أون The World Of Love ببصيرة رقيقة في تعافي المراهقة من جروح عاطفية عميقة، تستعيد البطلة قصتها الخاصة بهدوء وشجاعة، وتقدم تشانغ هاي-جين أداءً لافتاً في دور الأم، حيث الحنان يُكتَب بوصفه سياسةً يومية للبقاء.

وتوقّع زين دريعي "غرق"، فيلماً حميماً عن امرأة خلف واجهة حياة مثالية، تكافح زواجاً مضطرباً وهويةً تتداعى. علاقتها المعقدة بابنها العبقري المنعزل الذي تتدهور حالته النفسية تدفعها إلى مواجهة الذات والواجب، وتحفر في معنى الأمومة والحب غير المشروط.

وفي Roqaia ليانيس كوسّيم نعود إلى الجزائر عام 1993. حادث يفقد "أحمد" ذاكرته؛ زوّار ليليون يهمسون بلغة مجهولة؛ "راقٍ" مُسنّ من دون سبابة ويد ترتجف منذرة بالسوء، تصعد الحكاية بجرعات ميتافيزيقية، حيث العنف غير المبرر يهدد بإطلاق شر قديم، وتصبح اللغة نفسها حجاباً بين الواقع وما وراءه.

يعبر Nighttime Sounds للمخرج الصيني زانج زونجشِن التخوم بين الواقعية الاجتماعية والشعر السريالي، مستكشفاً الرغبات المدفونة وصرخات الحرية لدى نساء الريف الصيني، الذاكرة والشوق يتوارثها جيل بعد جيل، وتصبح العتمة وسيطاً سمعياً لبوح لا يجد مكانه في النهار.

ويقدّم زافين نجّار عبر التحريك Allah is Not Obliged اقتباساً جريئاُ لرواية أحمدو كوروما. "بيراهيما" فتى يتيم ينجرف إلى فوضى حرب أهلية بين الفصائل والخرافات والدين، يصبح جندياً طفلاً وصانع تمائم. الرسوم هنا ليست زينة، بل لغةٌ تُحاور العنف وتجعله منظوراً، كي لا يفلت من المساءلة.

وتسافر شهد أمين في "هجرة" بين الطائف ومكة وثماني مدن سعودية أخرى، عبر رحلة جدّة وحفيدتيها التي تتحول إلى سعي روحي عميق، يضيء الروابط الثقافية بين النساء السعوديات، ويستكشف نسيج المكان والتقاليد بلغة بصرية حميمة. العمل يمثّل السعودية في الأوسكار هذا العام ضمن قائمة مدعومة من مؤسسة البحر الأحمر.

ويأتي "يونان" للمخرج أمير فخر الدين كفاعل بصري حول رجل يلوذ بجزيرة نائية لإعادة التفكير في قرار مصيري، تذيب أفعال اللطف شكوكه، وتشتعل رغبته في الحياة من جديد. يضع الفيلم الغربة والذاكرة في مواجهة مباشرة مع صورة البحر والسكون، من دون أن يفقد سخونته الوجدانية.

ويقدّم شو مياكي Two Seasons, Two Strangers لعبةً سردية عن كاتبة كورية تائهة في اليابان تتخيل حكاية شاطئية. نرى فيلماً داخل فيلم يعكس رحلتها العاطفية في العثور على صوتها، ويكثّف المعنى في التفاصيل اليومية وصمت التحول.

ويتموضع Black Rabbit, White Rabbit لِشهرام موكري كتجربة متعددة الطبقات: "سارة" ضحية حادث مريب؛ فيلم داخل فيلم؛ إعادة إنتاج لفيلم إيراني كلاسيكي في طاجيكستان؛ سلاح "إكسسوار" يقلق صانعه؛ وممثلة تبحث عن انطلاقتها. تتشابك المستويات لطرح سؤال واقعي: أين يبدأ التمثيل؟ وأين ينتهي الواقع؟

ومن لبنان، يقدّم سيريل عريس "نجوم الأمل والألم" عن رابط كوني يتشكل منذ الطفولة بين "نينو" و"ياسمينة"، يجمعهما القدر بعد 24 عاماً، في حكاية عن الشوق والحب والمصير، حيث الخسارات المؤجلة تصنع معجماً جديداً للنجاة.

ويُتوّج الخط الوثائقي بفيلم Track Mama لزيبي نيروبي، متابعاً "إيفا"، أماً عزباء تقود شاحنة عبر طرق خطرة لإعالة أسرتها، بين رحلات طويلة من كينيا إلى السودان واتصالات متقطعة بأطفالها وتحديات يومية، يقدم الفيلم تحيةً لشجاعة الأمهات اللواتي يشققن طريقهن في عالم يهيمن عليه الرجال.

في تعليقه على الاختيارات، قال أنطوان خليفة إن المهرجان "يوسع آفاق ما يمكن أن تمثله السينما العربية من رؤى وتجارب"، فيما لفتت فين هاليجان إلى أن الموضوعات الإنسانية المشتركة "تعبّر عن الضياع والاكتشاف"، من الفتاة المفقودة في Barni إلى معاناة الروهينجا في Lost Land، مع مشاركة أولى لفيلم كوري وأعمال من الصين وطاجيكستان وكينيا، بما يعكس التزام المهرجان بالحوار الثقافي بين الشرق والغرب.

بهذه الحصيلة، يرسّخ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي موقع جدة التاريخية كمنصة إقليمية ذات أثر عالمي، تجمع بين سرديات محلية طازجة وأفق كوني رحب. من «العملاق» وما يحمله من اعتزاز بالهوية العربية في سياق عالمي، إلى فسيفساء «روائع عربية» و«روائع عالمية» وقائمة المسابقة الرسمية المتنوعة، تَعِدُ الدورة الخامسة بفصلٍ جديد للسينما العربية، حيث تتجاور المغامرة الفنية مع الصنعة، وتلتقي الحكايات عند نقطة ضوء واحدة: شاشة تُرى منها إنسانيتنا على اتساعها.

تصنيفات

قصص قد تهمك