"أميرة".. دراما البحث عن الهوية والحرية في مهرجان فينيسيا السينمائي

تارا عبود في مشهد من فيلم "أميرة". - المكتب الإعلامي للشركة المنتجة
تارا عبود في مشهد من فيلم "أميرة". - المكتب الإعلامي للشركة المنتجة
فينيسيا-محمد عبد الجليل

ضمن مسابقة آفاق في الدورة الثامنة والسبعين لمهرجان فينيسيا السينمائي، عرض الفيلم المصري "أميرة" للمخرج محمد دياب، والذي قوبل باحتفاء كبير من جمهور المهرجان الذي يعقد فعالياته وسط إجراءات احترازية مشددة في ظل جائحة كورونا. 

الفيلم الذي شارك الأردن في إنتاجه، حصل على تمويل من صندوق البحر الأحمر السينمائي، وقام ببطولته صبا مبارك، وعلي سليمان، وتارا عبود، من تأليف الثلاثي شيرين وخالد ومحمد دياب، وإخراج محمد دياب. 

قدم الفيلم رؤية جديدة من منظور مختلف للقضية الفلسطينية، عبر قصة فتاة تدعى "أميرة" ولدت عبر عملية تلقيح صناعي، بعد تهريب السائل المنوي من والدها المعتقل في السجون الإسرائيلية، ثم تحدث مفارقة تجعلها تدخل في رحلة شاقة للبحث عن هويتها.

صبا مبارك وتارا عبود في مشهد من فيلم
صبا مبارك وتارا عبود في مشهد من فيلم "أميرة" - المكتب الإعلامي للشركة المنتجة

مأساة وبطولة

المخرج محمد دياب الذي اعتاد في فيلميه السابقين "678"، و"اشتباك" أن يقتحم مناطق مثيرة للجدل، قال لـ"الشرق": "فكرة الفيلم جاءتني عام 2015 حين قرأت أخباراً عن كيفية إنجاب المساجين الفلسطينين من خلال تهريب النطف، فجلست أفكر مع نفسي عن حياتهم وعن دوافع ذلك؟، هذه قصة مأساة وفي نفس الوقت بطولة، هؤلاء الناس يقولون بهذا التصرف، نحن على قيد الحياة لا يوجد شيء يميتنا".

وأضاف دياب: "لكن أنا كرجل دراما جلست أفكر في حياة السجين والأسير الذي قام بذلك، ما شكلها؟ وحياة زوجته؟ وحياة ابنه أو ابنته ماذا ستكون؟، وعلى الرغم من أن هذه القصة واقعية، وحدث حتى الآن أن أكثر من 100 طفل ولدوا بهذه الطريقة، ويعتبره الفلسطينيون رمزاً للكفاح، إلا أننا نطرح الموضوع في الفيلم بطريقة خيالية بعض الشيء، وكتبنا ذلك في نهاية الفيلم".

طرح مختلف

سبق  للفنانة الأردنية صبا مبارك أن قدمت عدة أعمال تليفزيونية وسينمائية عن القضية الفلسطينية، لكنها تعتبر هذا العمل غير تقليدي: "هذا المشروع مختلف في طرحه للقضية الفلسطينية، إذ لم يقدمها من منطلق ميلودرامي ولا عاطفي مجرد، وحتى وإن كانت هناك عواطف فهي هادئة، حتى تترك عند المتلقي المجال لأنّ يكوّن انطباعاً ووجهة نظر".

وأضافت صبا لـ"الشرق": "الشخصية التي قدمتها لم يسبق لي أن قدمت مثلها من قبل، هي شخصية نادرة، ولا أتخيل أن هناك موقفاً صعباً يمكن أن تمر به أي أم أكثر من الذي مرت به (ورد) في الفيلم، امرأة تجد ابنتها تضيع منها في كل الأحوال، ولا تعلم ماذا تفعل، تعيش حياتها كلها متزوجة على الورق فقط، ولا يسمح لها حتى بأبسط الحقوق، وهو أن تبكي حين تشعر بالحزن أو الغضب، ماساة كبيرة ومشاعر متضاربة أرهقتني كثيراً".

مشهد من فيلم
مشهد من فيلم "أميرة" - المكتب الإعلامي للشركة المنتجة

معاناة مستمرة

الفنان الفلسطيني علي سليمان، والذي يقدم الشخصية الرئيسية في الفيلم "نوار" اعتبر أن إقدام المخرج محمد دياب وهو مصري، على تقديم عمل عن القضية الفلسطينية أمر يحسب له، خاصة أن الأمر لم يكن سهلاً في الإعداد والإلمام بالتفاصيل الخاصة بمجتمع لم يعش فيه من قبل، لافتاً إلى نجاح دياب في دراسة هذا المجتمع بكل جوانبه وقدمه بصورة حقيقية وصادقة، على حد تعبيره. 

وأضاف سليمان لـ"الشرق": "المعاناة الفلسطينية تختلف وتتنوع، ومن الممكن أن أذكر أكثر من 100 ألف نوع معاناة فلسطينية يومياً، وكل واحدة لا تُشبه الأخرى، ولكن تبقى في إطار المعاناة تحت الاحتلال والقمع الصهيوني، أنا على دراية بأن هناك مساجين يحاولون الهروب كنوع من كسر القيود وكتحقيق نصر معين، ولكن بطل الفيلم اختار أن يحرر جزءاً منه في صورة ابنته التي تولد وهو داخل السجن، وكأنه يتحرر في صورتها، وباعتقادي استطعنا أن نقول للعالم إن هذا السجين المحاصر بكل أنواع الحديد الموجودة في الكون، ما استطاعت أن تقيده القيد التام أو أن تمنعه من الحياة".

المرة الأولى

ويقدم فيلم "أميرة" الممثلة الشابة تارا عبود، في أول عمل سينمائي لها، مجسدة شخصية "أميرة" في رحلة بحثها عن ذاتها وهويتها، إذ قالت: "القراءة الأولى للسيناريو، كانت أهم لحظة بالنسبة لي، فشعرت بحالة جنون عندما قرأته كون الشخصية تشبهني لدرجة كبيرة جداً، هناك تغييرات بالشخصية وهناك مشاعر كثيرة مختلفة، هناك حزن وغضب وسعادة، هناك أحداث وتقلبات كثيرة تمر بها الشخصية، فشعرت بحالة غرام منذ القراءة الأولى، وشعرت بالامتنان لصبا مبارك لأنها التي رشحتني للعمل بعد مشاركتي معها في مسلسل (عبور) العام الماضي".

جولة في المهرجانات

وقالت المنتجة المشاركة في العمل سارة جوهر: "(أميرة) هو ثالث فيلم أتعاون فيه مع المخرج محمد دياب، وأعتقد أننا نستغرق وقتاً طويلاً لتطوير الفكرة، أحياناً تكون لدينا فكرة ونتحمس لها بشكلٍ كبير، أول يوم وأول أسبوع، وبعد فترة قد تجد علاقتك بالموضوع أو القصة ليست جيدة كما كنت تتخيل، لكن نعتبر أنفسنا محظوظين كوننا نجد موضوعاً قريباً من قلوبنا من حين لآخر، وإنسانياً جداً، فنسعى لاستثمار وقتنا فيه ونطور الفكرة والوصول لأفضل نسخة من القصة، وهذا ما حدث مع (أميرة)".

الفيلم الذي توقع له عدد من النقاد أن يحصل على جائزة في المهرجان، ينتظر أيضاً أن تكون محطته المقبلة في مهرجان الجونة السينمائي، ثم بعد ذلك في الدورة الافتتاحية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات