حظي مسلسل "البحث عن علا"، للممثلة هند صبري، باهتمامٍ كبير من الجمهور العربي، خلال الأيام القليلة الماضية، منذ طرحه عبر منصة "نتفليكس"، إذ تصدر محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي في بعض الدول.
وتفاوتت آراء الجمهور، تجاه "البحث عن علا"، إذ يرى البعض بأن العمل في نسخته الجديدة لا يمثل شخصية "علا عبد الصبور" التي قدمتها هند صبري قبل 12 عاماً في مسلسل "عايزة أتجوز"، بينما أشاد به البعض الآخر، مُعتبرين أنه يناقش قضايا اجتماعية مهمة.
ويناقش "البحث عن علا"، قضايا متنوعة عدّة، منها علاقات الآباء والأبناء، والصداقات، والفرص الثانية ورحلة البحث عن الذات، وذلك في إطار اجتماعي كوميدي.
وإلى جانب هند صبري، فالمسلسل من بطولة سوسن بدر، وهاني عادل، وندى موسى، ومحمود الليثي، ولطيفة فهمي، وداليا شوقي، وياسمينا العبد، وأيسل رمزي، وعمر شريف، وعدد من ضيوف الشرف، أبرزهم خالد النبوي وفتحي عبد الوهاب.
"صبغة غربية"
ويرى قطاع من الجمهور، أنّ مسلسل "البحث عن علا" تخلّص من صبغته الشرقية والعربية، كما تمردت "علا عبد الصبور" من أغلب صفاتها وحياتها القديمة، التي ارتبط بها المشاهدون منذ أكثر من عقد كامل.
وقال أحد المتابعين إن "نتفليكس أهدرت طابع المسلسلات العربية، وكأن العمل يُشبه محتوى فنياً أميركياً، لكونه يحمل أفكار المجتمع الغربي بشكلٍ كبير".
وأبدى أحد المتابعين، استياءه الشديد من فكرة تداول المشروبات الكحولية والرقص بشكلٍ اعتيادي داخل أحداث العمل، رغم أنه لا يتناسب مع طبيعة المجتمع الشرقي، متهماً إياه بالتحريض على الطلاق.
وأظهر البعض مدى اشتياقهم الشديد لشخصية "علا" الصيدلانية وأسرتها البسيطة التي تتمتع بخفة الظل، واعتبر آخر أن "علا عبد الصبور تأثرت بالرأسمالية"، وكتب قائلاً إنه لم يستطع استكمال الحلقة الأولى، حتى لا تخرب صورة علا عبد الصبور بطلة مسلسل "عايزة أتجوز".
وتعتبر إحدى المشاهدات، أن "علا" وأسرتها اُنتزعوا من الطبقة المتوسطة بلا مبرر، قائلة: "كنا في حاجة إلى علا، التي تنتمي للأغلبية من الطبقة المتوسطة، ووالدها الموظف البسيط، ووالدتها التي تتعامل بفضولٍ شديد تجاه المحيطين بها".
"مفاهيم خاطئة"
ووجه البعض، اتهامات للعمل، بأنه يروج لمفاهيم اجتماعية خاطئة، خصوصاً في ما يتعلق بالمطلقة، والتصرفات غير الناضجة التي تُقبل عليها بعد الانفصال، مُعتبرين أن المسلسل لا يعبر عن هذه الفئة تماماً.
وانتقد متابع آخر سلوكيات "علا" ووالدتها، من خلع الحجاب، والبحث عن علاقات للزواج داخل السوبر ماركت، وتعلم الرقص، وغيرها. ووصفه البعض بقوله: "مسلسل أميركي من إنتاج نتفليكس، حيث الطلاق أمر عادي.. والتحدث بالإنجليزية هي الأساس، والأم لا تعرف شيئاً عن ابنتها".
وتساءلت أخرى، عن حجم التغيير الذي طرأ على الشخصية المصرية، من تهجير اللغة العربية والاعتماد على الإنجليزية، وتناول الخمور وكأنها مثل الشاي والقهوة، وارتداء ملابس قد تكون استفزازية للبعض.
"ترفيهي خفيف"
وعلى الجانب الآخر، أشاد قطاع من الجمهور، بمسلسل "البحث عن علا" وتطور شخصيتها، خصوصاً أنها تعود للمشاهد بعد 13 عاماً من الغياب. وحظي صناع العمل بإشادات واسعة، خصوصاً هند صبري والكاتبة غادة عبد العال والسيناريست مها الوزير، لكونه "ناقش مواضيع مختلفة مكتوبة بطريقة سلسلة ومريحة".
وأشار عدد كبير من المتابعين، إلى أنهم أنهوا المسلسل في جلسة واحدة، واصفين إياه بـ"العمل الكوميدي الخفيف واللطيف، والهادف أيضاً".
ورأى البعض أن "العمل يسلط الضوء على المرأة وضرورة استقلاليتها، وضرورة أن تحب نفسها، وتهتم بها ولا تعتمد على أحد، وأن تستعمل صوتها بلا خوف، كما يسلط الضوء على كيفية الاهتمام والتعامل مع الأولاد".
وقالت متابعة إنّ "المسلسل يبين الحرب التي يجب على المرأة خوضها بعد حصولها على الطلاق، فهي لا تواجه الأبناء ومسؤولياتهم فقط، بل تواجه مجتمعاً بأكمله يطالبها بالاعتماد على نفسها، وتقوم بجميع الواجبات الأسرية، إضافة إلى إرضاء الأم التي تسعى لعودة ابنتها للحياة الزوجية، فالمرأة المنفصلة يجب أن تكون أماً مثالية، تقوم بدور الأب والأم معاً، وأن تكون ناجحة في عملها، ومطيعة لوالدتها، وأن تثبت للمجتمع بأنها كفء لذلك كله".
عمل فني مستقل
وكانت الفنانة هند صبري، قالت في تصريحات سابقة لـ"الشرق" إن "البحث عن علا"، مشروع درامي مستقل عن "عايزة أتجوز" (إنتاج 2010).
وأضافت أن المسلسل الجديد يرصد حجم التغيرات التي طرأت على شخصية "علا عبد الصبور" بعد مرور 12 عاماً من ظهورها الأول في "عايزة أتجوز".
وتابعت قائلة: "الجمهور سيشعر بحجم التغيير الذي طرأ على شخصية علا، فهي لم تعد الفتاة المرحة التي تجلس في المنزل وتبحث عن عريس، لكن أصبح لديها أطفال ومسؤوليات".
شخصيات حقيقية
وأعربت الكاتبة عادة عبد العال، مؤلفة "البحث عن علا"، عن سعادتها البالغة لتفاعل الجمهور مع أحداث العمل بتفاصيله كافة، قائلة إنّ "تفاعل الجمهور مع المسلسل ودخولهم في نقاشات واسعة عبر مواقع التواصل، ربما يأتي لقلة عدد المسلسلات الاجتماعية التي يشاهد فيها المتلقي أزماته الحياتية".
وقالت غادة لـ"الشرق"، إنّ المسلسل يناقش قضايا اجتماعية عدة، وليست قاصرة على الطلاق فحسب، مثل البحث عن الذات، وكيفية تعايش الأجيال المختلفة مع بعضهم البعض، كما يطرح قضايا المرأة بشكلٍ متوازن "بلا صعبانيات ولا صياح".
وأشارت إلى بعض الانتقادات التي وُجهت للعمل، بخصوص تمرد هند صبري على الطبقة المتوسطة، موضحة أنّ "الجمهور كان لديه تصور بأن علا عبد الصبور ستظل كما هي، ولن تخرج من البيئة التي كانت تعيش فيها، لذلك أصابتهم الدهشة من انتقالها لمستوى اجتماعي جديد".
وأبدت مؤلفة المسلسل دهشتها، من اتهامات قطاع من الجمهور بأن العمل ليس واقعياً، وقالت: "حولي الكثير من الناس مروا بأمورٍ مشابهة، كما أنني استوحيت الأحداث من شخصيات حقيقية بالمجتمع".
المخرج هادي الباجوري، يعتبر تفاعل الجمهور مع المسلسل، بمنزلة نجاح كبير للعمل، وقال لـ"الشرق"، إن "هذا المشروع الفني نجح في توصيل رسالته إلى كل القطاعات".
وعن انتقادات البعض للفنانة هند صبري، بعد ظهورها ببذلة رقص في الحلقة الأخيرة، قال إن "كل شخص حر، فهناك شخصيات دائماً ما تنتقد بشكلٍ عام، وأقول لهؤلاء: أنتم أحرار.. انقدوا".