الأزهر يدخل على خط أزمة "فاتن أمل حربي".. وأسرة العمل تلتزم الصمت

مشهد من مسلسل "فاتن أمل حربي" - المكتب الإعلامي لمنصة شاهد
مشهد من مسلسل "فاتن أمل حربي" - المكتب الإعلامي لمنصة شاهد
القاهرة-خيري الكمار

أثار مسلسل "فاتن أمل حربي" حالة جدلية واسعة، شملت بجانب وسائل التواصل الاجتماعي، مؤسسات رسمية عدّة، أبرزها مركز الأزهر العالمي للفتوى، ومجلس النواب، والمركز القومي للمرأة، إذ أبدى كلّ منهم موقفه تجاه الإشكاليات الموجودة داخل العمل.

وفي الوقت نفسه التزمت أسرة المسلسل الصمت عقب الهجوم على مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر المؤسسات المختلفة، ولم يصدر بيان أو تعليق واحد من أي طرف بالعمل حتى كتابة هذه الأسطر.

وتدور أحداث العمل، الذي يعرض ضمن موسم دراما رمضان، حول "فاتن" بعد طلاقها من "طارق" واستحالة الاستمرار سوياً، ورغم محاولت إقناعها بفتح صفحة جديدة إلا أنها ترفض، وتجد نفسها في مواجهة قانون، قد يحرمها من حقوقها وأبنائها إذا تزوجت من آخر، لتقرر بعد معاناة مع طليقها التصدي لتغيير هذا القانون المجحف لتحتضن أبنائها.

المسلسل بطولة نيللي كريم، وشريف سلامة، وخالد سرحان، ومحمد الشرنوبي، وهالة صدقي وفادية عبد الغني، وهو من تأليف إبراهيم عيسى، وإخراج ماندو العدل، وإنتاج جمال العدل.

"تهديد السلم الاجتماعي"

واستنكر مركز الأزهر العالمي للفتوى، صيغة الخطاب الديني وتشويه صورة الشيوخ في مسلسل "فاتن أمل حربي"، مُشدداً عل ضرورة دعم "الإبداع المُستنير الواعي"، دون السماح بـ"الاستهزاء بهدم مكانة السُّنة النبوية، وإذكاء الأفكار المتطرفة، وتشويه صورة عالِم الدّين في المجتمع".

وقال مركز الأزهر للفتوى في بيان، إنّ "تشويه المفاهيم الدينية، والقِيم الأخلاقية؛ بهدف إثارة الجَدَل، وزيادة الشُّهرة والمُشاهدات؛ أنانيَّة ونفعيَّة بغيضة، تعود آثارها السَّلبية على استقامة المُجتمع، وانضباطه، وسَلامه، ولا عِلم فيها، ولا فنّ".

ويرى أن "تعمُّد تقديم عالِم الدّين الإسلامي بعمامته الأزهرية البيضاء في صورة الجاهل، معدوم المروءة، دنيء النَّفس، عَيِيّ اللسان، في بعض الأعمال الفنيّة؛ تنمُّرٌ مُستنكَر، وتشويه مقصود مرفوض، لا ينال من العلماء بقدر ما ينال من مُنتقصيهم".

وأكد أنّ "الاستهزاء بآيات القرآن الكريم، وتحريف معانيها عمّا وُضِعت له عمداً، وعَرْض تفسيرات خاطئة لها على أنها صحيحة، جريمة كُبرى، بكل معايير الدين والعلم والمهنية، وتَنكّرٌ صارخ للمُسلَّمات".

ونبّه بأنّ "الشحن السَّلبي المُمنهج في بعض الأعمال الفنيّة تجاه الدّين؛ بنسبة كل المعاناة والإشكالات المُجتمعية إلى تعاليمه ونُصوصه؛ تحيزٌ واضح ضدّه، واتهام له بضيق الأفق والقُصور، ونذير خطر، يؤذن بتطرف بغيض فيه أو ضدّه، ويهدّد الأمن الفكري والسِّلم المجتمعي".

وأشار إلى أنّ "الإسلام أعطى الأمَ حقَّ حضانة أولادها عند وقوع الانفصال، حتى يستغنوا عنها إذا لم يكن عارض أو مانع من الحضانة، ولا ينبغي مطلقاً أن يكون الطفل بين يدي والديه أداة ضغط أو دليلَ انتصارٍ مُتوَهَّم".

"مشاعر إنسانية "

وقال المخرج مجدي أحمد علي لـ"الشرق"، إن "الكاتب إبراهيم عيسى استعان بمستشايين دينيين، وقانونيين واجتماعيين، ذوي خبرة واسعة، أبرزهم الدكتور سعد الدين هلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الذي أبدى موافقته على تمرير كل كلمة متعلقة بالدين داخل العمل.

وأضاف أن "إبراز الجانب الإنساني في حياة رجال الدين، يكون لصالحهم ويرفع من محبتهم عند الجمهور".

وأشار إلى أن إبراهيم عيسى، يُقدم صورة رجال الدين بطريقة واحدة في أعماله الفنية، وسبق أن قدّمها بنفس الشكل في فيلم "مولانا".

وعلّق الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد، على بيان مركز الأزهر للفتوى، قائلاً إنّ: "هناك مؤسسات عدة تتعامل مع الفن باعتباره تربية وليس متعة، منذ فترة الخمسينيات، لذلك لست مندهشاً من بيان الأزهر"، مشيراً إلى وقائع احتجاج بعض النقابات المهنية والعمالية تجاه أعمالٍ فنية تناولت صورتها بشكلٍ لا يليق "لا أحد يفكر أن ذلك مجرد تمثيل وليس إسقاط على وضع معين".

وتابع أن "في كل فئة عادة الأخيار والأشرار، فإذا ظهر كل الممثلين طيبين أو عاقلين أو أخيار، لن تكون هناك دراما، سينتهي الفيلم أو المسلسل بعد أول مشهد، وسيشرب الممثلون الشاي وينصرفون فلا صراع بينهم".

وسخر من التعامل مع الفن بهذه الصورة، قائلاً: "في تلك الحالة، لن يكون أمامنا سوى أعمال خالية من الممثلين، وتظهر الشاشة بيضاء لمدة نصف ساعة، ونكون بذلك طورنا الصناعة أحسن تطوير".

بيان "معتدل "

وفي المقابل، أيّد الناقد سيد محمود بيان الأزهر، مبرراً أن "سعد الدين الهلالي راجع الحلقات من منظوره الفقهي الخاص، وجرى اختياره في المسلسل كونه أكثر الشخصيات تحرراً مع السنة، كما أنه لم يشاهد الحلقات بعد تصويرها، إذ هناك رغبة في تجهيل علماء الأزهر".

وقال سيد محمود، لـ"الشرق" إنّ "المسلسل قدّم تفسيراً خاطئاَ لبعض الآيات القرآنية، وكأنها وضعت عمداً لإثارة الجدل".

"الولاية التعليمية"

وتجاوب المجلس القومي للمرأة، مع أولى حلقات مسلسل "فاتن أمل حربي"، لاسيما مشهد معاناة نيللي كريم مع حضانة بناتها التعليمية، بعد انفصالها رسمياً، ومحاولات الأب لنقلهم إلى مدرسة أخرى قريبة منه.

وقال المجلس، في بيانٍ رسمي، إنّ "القانون نص على أنّ التعليم حق لجميع الأطفال بمدارس الدولة بالمجان، وتكون الولاية التعليمية على الطفل للحاضن، كما أن وزارة التربية والتعليم أصدرت كتاباً دورياً رقم 1 لسنة 2008، يُلزم الأب بتحويل نجله إلى أقرب مدرسة لمسكن الأم الحاضنة، طالما أن التلميذ مازال في سن الحضانة".

وأفاد أنه وفقاً للكتاب الدوري رقم 79 لسنة 2017 "يُتيح للمطلقة الحق في الولاية التعليمية دون اللجوء إلى المحكمة".

مقترح برلماني

كما أثار الجدل مشهد نيللي كريم في الحلقة الثالثة من المسلسل، والذي تم فيه منعها من الإقامة في أحد الفنادق، برفقة صغارها، نظراً لعدم وجود زوجها معها، رغم أنها مطلقة.

ومن جهتها، تقدمت النائبة فاطمة سليم، عضو مجلس النواب المصري، بمقترح إلى الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، يسمح للسيدات دون سن الأربعين بالإقامة في الفنادق دون محرم.

وترى البرلمانية، أن "القرارات السارية حالياً مخالفة لنصوص الدستور، وتُعتبر تميزاً واضحاً وصريحاً ضد المرأة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات