مخرجة "فرحة": قصة الفيلم حقيقية.. وأرفض مصطلح "سينما المرأة"

مشهد من فيلم "فرحة" للمخرجة الفلسطينية دارين سلام- - المكتب الإعلامي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي
مشهد من فيلم "فرحة" للمخرجة الفلسطينية دارين سلام- - المكتب الإعلامي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي
عمان-محمد عبد الجليل

أعربت المخرجة الأردنية من أصل فلسطيني دارين سلام، عن سعادتها البالغة بردود فعل الجمهور، حول فيلمها "فرحة"، المشارك في الدورة الثالثة لـ"مهرجان عمّان السينمائي الدولي" والتي تختتم في 27 يوليو.

وقالت دارين سلام لـ"الشرق"، إن الجمهور بالأردن "كان متشوقاً لمشاهدة هذا العمل منذ فترة طويلة، لا سيما العائلات أصحاب الجذور الفلسطينية، إذ تفاعلوا مع قصة الفتاة واعتبروا البطلة بمكانة ابنتهم".

ويدور الفيلم المستوحى من أحداث حقيقية، حول فتاة تبلغ من العمر 12 عاماً، كانت تعيش طفولة هادئة قبل أن تنقلب حياتها رأساً على عقب بعد أحداث النكبة عام 1948 وتتجرد من كل حقوقها كطفلة، وتضطر كباقى أفراد جيلها إلى تذوق مرارة الرعب والخوف المتكرر، نتيجة حبسها في غرفة صغيرة لتخزين الطعام أثناء الأحداث، لتظل لعدة أيام سجينة في تلك الغرفة الضيقة المظلمة.

"فرحة"، من بطولة كرم الطاهر، وأشرف برهوم، وعلي سليمان، ومجد عيد، وتالا قموة، وسميرة الأسير، وتأليف وإخراج دارين سلام، وجرى تصويره في مدن عمّان وعجلون والبلقاء.

وحصد الفيلم، جوائز عدة من مختلف المهرجانات، أبرزها "البحر الأحمر السينمائي" في السعودية، و"أسوان الدولي لأفلام المرأة" في مصر، و"مالمو للسينما العربية" في السويد.

قصة حقيقية 

المخرجة دارين سلام، استعرضت خلال حديثها لـ"الشرق"، رحلتها مع صناعة فيلم "فرحة"، مؤكدة أنه مستوحى من أحداث حقيقية، إذ قالت: "الفتاة التي تعرضت لتلك النكبة تدعى رضية، ونجحت في الفرار والاستقرار بالأردن، حيث التقت بوالدتي عندما كانت صغيرة، وقصت لها حكايتها، وظلت عالقة في ذهنها، حتى كبرت وتزوجت وأنجبتني، وروت علي القصة أيضاً، وتأثرت بها لدرجة كبيرة، خاصة وأنني أخاف من الأماكن المغلقة، وبقيت معي بمرور السنوات".

وتابعت: "بعدما أصبحت صانعة أفلام، وقدمت عدة أفلام قصيرة، قررت تقديم قصة هذه الفتاة، في فيلمٍ روائي طويل، وكان ذلك بمثابة تحدّ كبير بالنسبة لي، خاصة وأنّ غالبية الأحداث تدور داخل غرفة مغلقة".

وأشارت إلى أنها كتبت معالجة للفيلم مكونة من 8 صفحات عام 2011، إلا أن التحضيرات للمشروع توقفت لانشغالها بمشاريع أخرى بخلاف دراستها.

وأوضحت أنها انتهت من كتابة النسخة الأولى من السيناريو عام 2016، متابعة "كانت أغلب الأحداث داخل الغرفة، إلى أن قررت تطوير القصة والخروج قليلاً  من الغرفة، حتى يطلع المشاهد على الحياة في فلسطين آنذاك، وأبرز علاقتها بوالدها، وحجم ثقافتها، وطموحها في التعليم وغيره".

وأشارت إلى أنّها شاركت بالسيناريو في مهرجان دبي السينمائي بدورته الـ13، عام 2016 وحصد الفيلم حينها جائزة "وزارة الداخلية للسينما"، وجائزة أخرى من إحدى الشبكات التليفزيونية العربية، وقالت إنها شعرت أن  ذلك "مؤشر جيد لاستكمال المشروع وخروجه للنور على مستوى عالٍ من التميز".

وأرجعت عدم استعانتها بمؤلف وتولي مهمة كتابة الفيلم، إلى "عدم عثورها على كاتب يستطيع ترجمة أفكارها على الورق ويشعر حجم آلامها ومعاناتها"، قائلة: "لدي حالة من الازدحام في الأفكار، لكن منتجة الفيلم كانت تساعدني دوماً في ترتيب الأشياء".

مغامرة 

وعن أسباب إسناد دور البطولة، إلى فتاة مراهقة لم تتجاوز الـ15 عاماً، وليست لها أي خبرات سابقة في التمثيل، قالت دارين سلام: "كنت أدرك أنّني سأواجه صعوبات بالغة في إيجاد ممثلة بهذا السن، وإذا أعلنت عن اختبارات تمثيل سيستغرق ذلك وقتاً طويلاً، ولإيماني الشديد بأنّ على المخرج المغامرة في أعماله، قررت الاستعانة بتلك الفتاة التي وقع الاختيار عليها من بين العشرات".

وقالت: "التقيت بالعديد من الفتيات، لكن للأسف لم تكن لديهن معلومات عن دولة فلسطين، أو أحداث 1948، وهذا الأمر كان يصيبني بإحباطٍ شديد، لكن في الوقت ذاته كان دافعاً لي لإنجاز المشروع في أقرب وقت، لتنشيط ذاكرة الأجيال الكبيرة، وتثقيف النشء الجديد".

وأكدت أنّ بطلة الفيلم التي وقع الاختيار عليها، لديها ثقافة كبيرة عن فلسطين، بفضل "حكايات" جدتها، وكانت ملامحها مناسبة للشخصية، مشيرة إلى أنها خضعت لورش تدريبية وبروفات لمدة 5 أشهر تقريباً.

وقالت إنها وجهتها إلى ضرورة التوقف عن بعض ممارسة بعض الأنشطة التي كانت تمارسها، مثل الرقص المعاصر، ولعب الجمباز، وكذلك تعلم اللغة الإسبانية، وطلبت منها "التعايش طوال فترة التحضير مع شخصية الفلاحة الفلسطينية، وتقليدها في ملابسها وحركتها وكل شيء".

وأشارت مخرجة الفيلم، إلى أنّ البطلة، لم تطلع على نسخة السيناريو طوال فترة التحضير، إذ اكتفت بمعرفة الإطار العام للفيلم، مبررة ذلك بقولها: "كنت أرغب في تعاملها مع السيناريو بشكلٍ حيوي وطازج، بعيداً عن الحفظ والتلقين كالببغاء، وأن تتفاعل مع مشاعر الشخصية لحظة بلحظة".

وأعربت عن سعادتها لمشاركة أشرف برهوم وعلي سليمان، في الفيلم، رغم صغر مساحة أدوارهما، واصفة إياهما بقولها: "فنانين على قدر عالٍ من الثقافة، ولديهما إدراك كبير لقيمة الموضوع الذي يتناوله الفيلم، إذ أنهما لا يهتمان بمساحة الدور بقدر أهميته وقيمته".

ولفتت إلى أنّ أشرف برهوم، سبق وتعاون معها في الفيلم القصير "ببغاء"، وجمعتهما مناقشات آنذاك بشأن المشاركة في "فرحة"، أما علي سليمان، فكان من المفترض أن يتعاون معها في فيلمٍ قصير، إلا أنّ العمل توقف، حتى رحب بالتواجد معها في مشروعها الأخير.

مخاوف من الغرفة المغلقة

ولفتت المخرجة دارين سلام، إلى مخاوفها في البداية، من إصابة الجمهور بالملل، إثر تصوير غالبية أحداث الفيلم داخل غرفة مغلقة، لكنها نجحت في تجاوز تلك الإشكالية بشكلٍ احترافي، وقالت: "كان لديّ رغبة في معايشة المشاهد لحكاية البطلة، والشعور بمخاوفها وأحاسيسها المختلفة، ويشعرون وكأنهم يعيشون داخل الغرفة ويشعرون بالإزعاج".

وتابعت "هناك مشاهد أضفتها وقت التصوير، إذ أنّ السيناريو كان يشهد نوعاً من التطوير طوال الوقت"، لافتة إلى حرصها على تقديم الفيلم بشكلٍ حقيقي وواقعي، بعيداً عن المجاملة "كان يهمني إبراز حجم البشاعة التي وقعت".

وبررت تقديمها نهاية مفتوحة لـ"فرحة"، بقولها: "القضية الفلسطينية لم تنتهِ بعد، والجرح لا يزال مفتوحاً، لذلك كان من المهم تقديم النهاية بهذا الشكل".

واختتمت دارين سلام، حديثها بالكشف عن مشاريعها الفنية الجديدة، حيث تواصل كتابة فيلم ومسلسل حالياً، تتناول من خلالهما قضايا خاصة بالمرأة، متابعة "بالمناسبة أنا لا أحب مصطلح سينما المرأة، فأنا لا أحب التمييز، رغم أنني أرى أن المرأة في الوطن العربي مظلومة، لذلك أنا أتعاطف معها دوماً، وأتمنى أنّ تكون هذه الأعمال الفنية نموذج إلهام لها".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات