أثارت الحلقة الأولى من مسلسل "الفلوجة"، الذي يعرض خلال شهر رمضان، جدلاً واسعاً في تونس، إذ أُطلقت دعوات لوقف عرضه بحجة أنه "يضرب الأخلاق والتربية".
فيما رأى البعض أن المسلسل بمثابة نسخة مشوهة من إنتاج نتفليكس "النخبة" (Élite)، والسلسلة الأميركية "نشوة" (Euphoria) وتقليد للأعمال الغربية.
وتدور أحداث "فلوجة" حول الخلل في علاقة الآباء والأمهات بأبنائهم المراهقين، والحياة الموازية لتلاميذ المعاهد الثانوية والمؤسسات التعليمية بعيداً عن عائلاتهم والتي تطغى عليها المخدرات، والعنف والعلاقات العاطفية غير المتوازنة.
"فلوجة" بطولة ريم الرياحي، محمد مراد، محمد علي بن جمعة، نعيمة الجاني، سارة التونسي، فارس عبد الدائم ونسيم بورقيبة.
دعوى قضائية
ورفع المحاميان صابر بن عمار وحسن عز الدين الدياب، شكوى عاجلة لوقف عرض المسلسل، بدعوى أن "استمرار العرض يعكس حالة خطرة على القيم العربية والدينية، في مخالفة صريحة لمجلة حماية الطفل".
وأضاف المحاميان في نص الشكوى أن "المسلسل يعرض الطفل للخطر، ومنهج لتدمير الأسرة التونسية".
من جانبه، قال القاضي عمر الوسلاتي عبر "فيسبوك": "يجب على قناة الحوار تحذير المشاهدين، وأولياء الأمور ومنع الأطفال من متابعة مسلسل فلوجة".
كما أصدرت نقابة قوات الأمن الداخلي، بياناً صحافياً طالبت من خلاله النيابة العمومية بالتدخل وفتح تحقيق في الأمر، معبرة عن استيائها من العمل، وكيفية معالجة حياة رجل الأمن درامياً واعتبار حياته المهنية سبباً في جعل ابنه التلميذ مجرماً في المستقبل.
الإساءة للمؤسسات التعليمية
من جهته، أوضح الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي بتونس، منير خير الدين، لـ"الشرق"، أن "صُناع المسلسل تعمدوا الإساءة للمؤسسات التعليمية عبر مضامين لا تتماشى مع واقع المعاهد الثانوية في البلاد، وتشوه قطاع التعليم، كما أنها تمس من دلالة مدينة (فلوجة) في الأذهان والتي كانت رمزاً للمقاومة".
وأشار إلى أن صُناع المسلسل كانوا قد تقدموا بطلب للتصوير بمعهد "فرحات حشاد" بمنطقة رادس، على أساس أن العمل يحمل عنوان "خليل" لا "فلوجة"، وأن المعهد كان سيُطلق عليه داخل أحداث "معهد بورقيبة".
وشدد على أن الهياكل النقابية حذرت وزير التربية، قبل أكثر من شهرين، فور معرفتهم بتفاصيل ومضمون المسلسل، واصفاً العمل بالممنهج وغير بريء.
بدوره، علّق الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي في تونس لسعد اليعقوبي، عبر "فيسبوك": "وزارة التربية وقّعت عقداً مع قناة الحوار وسمحت بتصوير المسلسل بمعهد رادس بعد أن حوّلوا اسمه إلى معهد بورقيبة مقابل التبرع ببعض أثاث التصوير للمعهد المذكور".
وأضاف: "حذّرنا وزير التربية فتحي السلاوتي، والذي اتضح أنه لم يكن على علم بالعقد، وأن المصلحة المختصة من قامت بالتوقيع، ولكن السلاوتي عاد ليؤكد أن المسلسل سيخضع لرقابة الوزارة وستتوجه إلى الهايكا (الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري)، لطلب منعه لمخالفته العقد قبل حلول شهر رمضان.. بدأ العرض دون رقابة ولا حساب يبدو الأمر أكبر من مجرد بعض أثاث".
كما قالت النقابة العامة للتعليم الثانوي، في بيان صحافي، إن: "الترخيص لطاقم المسلسل بالتصوير داخل مؤسّسة تربوية عمومية، يشوبه التزوير"، مطالبة "بضرورة تتبّع المسؤولين عن ذلك".
ولفتت إلى ضرورة الإعلان عن التصنيف العمري للمشاهدة، لاسيما وأن "المسلسل يفتقد لكل معايير الفن الجمالية، حيث إن الحلقة الأولى من المسلسل بمثابة محاولة لتبخيس المدرسة العمومية، والاعتداء على حرمتها وتبييض لممارسات، من واجب الفنّ نقدها ومعالجتها، وليس التطبيع معها".
التصنيف العمري
في المقابل، رأى عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري "الهايكا"، هشام السنوسي، أن الحكم على الأعمال الفنية، لا يتم من الحلقة الأولى، ولا من انتظار عرض مجموعة حلقات منها، قبل اتخاذ القرار بشأنها، والذي قد يكون تأجيل عرضها بعد العاشرة ليلاً عوضاً عن وقت الذروة.
وأشار في تصريحاته لوكالة تونس افريقيا للأنباء (وات)، إلى أن "الهايكا" حالياً تحت الرقابة الإدارية، وبالتالي لا يمكنها أخذ قرار بخصوص مسلسل "فلوجة".
فيما أكد المسؤول الإعلامي لقناة الحوار التونسي، صلاح الطرابلسي، لـ"الشرق"، أن مسلسل "فلوجة" للمخرجة سوسن الجمني، سيُعرض في موعده الطبيعي دون تغيير مع إمكانية وضع علامة خاصة بالفئة العمرية.
ويعتبر أن "واقع المؤسسات التعليمية في تونس أكثر تعاسة من مشاهد المسلسل، وعلى المسؤولين إيجاد حلول لإصلاح المنظومة التربوية لا مهاجمة عمل فني هو من صنع الخيال".
وعن تسمية المسلسل باسم "فلوجة" ورفض عديد الأطراف لرمزية الاسم وارتباطه بمقاومة المدينة العراقية خلال الغزو الأمريكي، قال إن: "المعاهد الثانوية تحولت لساحات حرب، وهي أخطر على أبنائنا من فلوجة".