مصر.. نقاد عن دراما رمضان 2023: تعاني من الاقتباس والتكرار

الملصق الدعائي لمسلسل "رشيد" - المكتب الإعلامي لمنصة شاهد
الملصق الدعائي لمسلسل "رشيد" - المكتب الإعلامي لمنصة شاهد
القاهرة-خيري الكمار

خريطة درامية مُكثفة ومتنوعة في موسم دراما رمضان 2023، ضمت نحو 32 مسلسلاً مصرياً، بمُشاركة عدة نجوم ومن أجيالٍ فنية مختلفة، تناولت موضوعاتها قضايا مجتمعية مهمة، لعل أبرزها ما يتعلق بحقوق المرأة والثأر والانتقام، بجانب الزخم في الأعمال الكوميدية المعروضة مقارنة بالسنوات الماضية.

وبعد انتهاء النصف الأول من الموسم، انقسمت أراء النقاد ما بين الإشادات بحجم الإنتاج وانتشار الأعمال المكونة من 15 حلقة، وبين الانتقادات بسبب تكرار الأفكار والموضوعات والاقتباس، فضلًا عن رصد أخطاء فنية لاسيما في المسلسلات التاريخية.

المسلسلات القصيرة 

الناقدة ماجدة خير الله، قالت لـ"الشرق"، إنّ: "مسلسلات هذا العام بها تنوعاً كبيراً في مستواها ما بين الجيد جداً والمتوسط، وكذلك أعمال يجب أن تسقط من الذاكرة وستسقط بسهولة ولن يتذكرها الجمهور بمجرد نهاية عرضها".

وأبدت إعجابها بفكرة انتشار مسلسلات الـ15 حلقة في رمضان 2023، قائلة إن: "هذه ظاهرة جيدة جداً، وأنقذت العديد من المسلسلات، فأحياناً تجد أعمالاً مميزة في فكرتها وتناولها وتبدأ بقوة، ولكن بمرور الحلقات تصيبها مشكلة المط والتطويل، كون صُناعها متمسكون بفكرة الـ30 حلقة، رغم أن الأمر لا يسمح".

وأضافت أن "المسلسلات القصيرة تعالج أزمة المط والتطويل، وتعتمد على تكثيف الأحداث في عدد محدود من الحلقات".

تغيير فني 

وأوضحت ماجدة خير الله، أن "هناك عدداً من الأمور الاستثنائية في هذا الموسم، أبرزها محاولات بعض الفنانين للتمرد على أنفسهم وتقديم شخصيات مختلفة وجديدة، مثل أحمد عيد في مسلسل "عملة نادرة"، فقد تخلى تماماً عن الكوميديا التي اعتاد عليها طوال مسيرته، ليطل على جمهوره بشخصية قاتل وشرير"، معتبرة ذلك "جرأة شديدة منه، ومن المخرج محمد العدل أيضاً، خاصةً وأنه قدم الشخصية بشكلٍ جيد جداً ولفت انتباهي".

كما أشادت بعودة إسعاد يونس إلى الدراما التلفزيونية من خلال مسلسل "كامل العدد"، قائلة: "شيء جميل، وقد يكون بداية لعودة الفنانين الموهوبين الغائبين عن التمثيل".

ولفتت ماجدة خيرالله إلى مسلسل "الهرشة السابعة"، موضحة أن "هذه النوعية من الدراما أصبحت لا تقدم في الفترة الأخيرة،  وهو ليس عبارة عن خناقات أزواج، كما يتصور البعض، بل يتناول الفتور الزوجي بعد مرور عدة سنوات على زواجهما المبني على قصة حب قوية، ليصبح الطرفين لا يتحملان بعضهما نتيجة للعديد من الأسباب، فالعمل به دراما نفسية قوية وجيدة جداً".

تراجع مستوى الكوميديا 

وحول رأيها في الأعمال الكوميدية، قالت إن "الصفارة" بطولة أحمد أمين، هو الأفضل، "كونه اعتمد على الموقف والإفيه في وقت واحد، ويبدو أنه تتطلب جهوداً كبيرة من صُناع العمل"، لافتة إلى أن باقي المسلسلات المنافسة له جاءت دون المستوى، مثل "الحاج إكسلانس" بطولة محمد سعد، "لم يكن موفقاً باعتباره مسلسل كوميدي".

وطالبت ماجدة بضرورة توقف أحمد مكي عن تقديم أجزاء جديدة من "الكبير أوي"، خاصة بعد الإخفاقات التي لاحقت الجزء الـ7، كونه لا يحمل أي قصص جديدة".

عودة الكبار

الناقدة علا الشافعي، أكدت لـ"الشرق"، أن هناك تنوعاً كبيراً على مستوى الأعمال الدرامية المشاركة في هذا الموسم مقارنة بالسنوات الماضية، ما بين مسلسلات صعيدية، وتاريخية، ودينية، واجتماعية، ووطنية، وحتى الكوميديا التي تزايد عددها أيضاً.

وقالت إن أبرز ما يُميز موسم رمضان، مشاركة الفنانين الكبار بشكلٍ ملحوظ، منهم سهير المرشدي، وعبد العزيز مخيون، وسهير رمزي، وخالد زكي، وأحمد عبد العزيز وغيرهم، كما أشادت بأداء بعض الممثلين وكذلك صناع الأعمال الموجودين خلف الكاميرات، مثل الفنان فتحي عبد الوهاب ومها نصار، والمخرجين محمد سلامة وحسين المنباوي، ومديرا التصوير محمد مختار وإسلام عبد السميع، والموسيقار تامر كراون وشادي مؤنس.

واستعرضت الأعمال المتميزة في رمضان، منها "الهرشة السابعة" بطولةأمينة خليل، معتبرة أن "المخرج كريم الشناوي، صاحب الدور الأكبر في نجاح هذا العمل، كونه يمتلك وجهة نظر صائبة، وقادر على إدارة الممثلين جيداً، ويهتم بأدق التفاصيل".

وأضافت أن "مذكرات زوج" لـ طارق لطفي، من أهم المسلسلات الاجتماعية في رمضان، مشيدة بأداء عائشة بن أحمد داخل العمل، إذ صارت تجمع بين النضج والانضباط والتميز، والأمر ذاته مع "كامل العدد"، "عمل خفيف ولطيف ومتميز في كل عناصره الفنية".

وأثنت على قرار أحمد أمين بتغيير تجاربه الفنية وعدم الثبات في قالب فني واحد، ليعود إلى الكوميديا من خلال "الصفارة"، قائلة إن: "الأزمة الكبرى التي واجهت هذا المسلسل، هو فريق العمل الذي سبق وتعاون معه في برنامج (البلاتوه)، لذلك تشعر أن هناك تقارباً نوعاً ما من المشروعين". 

ورأت علا الشافعي، أنه لا يوجد أي مسلسل حتى الآن نجح في الحصول على إجماع الجمهور، لكن ربما يتغير ذلك الأمر خلال أيام، خاصة بعدما انطلقت الحلقات الأولى من مسلسلات منى زكي، ومنة شلبي ودنيا سمير غانم.

المسلسلات التاريخية 

وأشادت الناقدة ماجدة موريس بفكرة عودة المسلسلات التاريخية هذا العام، بعد غياب طويل، وذلك من خلال "رسالة الإمام" لـ خالد النبوي، إذ اعتبرته "أحد أهم مسلسلات رمضان، وقُدم بشكلٍ متميز، وبيّن أن الدين تسامح ويجعل حياتنا أفضل وأجمل، كما أن خالد النبوي قدم أداءً بديعاً ورائعاً في هذا العمل".

وشددت على أهمية القضية التي يتناولها مسلسل "سره الباتع"، وارتباطها بالبحث في التاريخ المصري عن فترة الحملة الفرنسية على مصر، لافتة إلى تناول قضايا مجتمعية مهمة في عددٍ من المسلسلات، مثل "حضرة العمدة" والذي قدم الشكل المعاصر للقرية المصرية.

وحول رأيها عن "الكبير أوي 7"، طالبت أحمد مكي بضرورة التوقف عن هذا المسلسل، والبحث عن فكرة جديدة لتقديمها، قائلة إن: "العمل لم يعد به أي عناصر جذب".

وأشارت إلى نهايات بعض المسلسلات المكونة من 15 حلقة، والتي قد تصيب المُشاهد بالدهشة والصدمة، منها مسلسل "علاقة مشروعة" لـ ياسر جلال، متسائلة بقولها: "لا أعرف السبب الذي دفع المؤلفة سماح الحريري لكتابة نهاية دون عقاب المخطئ وتركها الأمور بهذا الشكل؟، إذ كان يجب أن تكون أكثر وضوحاً".

اقتباس وتكرار 

ومن جانبه، يرى المخرج مجدي أحمد علي، أن "غالبية مسلسلات رمضان لهذا العام تحمل تشابهاً كبيراً فيما بينها، على مستوى الأفكار والتفاصيل، فضلاً عن أزمة التكرار لأعمال سابقة، والاقتباس من مشاريع أجنبية، إذ أن الأفكار محدود وضيقة جداً".

وأشاد بمستوى 5 أعمال فقط من إجمالي المسلسلات المشاركة، وهي "رسالة الإمام"، وسره الباتع"، و"الكتيبة 101"، وكذلك "الهرشة السابعة" و"رشيد"، كما يرى أن هناك تراجعاً كبيراً في مستوى الكوميديا هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية.

واعتبر أن مسلسل "الكبير أوي" لازال قادراً على تقديم مستوى معقول من الكوميديا، متابعاً أن "الأعمال الأخرى عبارة عن هزار فقط.. الكوميديا تتطلب مجهوداً واهتماماً بالتفاصيل، فالأمر صعب جداً وليس سهلاً كما يزعم البعض".

 ظواهر سلبية 

وانتقد الكاتب بشير الديك ظاهرة انتشار ورش الكتابة في السنوات الأخيرة، مشدداً لـ"الشرق"، على ضرورة "استقلال المؤلف بمشروعه الفني، ليعبر عن وجهة نظره، ويكتب عن العالم وفقاً لرؤيته الفكرية دون مط أو تطويل".

وانتقد الديك، تركيز عدد كبير من الفنانين بـ"التريند"، وسعيهم لتصدره طوال الوقت، الأمر الذي يتسبب في حالة تشتت لهم وللجمهور  أيضاً، كما استنكر زيادة حجم الإنتاج الدرامي في موسم رمضان، والذي يصل إلى 32 مسلسلاً لهذا العام، واصفاً ذلك بـ"عدد مبالغ فيه، والأفضل ألا يزيد الإنتاج عن 10 أعمال".

وأشاد الديك بفكرة تواجد مسلسلات الـ15 حلقة، قائلاً: "فكرة هائلة وأشجعها؛ لأنها تركز على المضمون بعيداً عن المط والتطويل الذي يصيب المشاهد بالملل".

ورأى الديك أن مسلسلات "سره الباتع"، و"رسالة الإمام" و"الهرشة السابعة" من أفضل الأعمال المنافسة، على مستوى الصورة والكتابة واختيار الممثلين، معتبراً أن "مسلسل خالد يوسف، صعب وتطلب جهوداً كبيرة، خاصة وأنه يدور في زمنين، الماضي وقت الحملة الفرنسية وربطه بالحاضر وتأثيره عليه، إذ أن الفكرة صعبة وتنفيذها ليس سهلاً كما يظن البعض".

وأشار إلى مقاطعته الأعمال الكوميدية في رمضان 2023، كونها دون المستوى رغم كثرتها، موضحاً أن "ما يُعرض عبارة عن تهريج، والأزمة تكمن في الكتابة، فالكُتاب الجدد بعضهم يفتقد الخبرة والاهتمام بالرسالة والمضمون، رغم أن الكاتب يعمل لدى الجمهور ويجب أن يكون أميناً في عمله وتأدية رسالته، ويعبر عن واقعه بشكلٍ حقيقي".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات