تباينت ردود أفعال النقاد حول موسم دراما رمضان 2023، والذي يعتبر هو الموسم الدرامي الأهم والأضخم على مدار العام، كونه يشهد زخماً كبيراً في حجم الأعمال المقدمة، وكذلك اهتمام مضاعف من الجمهور.
وتضمنت قائمة المسلسلات المصرية في رمضان لهذا العام 33 عملاً متنوعاً، ما بين الكوميدي، والأكشن، والاجتماعي، والديني والتاريخي، وحتى الدراما الوطنية.
ظواهر عدة في رمضان 2023، أبرزها الاتجاه بشكل لافت إلى المسلسلات الـ15 حلقة مقارنة بالأعوام الماضية، وكذلك عودة للدراما التاريخية والدينية بعد سنوات من الغياب، وغيرها من الظواهر التي لفتت انتباه الجماهير والنقاد.
منافسة قوية
الناقد طارق الشناوي، رأى أن موسم دراما رمضان 2023 بدأ قوياً منذ اليوم الأول، وهناك أعمالاً استحوذت على اهتمام الجمهور، أبرزها "رسالة الإمام"، إذ رأى أنه "عمل فني جيد جداً، كونه يتحدث عن الصورة الذهنية للإسلام، وقدم الإمام الشافعي بوسطية وسماحة شديدة، وخالد النبوي جسد الشخصية بشكلٍ مميز، وكذلك تامر كروان أبدع في صناعة الموسيقى التصويرية".
وأضاف للشرق "مسلسل "تحت الوصاية"، "عمل متميز ومتفرد من مختلف النواحي الجمالية، بداية من الكتابة لـ شيرين وخالد دياب، والإخراج لـ محمد شاكر وكذلك الموسيقى والمونتاج، فهناك تكاملاً في العناصر كافة، علاوة على أداء منى زكي الذي وصل إلى الذروة".
وأبدى الشناوي انحيازه لمسلسل "الهرشة السابعة"، كونه "اعتمد على الجرأة في الكتابة، وأمينة خليل قدمت أداءً مميزاً بعيداً عن الافتعال"، كما أشاد بالبطولة الثنائية في "الكتيبة 101" و"حرب" "فضلاً عن الاهتمام بالجانب الإنساني لدى ضباط القوات المسلحة بجانب استعراض الجهود الأمنية في مواجهة الإرهاب".
وأشار طارق الشناوي، إلى أن هناك عدداً من المسلسلات التي صاحبها الإخفاق، منها "حضرة العمدة" بطولة روبي، قائلاً إن: "الكاتب إبراهيم عيسى لديه مشكلة كبيرة في طرح القضايا، وكأنه يكتبها بصوت عالٍ، وعليه أن يدرك آلية تقديم أفكاره في قالب فني".
ورأى أن مسلسل"سره الباتع" كان من الأفضل تقديم في عدد حلقات أقل بجانب تكثيف المادة الفنية، موضحاً أن "خالد يوسف قدم الشخصيات بشكلٍ تقليدي، فالمعالجة الدرامية التي قدمها سحبت الكثير من الذي قدمه يوسف إدريس، رغم أنه كان هناك توقعاً كبيراً مسبقاً بشأن العودة القوية لـ خالد يوسف، إلا أن التجربة جاءت دون التوقعات تماماً".
وحول مسلسل "سوق الكانتو" بطولة أمير كرارة، قال إن: "مشكلة هذا العمل هو عرضه وسط الزخم الدرامي الموجود في شهر رمضان، إذ أثر سلباً على استيعابه، لكن أعتقد أن العمل سيأخذ حقه في العرض الثاني له بعد رمضان".
إيجابيات وسلبيات
الناقد نادر عدلي قال لـ"الشرق"، إن موسم 2023 محتلف كثيراً عن السنوات الماضية، خاصة وأنه اعتمد على مسلسلات الـ15 حلقة، بجانب عودة المسلسلات الدينية بعد غياب، كما أشاد بفكرة استمرار الأعمال الوطنية واستعراض أبرز الوقائع التي شهدتها سيناء في مواجهة الإرهاب.
وتابع "هناك ممثلين صنعوا إبهار فني منهم منى زكي ونيللي كريم وأمينة خليل، بينما جاء فنانين بمستوى دون التوقعات مثل يسرا، وأحمد مكي وأحمد أمين إذ تعاملوا باستسهال شديد، ورغم أن الكوميديا من سمات شهر رمضان، إلا أن هذا الموسم عانى من فقر شديد واعتمد على الورش والأفكار الساذجة".
واستعرض الناقد خالد محمود، لـ"الشرق" الإيجابيات والسلبيات التي جاءت ضمن موسم دراما رمضان 2023، إذ أشاد بـ"خروج ياسر جلال من عباءة "الاختيار" والأكشن، وكذلك قفز طارق لطفي لمنطقة جديدة"، إذ حقق الثنائي نجاحاً كبيراً عكس يسرا التي أخفقت في مسلسل "1000 حمد لله على السلامة"، وكذلك منة شلبي بمسلسل "تغيير جو" ومصطفى شعبان في "بابا المجال".
وشدد على ضرورة تغيير ياسمين عبد العزيز وأحمد العوضي للتيمة الفنية التي يقدمانها بعيداً عن الأكشن، كما أرجع أسباب نجاح محمد رمضان في "جعفر العمدة"، إلى أن "المخرج أعطى مساحات تمثيلية لكل الأبطال بالقدر المناسب مع الأحداث".
وأشاد بأداء منى زكي، في "تحت الوصاية"، قائلاً: "قدمت نموذجاً للتألق الفني بعيداً عن المط والتمويل"، كما نجح أحمد أمين في تغيير جلده الفني بعد تجربته في "جزيرة غمام"، وعاد لجمهوره بمسلسل كوميدي "الصفارة" حمل موضوعاً جديداً ومختلفاً ، وهو يعرف جيداً ماذا يُقدم للجمهور".
"مثير للجدل"
واعتبر الناقد سيد محمود، موسم رمضان، "مثير للجدل والأزمات، إذ شهد العديد من المشاكل، بداية من مسلسل "رسالة الإمام" الذي تتضمن العديد من الأخطاء الفادحة، سواء التحدث باللغة العامية، ونسب قصائد شعرية للإمام الشافعي هو ليس صاحبها"، متابعاً أن "محمد رمضان حقق نجاحاً لاعتماده على قصة درامية مثيرة للجدل، لكن العمل ليس مصنوعاً فنياً بشكلٍ جيد".
ورأى سيد أن "مسلسل "تحت الوصاية" أنقذ الدراما المصرية فنياً، لأن المؤلفين شيرين وخالد دياب والمخرج محمد شاكر خضير، صنعوا عملاً جيداً وساهم في عودة منى زكي إلى بريقها الفني عكس الثنائي منة شلبي ودنيا سمير غانم، اللتان لم يقدما المتوقع منهما".
وقال إن "ستهم"، و"كامل العدد" و"بابا المجال" جرى تنفيذهم بشكلٍ جيد، لكن لم يحققوا الجذب الجماهيري المطلوب، كما ناشد أحمد مكي بضرورة التوقف عن مسلسل "الكبير أوي"، "العمل صار يقدم "اسكتشات" غير مقنعة، وافتقد الشعبية التي حظى بها لسنوات".
ظواهر هامة
ورأت الناقدة علا الشافعي، أن "هناك عدة ظواهر مهمة في هذا الموسم، أولها عودة الأعمال الدينية وتقديمها بشكلٍ أثبت قدرة مصر على صناعة هذا اللون الصعب، إذ حمل "رسالة الإمام" رسائل مؤثرة لمحاربة التطرف".
ولفتت إلى عودة الأعمال التاريخية، متمثلة في مسلسل "سره الباتع"، فيما أشادت بظاهرة استمرار الأعمال الوطنية في دراما رمضان، كان أحدثها "الكتيبة 101" و"حرب"، كما لفتت إلى تزايد عدد الأعمال التي تناولت عالم المرأة وطرح القضايا المسكوت عنها مثل الميراث والولاية.
وأثنت على جهود بعض الفنانين، في التمرد على أنفسهم وتغيير الشكل المعتاد لهم، مثل أحمد عيد "عملة نادرة" وكذلك تألق رشدي الشامي في "تحت الوصاية".
أما الناقدة ماجدة موريس، قالت لـ"الشرق"، إن: "موسم مسلسلات رمضان 2023، شهد تنوعاً كبيراً، وهناك ملامح مهمة، مثل عودة الدراما التاريخية بـ"رسالة الإمام"، والذي "أراه عملاً متميزاً جداً لأنه اعتمد على العقل والتفكير والتسامح بعيداً عن التشدد، إذ أن أسلوب تقديمه جيد على كل المستويات، وخالد النبوي ممثل رائع".
وتابعت أن: "هناك أيضاً أعمالاً مهمة تناولت قضايا المرأة والمجتمع، مثل"حضرة العمدة" التي يركز على أهمية تولي المرأة للمناصب في الريف، و"تحت الوصاية" بطولة منى زكي، فيعتبر هذا المسلسل من ضمن الأعمال التي نجحت في التعبير عن المرأة ببراعة، من خلال كُتاب ومخرجين كبار، وممثلين وممثلات يقدمون أفضل ما لديهم".
وأشارت إلى أن هناك أعمالاً أيضاً ناقشت مشاكل الزواج مثل "مذكرات زوج"، و"الهرشة السابعة" و"علاقة مشروعة"، قائلة إن: "معالجات تلك المسلسلات مختلفة ومهمة وبها جرأة شديدة، وذلك بجانب تميز عنصري التمثيل والإخراج".
وأشادت بمسلسلي "الكتيبة 101" و"حرب"، موضحة أن "قضيتهما مهمة ومازلنا نعاني منها، وهناك احترافية عالية جداً في تجسيد تلك الأعمال، خاصة المزج بين العلاقات الإنسانية وإبراز مواجهة الإرهابيين".
كما شددت على أهمية القضية التي تناولها مسلسل "سره الباتع" والخاصة بإبراز الهوية المصرية، وما مر به المجتمع المصري من أزمات ومواجهات على مر العصور، لاسيما وقوف الفلاحين المصريين ضد الاستعمار.
اقرأ أيضاً:
