بدا حفل توزيع جوائز الأوسكار الذي أقيم في محطة سكك حديد وسط مدينة لوس أنجلوس الأميركية، باهتاً وجافاً من دون خطابات سياسية، ومن دون عروض موسيقية راقصة، أو بذخ في الأزياء والديكورات والإضاءة، كما اعتادت "أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة" منذ 93 عاماً.
اكتفى المنظمون ومخرج الاحتفال ستيفن سودربيرغ، بنقل عروض مسجّلة لأفضل 5 أغانٍ أصلية رشّحت للأوسكار، وبثّت عبر شبكة "ABC" و"OSN" قبيل الافتتاح الرسمي.
وجاءت السجادة الحمراء الشهيرة قصيرة هذا العام أكثر من المعتاد، وعدد النجوم قليل جداً، إذ لا يتعدى بعض مئات من المرشحين والمقدمين، مقارنة مع الآلاف طوال السنوات السابقة، في حين انضم بعض المتنافسين على الجوائز إلى الاحتفال عن طريق الأقمار الاصطناعية من بريطانيا وباريس وبعض الدول التي تعذر على مواطنيها السفر.
ضحكات ودموع
الكثير من الكمامات والصرامة في الإجراءات الاحترازية الخاصة بوباء كورونا، جعلت الاحتفال يعجّ بخطابات غلبت عليها قصص شخصية، واحتفاء بالحياة بعد النجاة من كورونا.
مزاح دانييل كالويا أضفى جواً مرحاً حول العلاقة الحميمة بين أمه وأبيه، وهو يتسلم جائزة أفضل ممثل مساعد عن فيلم "يهودا والمسيح"، كما برزت بعض الانفعالات من الأشخاص ذوي الأصول الإفريقية والآسيوية لفوزهم بجوائز للمرة الأولى.
وأضفت الدموع خلال الحفل نوعاً من العواطف الصادقة التي لفتت المشاهدين وكانت محور تعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة دموع توماس فينتبربرغ، مخرج الفيلم الدنماركي "جولة أخرى- Another Round" الفائز بجائزة أفضل فيلم أجنبي، والذي بكى لموت ابنته أثناء تصوير الفيلم، وكذلك دموع ميا نيل، وجامايكا ويلسون، الفائزتين عن فئة أفضل تصفيف شعر وماكياج في فيلم "ما رينيز بلاك باتوم" Ma Rainey’s Black Bottom وتأثرهما لكونهما أول سيدتين تفوزان بهذه الجائزة من أصول إفريقية.
واعتاد متابعو جوائز الأوسكار توجيه رسائل سياسية أو إلقاء خطابات رنانة تهزّ المجتمع الأميركي كما حدث العام الماضي، حين ضجّت قاعة الاحتفال بانتقادات لاذعة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وحزبه وحكمه، لكن يبدو أن هذه الأجواء غابت مع وصول جو بايدن للرئاسة، وحكم الحزب الديمقراطي الذي يؤيده غالبية صنّاع السينما والفنانين الأميركيين.
تنوّع عرقي
وما أن دخلت الممثلة الأميركية ذات الأصول الإفريقية ريجينا كينغ، بفستانها الأزرق الطويل، لتعلن بدء الاحتفال الذي قدمته مع براد بيت، وهاريسون فورد، وهالي بيري، حتى بدا أن عنوان السهرة الرئيس هو ردّ الاعتبار لأصحاب البشرة الملوّنة والتنوع العرقي، خصوصاً أنه كان من بين المرشحين آسيويون وأفارقة أوروبيون.
ألمّحت كينغ لما جرى الأسبوع الماضي في مينيابوليس، حيث كانت الولايات المتحدة تتابع محاكمة الشرطي السابق الذي أدين بقتل جورج فلويد، وبدأت كينغ كلمتها: "أنا كأم لابن من أصول إفريقية أعرف أن الخوف يعيشه كثيرون، ولا تغيّر الشهرة ولا الثروة من قساوته".
وكانت المفاجأة فوز عدد من ذوي الأصول الإفريقية، وفوز المخرجة الصينية كلوي جاو، بجائزتي أفضل فيلم وأفضل إخراج، وهي أول آسيوية تحصل على الجائزتين، وفوز الممثلة الكورية يوه جونغ لونغ بجائزة أفضل ممثلة مساعدة، ومنح جائزة جان هيرشوت الإنسانية لتايلر بيري ذي الأصول الإفريقية.
وحث تايلر بيري على التسامح وعدم التمييز على أساس اللون أو العرق أو الجنسية، داعياً "العالم إلى البعد عن الكره والأحكام المسبقة، والوقوف في الوسط بدل التحيّز والتطرف، كما نصحته أمه وهو صغير".
أنتوني هوبكنز
وجاءت ردود الفعل من قبل نقاد وصحافيين ومتابعين للأوسكار على وسائل التواصل، معترضة على إنهاء حفل توزيع الجوائز بهذه السرعة، من دون تصريح لواحد من أهم الممثلين في السينما، وهو أنتوني هوبكينز الذي يعتبر أكبر ممثل ينال جائزة أفضل ممثل في عمر 83 سنة.
وشكل فوز هوبكنز بحدّ ذاته مفاجأة للنقاد، كما شكّل فوز فرانسيس ماكدورمان بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في "نومادلاند"، بحسب مجلة "فاريتي".
مفاجأة نتفليكس
لكن المفاجأة الكبرى كانت فوز "نتفليكس" بـ7 جوائز متصدّرة جميع الأستوديوهات، مع أن منصات البث الرقمي فشلت في نيل جائزة أفضل ممثل أو ممثلة التي تعتبر من أهم الجوائز، بعدما وصل عدد ترشيحات الأعمال المنتجة من قبل "نتفليكس" إلى 36 ترشيحاً.
ومن أبرز ما فازت به المنصة الأميركية، جائزة أفضل تصوير سينمائي، وجائزة أفضل تصميم لفيلم "مانك". كما حاز فيلم " Ma Rainey's Black Bottom" على جائزتي أوسكار عن فئة الماكياج وتصفيف الشعر.
وبعد "نتفليكس" حققت استوديوهات "ديزني" 5 جوائز، أهمها جائزة أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل ممثلة التي حازها فيم "نوماندلاند" من إنتاج "ديزني". كما حصل "سول" على جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة طويل، وهي تشكّل أولى جوائز الأوسكار لمنصة "ديزني بلس".
اقرأ أيضاً: