"كامل العدد +1".. كوميديا فعالة وكيمياء استثنائية

الملصق الدعائي لمسلسل "كامل العدد +1" - المكتب الإعلامي لمنصة "شاهد"
الملصق الدعائي لمسلسل "كامل العدد +1" - المكتب الإعلامي لمنصة "شاهد"
القاهرة -حنان أبو الضياء*

عندما نال الجزء الأول من مسلسل "كامل العدد" اهتمام الجمهور، كان السبب الرئيسي هو أسلوب السرد الاجتماعي الكوميدي لتفاصيل حياة شخصيات قريبة الشبه من المتفرج، قُدم ذلك بأداء مميز، ومؤثر من معظم الممثلين،  وجاء الجزء الثاني معتمداً على قوة دفع نجاح الجزء الأول.

المسلسل من إخراج خالد الحلفاوي وﺗﺄﻟﻴﻒ رنا أبو الريش  ويسر طاهر، بطولة دينا الشربيني، وشريف سلامة، وإسعاد يونس، وصدقي صخر، وأحمد كمال.

المسلسلات العائلية مثل "كامل العدد" بجزئية، أو "وبينا ميعاد"، و"إمبراطورية ميم"، هي أعمال درامية كوميدية، تستهدف جمهور الأسرة بشكل أساسي، تتميز بمحتوى يناسب أفراد العائلة، بما في ذلك الأطفال والبالغون، وغالباً ما تحمل قيماً إيجابية، وتعالج مواضيع تهم الأسرة.

نجح  مسلسل  "كامل العدد +1"،  بفضل سرده المريح، والكوميديا الفعّالة، والكيمياء الاستثنائية لأبطاله، واستخدمتا السيناريست رنا أبو الريش ويسر طاهر بعض الوقائع الحقيقية كخلفية للأحداث، وللشخصيات الجديدة، منها وفاة الممثل مصطفى درويش الذي كان يقوم بدور (عمر)، وشخصية "كريم" المأخوذة عن قصة حقيقية تناولها فيلم The Tinder Swindler، عن النصاب الإسرائيلي "سيمون ليفيف"، الذي خدع عدداً من النساء، وحصل منهن على أموالهن.

وتدفقت الحكايات الأسرية لشخصيات العمل المختلفة بصورة أوسع، وحوّل الروابط التي تربط الأفراد إلى طرح إنساني، مبنياً على المحيط الاجتماعي والثقافي الذي يفرض التوقعات ويٌملي الخيارات.

الاستعراض المبدئي لحالة التناغم بين الأبناء في بداية الحلقات، كانت أفضل وسيلة لربط القصص المختلفة لمجموعة من الشخصيات- أولاد ليلى وأولاد عمر- ذات المفردات الإنسانية المتنوعة، الذين يحاولون أن يعيشوا حياة كاملة في منزل واحد، بينما لا تزال أفكارهم في حالة تغير مستمر لكون أعمارهم تقع ما بين مرحلة الطفولة وسن المراهقة. 

تم عرض الجزء الجديد في 15 حلقة، وأخذ المخرج خالد الحفناوي وقته في ضبط كل مشهد، بحيث يتوسع نطاقه مع كل حلقة مع تقديم قصص جديدة، صوّر الحفناوي أيضاً بشكل جميل ديناميكيات العلاقات بين عائلة ليلى وأحمد والمحيطين بهم، الذين هم أيضاً مثل أفراد الأسرة، وهو الأمر الذي جعل المشاهد يرتبط بهم ويتعاطف معهم، مستعرضاً العلاقات الوثيقة بينهم، وحالات التصارع مع المشاكل اليومية، والوقوع  بين الطريقة التي من المفترض أن يستمر بها المرء والعواطف الداخلية التي لا مفر منها. 

شخصيات من لحم ودم

بفضل سيناريو بسيط ومحبك، لا يشعر المتفرج بالملل، إذ اعتمد العمل على تأطير شخصياته بحميمية تسمح للمشاعر بالتراكم ببطء، السيناريو حاول  تقديم شخصيات من لحم ودم، اجتمعوا من أجل الحب والعمل، والحصول على فرص جديدة، وقد يكون بعضها أو شيء منها ناجحاً، ويضم أيضا أولئك الذين لا يستطيعون الابتعاد حتى بعد أن نجوا من أسوأ ما واجهتهم حياتهم في المكان الذي اختاروه مثل شخصية (إنجي).

تسكن الذكريات بعض الأشخاص الذين لا يشعرون بأنهم سعداء تماماً، ولكنهم متأكدون أيضاً من أنهم سيشعرون بنفس الشعور والرغبة في الالتحام مع ذويهم، ويطرح المسلسل آمالهم ورغباتهم وأحلامهم وخيبات آمالهم أيضاً، والأهم من ذلك، أن هذه الدراما تعرض التفاصيل اليومية والمشاكل في سياق بسيط وكوميدي.

ترتكز الأحداث على "ليلي"، التي تلعب دورها دينا الشربيني، وهي صاحبة مشروع لإنتاج المنتجات الطبيعية أوقفت مسيرة حياتها علي رعاية أولادها وأبناء زوجها دكتور "أحمد" (شريف سلامة)، والذي تزوجته في الجزء السابق بعد قصة حب، وأنجبت منه طفلاً أسمته (عمر)، على اسم والد أبنائها الراحل.

تستمر الأحداث في هذا المنزل المزدحم، في ظل رعاية "ليلي" وتفاني "أحمد"، ويؤدي التفاعل اليومي بين الأبناء ومشاكلهم الشخصية إلى سلسلة من الأحداث المثيرة، حيث تختلف الآراء والأفكار، ويتم اختبار الولاءات الأسرية، وتنكشف الجروح المخفية.

الدراما الرومانسية التي  جمعت "ليلى" و"أحمد" تكاد تفشل في استمرار فرضيتها القوية، فهما لا يجدان موطئ قدم  لتلك  المشاعر في ظل الأزمات المحيطة بالأبناء، "ليلي" منفعلة وقلقة دوماً؛ بسبب شكها في وجود علاقة بين زوجها وطبيبة شابة، لكنها تخفي ألمها بهدوء، وتشتت انتباهها مع مولودها الجديد، وتحلم بالمحافظة علي زوجها، لذا؛ تقوم بتجربة العديد من الأفكار المجنونة التي قد تغير حياتهما.

يكون التباين بين الشخصيات بمثابة استكشاف دقيق لهم، وهذا ما نجح فيه مؤلفو العمل من خلال حالة التباين الواضحة في شخصيات أولاد "ليلى" الناتجة من زيجتين فاشلتين، وأم منفعلة وسريعة في اتخاذ القرارات دوماً، وبين أبناء دكتور "أحمد" المتزن الهادئ، إلى جانب أن من قامت بتربيتهم هي جدتهم التي تعتمد على العقل والمنطق وأساليب التربية الحديثة، من خلال هذا التباين تعرفنا على مشكلات هذا الجيل، وتفاعل بعضنا البعض بطرق متوقعة وغير متوقعة معهم.

على طول الحلقات، نتعرف من جديد على شخصيات المسلسل والتطور الذي طرأ في حياتهم، كل منهم يضيف أفكارا جديدة، ربما بعضها علي نقيض ما كان عليه في حياته في الجزء الأول، مع ظهور شخصيات جديدة أضافت حيوية للعمل ولعل أبرزها "صدقي صخر" الذي لعب دور "كريم"، ونجح فيه بشكل كبير.

شخصية إنجي (جيهان الشماشرجي) التي تتأرجح من دون هوادة بين مشاعر عدة، مع عدم القدرة على الفرار من أزمة طفولتها، ثم حبها لرجل في سن والدها، تلك الشخصية نادراً ما تكون قادرة على الاعتراف بحقيقة مشاعرها حتى لنفسها، وفي أقصى حالاتها، تبدو ضعيفة وهشة.

دكتورة "فاتن" (ألفت إمام)، التي توسلت إلى زوجها للعودة إلى عملها في الولايات المتحدة، لا تستطيع الآن أن تتخيل مغادرة مصر دون وجوده معها لكنها تكتشف ارتباط تيمور (أحمد كمال) الوثيق بالمكان وأسرته، ورفضه ترك أحفاده في تلك السن، وترى تأثير الحزن من سفرها عليه، وإصراره اليائس في الحفاظ على تماسك الأسرة.

شخصية "حياة" (إسعاد يونس)، حدث لها تحول في سرد تفاعل الشخصية مع العالم المحيط بها، ففي الجزء الأول كانت مشغولة بذاتها والكلام عن ماض وهمي من النجاحات الفنية، وتحولت في الجزء الجديد إلى الزوجة المحبة التي تكتشف إصابة زوجها بالمرض الخبيث، وتعمل على أن يعيش حياته، دون أن يعرف، خشية التألم.

كما هو المعتاد في أغلب الأحيان، نشاهد تلك النوعية من الأعمال لنرى النهايات السعيدة، والتي ما نتمنى وجودها في حياتنا، والأكثر من ذلك، أعتقد أننا نريد أن نؤمن بإمكانية الحب، حتى لو كان لفترة وجيزة فقط، لذا؛ نجح مسلسل  "كامل العدد +1"مع تحقيق تلك الرغبات للمشاهد. 

* ناقدة فنية

تصنيفات

قصص قد تهمك