انطلقت فعاليات معرض جدة للكتاب، الخميس، تحت شعار "جدة تقرأ"، الذي تنظّمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، ويستمر حتى 21 ديسمبر 2024.
يجمع المعرض أكثر من ألف دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة، موزّعة على أكثر من 450 جناحاً، ما يجعله أحد أبرز الفعاليات الثقافية في المملكة.
تحدي ثقافي سنوي
الدكتور عبد اللطيف الواصل، مدير عام الإدارة العامة للنشر في هيئة الأدب والنشر والترجمة، أكد لـ"الشرق" أن المعرض "يمثّل يمثل تحدياً سنوياً لجهة تقديم كل ما هو جديد ومميّز للزوّار".
وأشار إلى أن "نسخة هذا العام استفادت من آراء واستبيانات الأعوام السابقة، بهدف التطوير والتحسين"، لافتاً إلى أن الهيئة "عملت على إثراء الفعاليات عبر إدخال موضوعات جديدة مثل المانجا، الكوميكس، والخيال العلمي، إلى جانب التنظيم الدقيق، من خلال تذاكر الدخول الإلكترونية عبر منصّة ويبك".
أضاف: "يحتفي المعرض بعام الإبل من خلال جناح مخصّص لهذا الموضوع، فضلاً عن جناح مركز الأمير محمد بن سلمان للخط العربي، الذي يشمل مسابقة للمخطوطات، وركن للمؤلف السعودي، ومنطقة خاصة بالكتب المخفّضة.
محلي بمعايير دولية
وعن عدم تصنيف معرض جدة للكتاب كمعرض دولي، أوضح الواصل أن هيئة الأدب والنشر والترجمة، "تركز على تعزيز الهوية الثقافية لكل معرض من خلال موضوعاته الخاصة، مثل الرقمنة والخيال العلمي في معرض جدة، كما تطبّق معايير دولية، على الرغم من أن وصف "الدولي" يقتصر على معرض الرياض".
ولفت إلى أن معرض جدة هذا العام "يشهد زيادة في المشاركة بنسبة 10% مقارنة بالعام 2023".
القطاع الخاص
وعن توسيع نطاق معارض الكتب إلى مناطق جديدة في المملكة، أكد الواصل "أن الهيئة تشجّع إقامة المعارض في جميع المناطق، ونحن مستعدون للتعاون مع الجهات الراغبة من القطاع الخاص".
كما أشار إلى مراجعة الاستراتيجيات السابقة باستمرار، والبناء على النجاحات، لتحقيق المزيد في السنوات المقبلة.
برنامج ثقافي ثري
يتضمّن البرنامج الثقافي أكثر من 100 فعالية متنوعة، من ندوات ومحاضرات وورش عمل، تغطي جميع قطاعات الثقافة، بمشاركة أسماء بارزة، وتستضيف أكثر من 170 متخصصاً في مختلف المجالات، كما يقدّم المعرض منطقة مخصّصة للأطفال، تتضمن 40 فعالية موجّهة للنشء.
ثقافة الأسماء المستعارة
في يومه الأول، ألقى معرض جدة للكتاب، الضوء على ظاهرة الأسماء المستعارة في الأدب السعودي، خلال ندوة بعنوان "ثقافة الأسماء المستعارة".
استضافت الندوة الدكتور محمد المشوح، والمتحدّث عبد الله الغبين، وأدارها الأستاذ محمد العتيق، وناقش المشاركون خلالها الأبعاد الثقافية والاجتماعية والنفسية لهذه الظاهرة، التي لطالما أثارت الفضول والاهتمام في الأوساط الأدبية.
استهل الدكتور محمد المشوح حديثه بتوضيح الفارق بين اللقب والاسم المستعار، مشيراً إلى "أن اللقب يُطلقه الآخرون على الشخص، بينما الاسم المستعار يختاره الشخص نفسه".
وأوضح أن "المستعار" يعني الإعارة، "ويعكس رغبة الفرد في التعبير عن آرائه من دون الكشف عن هويته".
أضاف: "الشعراء كانوا أوّل من لجأ إلى الأسماء المستعارة، إذ أرادوا التعبير عن مشاعرهم بحرية بعيداً عن قيود هوياتهم الشخصية".
وأكد أن "الأسماء المستعارة تنتشر اليوم في مواقع التواصل بشكل كبير، وذلك يدلّ على ظاهرة نفسية لم تدرس بجدية كافية حتى اليوم، ولم أجد دراسة نفسية شخّصت هذه الحالة".
وأكد وجود دوافع عدّة للاسم المستعار، لعلّ من أسبابها، التطرّق إلى موضوع اجتماعي حسّاس، والرغبة في الحديث عنه من دون خوف".
واستشهد بشخصيات اعتبارية لها قيمتها الاجتماعية قائلاً: "من الطرائف التي ظهرت، أن بعض الأدباء في السعودية، كتبوا بأكثر من اسم مستعار، والبعض يعمد إلى الكتابة باسمه الصريح واسمه المستعار، ولا نستثني المرأة من الكتابة باسم مستعار، وقد تكون طوعية أو نوعاً من أنواع النرجسية".
ظاهرة عالمية
من جانبه، أكد الشاعر عبد الله الغبين "أن استخدام الأسماء المستعارة ليس حكراً على الثقافة العربية، بل هو ظاهرة عالمية، وحاضرة في أمور خارج الكتابة والأدب، ومن أبرز الشخصيات الفيلسوف الفرنسي فولتير، وهذا اسمه المستعار وليس الحقيقي".
وأشار الغبين إلى أن هناك "شخصيات أدبية سعودية بارزة كتبت تحت أسماء مستعارة، في مرحلة ما قبل المنتديات، وتمّ نشر أوّل رواية باسم "سميرة بنت الجزيرة"، للكاتبة سميرة خاشقجي، وكذلك "غيداء المنفى"، للشاعرة هدى العريني.
ولفت إلى "ظاهرة استخدام أكثر من اسم مستعار، وأن ذلك الأمر قد يكون نابعاً من دوافع نفسية أو نوعاً من النرجسية، بينما يختار البعض الجمع بين الكتابة باسمهم الحقيقي والمستعار".
تجدر الإشارة إلى أن معرض جدة للكتاب، هو ثالث معرض تقيمه الهيئة خلال عام 2024، وذلك بعد معرض الرياض الدولي للكتاب في أكتوبر الماضي، ومعرض المدينة المنورة الذي أسدل الستار عن فعالياته في أغسطس.