رحيل الأديب المصري المعتزل إسماعيل ولي الدين

 - الشرق
- الشرق
القاهرة-محمد شعير

غيب الموت صباح الثلاثاء الكاتب المصري إسماعيل ولي الدين (1935-2021)، أحد نجوم الرواية المصرية الأعلى مبيعاً في فترة السبعينيات والثمانينيات.

وتحولت روايات ولي الدين في معظمها إلى أفلام سينمائية شهيرة، ما جعله ظاهرة أدبية ذات تأثير خلال تلك السنوات، قبل أن يتوقف تماماً عن الكتابة، فارضاً على نفسه عزلة شديدة، إذ لم يكن يغادر منزله في منطقة الحسين الشعبية بالقاهرة منذ منتصف التسعينيات.  

ودرس ولي الدين الهندسة المعمارية، وتخرج في كلية الهندسة عام 1956، قبل أن يلتحق بالعمل في القوات المسلحة كضابط مهندس على مدى 20 عاماً حتى وصل لرتبة عقيد.

أول مجموعة قصصية

وبدأ ولي الدين كاتباً للقصة القصيرة، إذ أصدر أول مجموعة قصصية له بعنوان «بقع في الشمس» عام 1968 في أعقاب هزيمة يونيو، ثم اتجه إلى كتابه الرواية فأصدر روايته الأولي " الطيور الشاحبة".

وفي كلا العملين كان يتلمس خطواته الأدبية، حتى أصدر عام 1970 روايته الشهيرة "حمام الملاطيلي" التي كتب مقدمتها الكاتب يحيى حقي قائلاً "عندنا عشرات من الأمكنة والبيئات لها مثل هذه الخصوصية التي تعتبر منجماً ثرياً للقصاص - حقاً أن رقعة الرواية تحتاج إلى مزيد من الاتساع".

وقد تلقف المخرج المصري صلاح أبو سيف الرواية، وحولها عام 1972 إلى فيلم سينمائي، ظل ممنوعاً لسنوات طويلة.

وكانت الرواية، ومن ثم الفيلم، تعبيراً عن تحلل المجتمع بعد الهزيمة القاسية، إذ تتناول الرواية قصة شاب يترك مدينته الإسماعيلية إلى القاهرة، بعد أن تشردت عائلته بعد الحرب بحثاً عن عمل، وأملاً في استكمال دراسته.

ويعمل الشاب في حمام شعبي بالقاهرة القديمة، ويسكن فيها أيضاً، ومن خلاله يبدأ ولي الدين في استعراض الضياع الذي أصاب المجتمع. 

التركيز على الأحياء الشعبية

وساهم نجاح الرواية والضجة التي آثارها الفيلم، في تركيز ولي الدين على الأحياء الشعبية في القاهرة، فكتب عدة روايات من بينها "درب الهوى"، "الأقمر"، "فتاة برجوان"، "الباطنية"، و"حمص أخضر" و"أسوار المدابغ"، و"بيت القاضي"، و"طائر اسمه الحب"، وغيرها من قصص وروايات، وهي أعمال حققت نجاحاً جماهيرياً، وتحولت إلى أعمال سينمائية، وإن بدت لنقاد الأدب محاولة للسير على خطي نجيب محفوظ، ولكن بدون موهبة محفوظ الذي لم يتعامل مع المكان الشعبي، باعتباره ديكوراً بقدر ما حمل أبعاداً فلسفية. 

وفي منتصف التسعينيات، اختفي ولي الدين، ما مثل لغزاً لكثيرين حول أسباب اختفائه، ولكن ظهر ولي الدين متحدثاً في حوار صحافي لجريدة الأخبار، ومفسراً اختفاءه بأنه لم يعد قادراً على أعباء الكتابة.

وقال إسماعيل في حواره النادر: "لا أحتك بالواقع، ولا يفور عقلي كما اعتدت أثناء فترة العمل كمهندس معماري، التي كانت تتطلب الحركة الكثيرة، وكان هذا يؤدي إلى تنشيط العقل، كي يفرز أفكاراً متدفقة، وعندما كان يحل الليل كنت أكتب حتى مطلع الفجر".

وتابع: "كما أن روايتي شجرة العائلة، كانت من ضمن الأسباب التي دفعتني إلى الانسحاب، فقد كتبتها في 4 سنوات، وبعد كل هذا الجهد رفض الناشر إصدارها، معتذراً بأن هذه الفكرة لن تباع، ولأنني مصر على أن يحتوى نصي على طين الواقع، قررت ألا أمسك بالقلم، لأنني غير قادر على الغوص، كما تعودت دائماً".