فينسنت فان جوخ.. حياة متعثرة ورحيل مأساوي

بورتريه للرسام الهولندي فينسنت فان جوخ  - الموسوعة البريطانية
بورتريه للرسام الهولندي فينسنت فان جوخ - الموسوعة البريطانية
القاهرة -آلاء عثمان

عند النظر إلى بعض لوحاته الفنية زاهية الألوان للمروج والأزهار، قد يُعتقد أن حياة الفنان الهولندي فينسنت فان جوخ كانت بالضرورة شديدة البهجة كأعماله الشهيرة.

لكن في الواقع لم تخلُ حياة الرسام من تقلبات ومتاعب سواء فيما يتعلق بحياته المهنية أو حالته الصحية. فلوحاته لم تحظَ باهتمام حقيقي إلا بعد وفاته.

أما المتاعب المادية فجعلته يعتمد على دعم أخيه بشكل كامل، بينما لم تكن صحته النفسية مستقرة بدورها، ما دفعه إلى الإقدام على الانتحار في مثل هذا اليوم (29 يوليو) من عام 1890. 

البائع الصغير

في عالم الفن يلمع اسم الرسام الهولندي الانطباعي فينسنت فان جوخ كأشهر أبناء النصف الثاني من القرن التاسع عشر، إذ أنتج ما يصل إلى 2100 عمل، وفقاً لموقع Biography.

وبيعت بعض أعماله بعشرات الملايين من الدولارات، بينما يعرض بعضها متحفياً، كلوحات "ليلة النجوم" و"عباد الشمس" و"آكلو البطاطا". 

لوحة زهرة الخشخاش للفنان الهولندي فان جوخ - vincent-van-gogh.net/poppy-flowers/
لوحة زهرة الخشخاش للفنان الهولندي فان جوخ - vincent-van-gogh.net/poppy-flowers/

قبل ما يزيد على قرن من الزمن، خلت يوميات فينسنت فان جوخ من ذلك الاحتفاء ومظاهر الرفاهية التي تمثلها لوحاته في الوقت الراهن، إذ بدأ حياته كمتدرب على بيع اللوحات الفنية لدى شركة Goupil & Cie المتخصصة في الفنون.

وكان ما يزال في الـ 16 من العمر آنذاك، وقد ترك دراسته الثانوية بشكل نهائي لأسباب غير معروفة، وفقاً للموقع الرسمي لمتحف فان جوخ

لم يسر الفنان شاباً في خطى منتظمة على درب التجارة، إذ فُصل من عمله عام 1876 وتخبط بين عدد من المهن الأخرى، فعمل مدرساً وبائعاً للكتب، وواعظاً أثناء فترة تدينه، حتى أنه رغب في دراسة علم اللاهوت لكنه لم يتمكن من اجتياز امتحانات القبول. 

حلم وخيبات

لم يبدأ مشوار فان جوخ الفني سوى بحلول عام 1880 بعد نصيحة أخيه الأصغر ثيو أن يلتفت لقدراته الفنية، وذلك بناءً على الرسوم التي عادةً ما كان يرفقها فينسنت في الخطابات لأخيه، كما أن ثيو دعم فان جوخ مادياً كي يتفرغ للفن.

في البيت الأصفر، تطور أسلوب فان جوخ وأصبح أكثر مرونة وقدرة على التعبير وفقاً لموقع المتحف الرسمي، إلا أن الرسام بول جوجان، انضم إليه في ملجأه الجنوبي على أن يعمل الثنائي معاً ويبيع ثيو لوحاتهما في باريس فيما اعتبره فان جوخ حلم تدشين أستوديو فني يجمع عدداً من الفنانين معاً. 

بالرغم من النتاج الفني المميز للصحبة، اشتعل التوتر سريعاً ما بين جوجان وفان جوخ نتيجة لمناقشاتهما الحادة وآرائهما الفنية المتباينة، فإن اضطراب فان جوخ أدى إلى محاولته تهديد رفيقه بآلة حادة.

لاحقاً استخدم فان جوخ تلك الآلة في قطع إحدى أذنيه ما أدى إلى خضوعه للعلاج بالمشفى، ولاحقاً أيضاً قرر الانتقال للعلاج بأحد المستشفيات النفسية في بلدة سان ريمي نتيجة لتدهور حالته النفسية. 

النهايات

وعلى الرغم من مروره بالعديد من الانتكاسات، استغل فان جوخ فترة مكوثه في المشفى ورسم عشرات الأعمال يحددها الموقع الرسمي لمتحفه بـ 150 عملاً خلال عام واحد فقط، من بينها نسخ لأعمال فنانين كلاسيكية.

وفي عام 1890 قبل وفاته بأشهر قليلة بيعت إحدى لوحاته وبدأت أعماله تلقى بعض القبول. 

تظهر صورة تم التقاطها في 29 يوليو 2020 قبور الرسام الهولندي فنسنت فان جوخ (إلى اليسار) وشقيقه ثيو فان جوخ في مقبرة أوفير سور واز. (تصوير ستيفان دي ساكوتين / وكالة الصحافة الفرنسية) - AFP
قبرا الرسام الهولندي فنسنت فان جوخ (إلى اليسار) وشقيقه ثيو فان جوخ في مقبرة أوفير سور واز- 29 يوليو 2020 - AFP

ترك فان جوخ المشفى في مايو من عام 1890 وانتقل لشمال فرنسا ليبقى قريباً من أخيه في باريس، إلا أن صحته عادت للتدهور نتيجة لمخاوفه المادية، خاصة بعد أن علم أن أخاه ينوي ترك العمل ببيع اللوحات وافتتاح عمل خاص.

لذا في الـ 27 من يوليو، أطلق فان جوخ على صدره الرصاص في أحد الحقول، وتوفي لاحقاً في الـ 29 من يوليو لعام 1890.