قبل 5 سنوات من هذا اليوم، وبصمتٍ شبه تام، انفجر نوع جديد من المواد فوق رؤوس اللبنانيين، فهزّ قلب العاصمة بيروت، ووصلت تردداته إلى سوريا وقبرص وفلسطين.
كان العصف يومها أشدّ توهجاً من الشمس، وغطى الزجاج مساحة المدينة كلها، وقتلت موجات الصدمة أكثر من 200 شخص، وأصيب الآلاف بجروح قاتلة، وظنّ معظم اللبنانيين أنه سيكون يومهم الأخير، بعد أن مسح الانفجار أحياء بأكملها عن الخارطة.
تعدّدت الآراء حول أسباب انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020، فمنهم من قال إن أعمال تلحيم وصيانة تسببت باندلاع الحريق، ومنهم من ردّ ذلك إلى استهداف إسرائيلي للمخازن بصاروخ مباشر، أدى إلى احتراق كمية كبيرة من نترات الأمونيوم، كانت مخزّنة في مرفأ بيروت منذ سنوات، في ظل ظروف غير آمنة.
عندما وقع الانفجار كان لبنان يعيش على وقع أزمة اقتصادية حادّة، وتظاهرات شعبية، وتوترات سياسية، وزيادة في معدّلات الفقر والبطالة، وارتفاع كبير في أعداد المصابين بفيروس كورونا، وتفاقم ذلك كله مع وجود عدد كبير من اللاجئين على الأراضي اللبنانية.
بعد 5 سنوات على الانفجار، ما زال سكان بيروت يتعافون من تداعياته، الانفجار الذي ما تزال تحقيقاته مستمرة حتى اليوم، من دون تحديد الجهات المسؤولة عنه، وما يزال يستذكره اللبنانيون كيوم أسود في تاريخ هذا البلد، الذي عاش تسعة حروب متكررة.
وبعد سنوات من الجدال حول هدم إهراءات المرفأ التي طالها الانفجار، أو الحفاظ عليها كما هي كشاهد على الكارثة، وتعهّد الكويت بدفع مبلغ 40 مليون دولار لإعادة إعمارها، وقّع وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غسان سلامة، الأحد، قراراً يقضي بإدراج إهراءات مرفأ بيروت على لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية في لبنان، استجابة لطلب تقدّم به أهالي ضحايا الانفجار.
وقال سلامة إن "القرار يهدف إلى حماية الإهراءات من أي عملية هدم أو تعديل، وترسيخ رمزيتها كشاهد مادي على الكارثة، التي أودت بحياة أكثر من 200 شخص، ودمّرت أجزاء واسعة من العاصمة".
وأكد سلامة أن "هذه الخطوة تأتي حفاظاً على ذاكرة اللبنانيين، وحقّ الأهالي في الحقيقة والعدالة".
وبموجب هذا الإدراج، تخضع الإهراءات للقوانين التي ترعى حماية التراث المعماري، ما يمنع أي تغيير فيها من دون موافقة وزارة الثقافة، ويمنحها صفة "موقع ذي قيمة تاريخية ووطنية خاصة".
تجدر الإشارة إلى أن إهراءات مرفأ بيروت، التي دمّرها الانفجار في عام 2020، هي صوامع لتخزين القمح، تبلغ سعتها التخزينية نحو 120 ألف طن، تمّ بناؤها بين عامي 1968 و1970، بقرض حصلت عليه الحكومة اللبنانية من الكويت، عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.
صمّمت الصوامع مجموعة هندسية سويسرية "Bühler Group"، وبنتها شركات لبنانية، بإشراف الشركة السويسرية.