مهرجان الدرعية للرواية.. جيل سعودي منفتح على السرد

جلسة حوارية من مهرجان الدرعية للرواية. 24 نوفمبر 2025 - واس
جلسة حوارية من مهرجان الدرعية للرواية. 24 نوفمبر 2025 - واس
الرياض-حسن رحماني

تحوّل حي البجيري خلال الأيام الماضية، إلى مساحة ثقافية تحتفي بالرواية والأدب، وتستقبل القرّاء والمثقفين والمهتمين بفنون السرد، في النسخة الثانية من مهرجـان الدرعيـة للروايـة الذي يحمل شعار "للسرد ملفى، وللقصة مكان".

يوثق المهرجان العلاقة بين الناس والتاريخ، ويستحضر الماضي كي يفتح أبوابه من جديد، ويضيء على ما خفي من معانيه وتجاربه الإنسانية، من خلال نقاشات موسّعة حول الهوية والذاكرة، والموازنة بين صدق الرواية وحرية الخيال، تمنح فهماً أعمق لتقنيات السرد.

يضم البرنامج أكثر من 40 ورشة وجلسة حوارية، وأكثر من 20 من  أمسية ومحاضرة بمشاركة أكثر من 30 روائي باللغتين العربية والإنجليزية، من بينهم كبار الروائيين السعوديين والعرب.

من الجلسات في الدرعية
من الجلسات في الدرعية -واس

 

يوسف المحيميد

وأكد الكاتب والروائي السعودي يوسف المحيميد لـ"الشرق" خلال مشاركته في مهرجان الرواية بالدرعية، أن ارتباط المهرجان باسم الدرعية يحمل دلالة ثقافية عميقة. ورأى أن تصميم المهرجان "جاء بمستوى عالمي لجهة التنظيم، واختيار الشخصيات، وتحديد المحاور، ما يعكس احتراماً كبيراً للكاتب والمتلقي معاً".

وأوضح أن تخصيص المهرجان للرواية هو خطوة مهمة، "نظراً لمكانتها كأكثر الأجناس الأدبية قراءة، وارتباطها بالتحوّلات الدرامية والسينمائية، ودورها في تكريس الجوائز الأدبية عالمياً". 

واقترح المحيميد أن تتضمن الدورات المقبلة "عروضاً لأهم الأعمال الروائية السعودية التي صدرت خلال العام"، مشيراً إلى أن المملكة "تنتج ما بين 100 إلى 150 رواية سنوياً، وهو ما يستحق أن يتاح للجمهور في مثل هذه الفعاليات".

وحول الجيل الجديد من الروائيين السعوديين قال المحيميد: "هناك أسماء جديدة تعمل بشكل رائع، قرأت أعمالاً مميزة، والحقيقة أن هذا الجيل لديه ما يريد قوله بأسلوب مختلف عن الأجيال السابقة، ونحن بحاجة إلى هذا التمازج بين الأجيال لإثراء المشهد الروائي السعودي".

الروائي السعودي يوسف المحميد في مهرجان الدرعية للرواية
الروائي السعودي يوسف المحميد في مهرجان الدرعية للرواية - واس

التراث المستقبلي

وأشارت الدكتورة ياسمين جريصاتي، الوكيلة الأدبية المشاركة في مهرجان الرواية بالدرعية، إلى أن اختيار الدرعية موقعاً لمهرجان الرواية له دلالاته. "فالأدب المعاصر يمثل التراث المستقبلي، وإقامة الفعاليات الأدبية في مواقع تراثية تحمل رسالة عميقة تربط الماضي بالحاضر". 

وقالت: "تحمست كثيراً عندما حضرت، وأعتقد أننا بحاجة إلى المزيد من المبادرات من هذا النوع. فهذه الفعاليات تتيح للكتب أن تجد طريقها للنشر، ويتعرف القراء عليها ويشترونها. كما أن المهرجان يمنح القارئ فرصة للتواصل مع الكاتب، والاستماع إليه، والتفاعل معه، والتعرّف على أشخاص آخرين، ليس فقط في مجال النشر".

تطوّر الرواية السعودية

من جهته أكد الكاتب بدر السماري أن المشهد الثقافي السعودي "يشهد حراكاً غير مسبوق، حيث أصبحت الثقافة والأدب حاضرين في معظم الفعاليات، حتى تلك التي تبدو اجتماعية أو ترفيهية". وأشار إلى أن هذه المبادرات، تجدد ارتباط الثقافة والفن بمعطيات الحياة اليومية.

وقال: "من بدأ الكتابة في التسعينيات من الأدباء السعوديين لم يكن يحلم بمثل هذه اللحظة. أنا في غاية السعادة بهذا الزخم الذي يجدد ارتباط الثقافة والفن بمعطيات الحياة الحقيقية".

ملتقى الرواية في الدرعية
ملتقى الرواية في الدرعية - واس

 

وحول الإنتاج الروائي الغزير في السعودية، أكد  السماري أن الرواية السعودية التي بدأت رحلتها الحقيقية قبل نحو 30 عاماً، "حققت تطوراً ملحوظاً. كما أن التوسع في الإنتاج الروائي يمثل خطوة مهمة للأمام، وحتى إن صدرت أعمال لا تلتزم بالقالب الفني للرواية".

واعتبر أن الانتقال من القصة القصيرة والشعر إلى الرواية، كان تحولاً مهماً منذ التسعينيات، بفضل نماذج ريادية شجّعت الكُتّاب على خوض التجربة.

روائيات سعوديات أثناء إحدى أمسيات مهرجان الدريعية للرواية
روائيات سعوديات أثناء إحدى أمسيات مهرجان الدرعية للرواية - واس

أضاف السماري: "في أوروبا تصدر آلاف الروايات سنوياً، ونحن ما زلنا في حدود المئات. هذا التنوّع صحي، والزمن هو الغربال الذي يفرز الأعمال القادرة على الصمود. وبعد خمسين عاماً، لن تبقى سوى الروايات التي تستحق البقاء، لأن الزمن هو المعيار الحقيقي".

وفيما يتعلق بصناعة الروائيين الجدد، شدد السماري "على أن الموهبة هي الأساس، لكن الكتابة الإبداعية قابلة للتطوير"، مؤكداً ضرورة تراكم التجارب والاطلاع على نماذج متعددة لتشكيل وعي فني حقيقي بماهية الرواية.

وشدد على أهمية ربط الرواية بمختلف مناحي الحياة، قائلاً: "وجود الرواية في الفعاليات الترفيهية والتجارية والمجتمعية يجعلها أقرب للجمهور، ويقدمها كمنتج ثقافي ومعرفي مثل الأغنية والمقال، وهذا هو الإضافة الأهم".

 

تجدر الإشارة إلى أن مهرجان الدرعية للرواية، يستقبل زوّاره يومياً بدءاً من الخامسة مساء، على مدى أسبوعين، خلال الفترة ما بين 16- 29 نوفمبر الجاري. حيث يقدم حزمة من البرامج والأنشطة، متضمناً تجارب تفاعلية متنوّعة، وعروضاً حية، ومعارض فنية.

 كما يسلط الضوء على الإرث الثقافي والاقتصادي الغني للدرعية، ليمثل دعوة مفتوحة للتفاعل مع الماضي العريق للمملكة، واكتشاف روعة الحاضر، في أجواء مليئة بالأصالة والتراث.

تصنيفات

قصص قد تهمك