أطلق الأمير تركي الفيصل آل سعود، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، الطبعة العربية من كتابه "الملف الأفغاني" في معرض الرياض الدولي للكتاب 2021، من واقع خبرة طويلة في الشأن الأفغاني تتجاوز 24 عاماً.
وتحدث الفيصل، خلال حفل التوقيع عن رحلة عمله التي امتدت لأكثر من عقدين في هذا الملف المثير للجدل، واصفاً الكتاب بشهادته الكاملة عن فترة زمنية تعد الأكثر أهمية وحساسية في التاريخ الأفغاني الحديث، وعلاقة المملكة العربية السعودية بهذا الملف.
وتطرق الأمير تركي إلى ظروف تأليف الكتاب ونشره، حيث تقدم بطلب الإذن للشروع في الكتابة من العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبدالعزيز، موضحاً له أن الكتاب سيسرد ما قامت به المملكة في أفغانستان، منذ الغزو السوفياتي وحتى قبل أيام من أحداث 11 سبتمبر 2001.
وبعد حصوله على الموافقة، تم تكليف ولي العهد السعودي السابق الأمير مقرن بن عبد العزيز بمساعدته، من خلال توفير بعض الوثائق التي ساعدت في دعم الروايات وربط الأمور ومنحها صفة الحقيقة، وفقاً لرئيس الاستخبارات السعودية السابق.
خطاب موجه للعالم
وأوضح الأمير تركي أنه اختار اللغة الإنجليزية لكتابة كتابه، بهدف مخاطبة العالم أكثر من مخاطبة السعوديين، حيث يكثر الجدل ويزداد اللغط في الأوساط الدولية والعالمية عن دور المملكة وعلاقتها بأسامة بن لادن وأحداث 11 سبتمبر، فكان لا بد من التوضيح.
وقال الأمير تركي الفيصل: "أما كتابي الملف الأفغاني فبعد أن استأذنت من الملك عبدالله بن عبد العزيز رحمه الله لتأليف الكتاب وافق، فقررت أن أكتبه باللغة بالإنجليزية كي يكون الاطلاع عليه ضمن دائرة عالمية بشتى أصقاع العالم، واستعنت بالمؤرخ البريطاني "مايكل فيل" وانتهينا من كتابته عام 1427هـ".
وأضاف: "ظل الكتاب على حاسوبي حتى عام 1440هـ، وعندما جاءت ذكرى 40 عاماً على الغزو السوفيتي لأفغانستان، عدت للبحث عن الملف وتواصلنا واستعدنا ما كتبناه وأضفنا إليه أحدث التطورات وانتهينا منه بحلول عام 1442هـ".
تأخير النشر
وقال الأمير تركي إنه لم يتمكن من طباعة الكتاب بسهولة، إذ تم التواصل مع 15 داراً لطباعة الكتاب إلا أن جميعها اعتذرت، عدا دار واحدة وهي دار (Arabian Publishing).
ويرى الأمير تركي أن هذا التأخير جاء في صالح الكتاب، وخدم المحتوى بشكل أكبر ومنحه اتساعاً وأفقاً أوسع، لتضمينه أحداثاً جديدة تخص الملف الأفغاني، معلقاً على هذا التأخير بقوله: "رب ضارة نافعة فتأخير الكتاب أضاف له أهمية أكبر".
ويكشف الكتاب الكثير من الحقائق التاريخية فيما يتعلق بتاريخ الأفغان، حيث كان الفيصل قد بدأ كتابته عندما كان سفيراً للمملكة العربية السعودية في العاصمة البريطانية لندن.
وأوضح الأمير تركي في حديثه خلال اللقاء الذي أداره الكاتب والدبلوماسي السعودي الدكتور سعود كاتب، الكثير من الخفايا عن موقفين خذلت فيه طالبان المملكة.
وقال: "طالبان خذلوا المملكة، بل وخذلوا أنفسهم والشعب الأفغاني عندما رفضوا تسليم أسامة بن لادن في عهد الملا عمر، كما خذلوا المملكة مرة أخرى عندما رفضوا قطع صلتهم بالقاعدة، حينما طلب الرئيس كرزاي توسط المملكة بينه وبينهم".
تاريخ حديث
يتكون "الملف الأفغاني" من 15 فصلاً تتناول الغزو السوفياتي والرد الأفغاني في ثمانينيات القرن الماضي، ومحاولات الاستقلال وظهور المجاهدين، كما يتطرق كذلك لخطوط إمداد السلاح وسنوات الحرب الأولى والجمعيات الخيرية والمتطوعين، وحتى تحول الحرب والانسحاب، وإعادة المتطوعين إلى بلدانهم، وصعود طالبان وعلاقتها بأسامة بن لادن، ويختتم بالفصل الأخير وعنوانه "أعقاب الكارثة".
ويمنح الانسحاب الأميركي وعودة طالبان للسلطة الكتاب أهمية أكبر، إذ يأتي تدشينه بالتزامن معها، إضافة لأهمية اسم المؤلف الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات السعودية خلال فترة تغيرات مهمة في تاريخ أفغانستان.
وأصدر دار "Arabian Publishing" في لندن النسخة الإنجليزية من الكتاب، في 22 سبتمبر الماضي، بحضور الأمير تركي الفيصل، وتباع الطبعة العربية حالياً بجناح المركز في معرض الرياض الدولي للكتاب 2021.