عند المدخل الرئيس لمعرض الرياض للكتاب 2022، يتربّع ركن المكتبات الفردية الذي ينبض بعبق التاريخ وأمزجته الفكرية والأدبية، وبمقتنياته الأصلية النادرة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمجالات الحُكم، وأساليب التعليم، وأمزجة القرّاء في المملكة العربية السعودية في مرحلة مضت وما زال وهجها ووهج رجالاتها حاضراً.
يضمّ الجناح اللافت، مقتنيات خاصّة بالملوك والوزراء والمثقّفين المؤثّرين في تاريخ المملكة الحديث، ويشتمل على كتبٍ موقّعة من قبل كبار الكُتاب مثل العقّاد، وأخرى تعليمية تعكس مناهج التعليم قبل أكثر من نصف قرن، ومصاحف مميّزة بأشكالها وطباعتها.
ملوك وكُتب
يستعرض ركن المكتبات الفردية مكتبات: الملك فيصل، والملك عبد العزيز، والملك فهد، والحمد الجاسر، وخير الدين الزركلي، والدكتور الخويطر.
وتتميّز مكتبة الملك فيصل بالكتب المهمّة المرتبطة بتراث الإسلام، مثل كتاب تفسير الطبري "جامع البيان عن تأويل القرآن"، فضلاً عن كتبٍ تتعلّق بالجواد العربي، والبترول في جزيرة العرب وغيرها من الموضوعات.
أما مكتبة الملك فهد، فتعود بنا إلى الأيام التي تبوّأ فيها منصب أوّل وزيرٍ للمعارف (التعليم) في المملكة سنة 1953، بأمرٍ من الملك سعود، إذ كانت المناهج التي تُدرّس حينها تقع تحت مسمّيات مختلفة عن أيامنا، مثل كتاب "الميكانيكا"، و"البيئة والأقاليم الطبيعية"، و"الواضح في قواعد اللغة"، و"التوحيد والحديث والفقه"، و"الجديد في النصوص الأدبية".
وثائق بخط اليد
المشرف على المكتبة الأستاذ عبدالله القحطاني أوضج لـ "الشرق" أن "كلّ مكتبة من هذه المكتبات تعكس اهتمامات الملوك والأدباء في مرحلةٍ من تاريخ المملكة وتبرز اهتماماتهم الشخصية وهواياتهم الفردية أيضاً".
وأوضح أن مكتبة الملك فهد "تضمّ أوّل طبعةٍ من المصحف الشريف من مجمع الملك فهد في المدينة المنوّرة، وشهادة دكتوراه فخرية من جامعة هارفرد تعود للعام 1993، إلى جانب مجلة "التايمز" وعلى غلافها صورة الملك فهد الذي اختير "رجل العام" في سنة 1979، كما تضمّ هاتفه الشخصي اليدوي، ومخطوطةً بخط يده تتعلّق بتوسعة الحرم الشريف في العام "1985.
بدوره، كشف المشرف على جناح مكتبات الجاسر والزركلي والخويطر، الأستاذ ماجد العنزي لـ"الشرق" أن هذه المكتبات الفردية انتقلت إلى الصروح الأكاديمية بناءً على رغبة أصحابها قبل رحيلهم، إذ أوصوا بإهداء مكتباتهم إلى جامعات المملكة كي يستفيد منها الدارسون والمختصّون من أبناء السعودية والوطن العربي.
وزراء وأهل ثقافة
مكتبة الزركلي تضمّ كتباً قيّمة تنتمي إلى مجالات التعليم، فقد كان من رجالات الملك عبد العزيز، وبقي وزيراً للتعليم على مدى 30 عاماً، وتوفّى في عهد الملك فيصل، وأوصى بإهداء مكتبته إلى جامعة الرياض.
يقول العنزي: " الزركلي كان سوري الجنسية لكن المملكة منحته جنسيتها نظير إسهاماته في مجالات عدّة. وقد شغل وزارة الخارجية وموقعاً في جامعة الدول العربية في أخر أيامه".
أمّا مكتبة الأديب حمد الجاسر المثقّف المعروف الذي حاز وسام الملك عبد العزيز، وله مؤلفات كثيرة، فتتمّيز بالكتب الأدبية التي تعود لكتّاب من زمن العقّاد الأديب والمفكر المصري، فضلاً عن كتبٍ شعرية وكتب الأمثال الشعبية.
وتمثّل مكتبة الخويطر، اهتمامات الراحل المهنية، فهو كان رجل دولة شغل وزارتي المالية والتعليم، وكان مثقّفاً بارزاً ترك بصمته في التعليم في المملكة.
تجدر الإشارة إلى أن بعض هذه المكتبات الفردية تتبع اليوم لمكتبة الملك سلمان المركزية، التي تضمّ 13 مكتبة خاصّة من بينها مكتبات الجاسر والزركلي والخويطر.
اقرأ أيضاً:
