د. علي بن تميم لـ"الشرق": معرض الرياض للكتاب يجسّد رؤية السعودية 2030

الدكتور علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية - "الشرق"
الدكتور علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية - "الشرق"
الرياض-ثناء عطوي

من محبّة الناس للُغتهم وحرصهم عليها، ومن السياسات الثقافية والمعرفية المتقدّمة للدول، تُزهر اللغات وتحيا. ومن شغفٍ فردي، وتوجيهاتٍ عامّة تتبعها دولة الإمارات، حفاظاً على الهوية وتراثها الثقافي واللغوي، انطلق مركز أبوظبي للّغة العربية قبل سنتين، وعلى رأسه سعادة الدكتور علي بن تميم، الذي جاء حاملاً "أجندته" العملية، الممتلئة بالمشروعات والبرامج النوعية، والجوائز المهمّة، وبـ"المئويات" المميّزة في مجالات الأدب والشعر والرواية.

خلال فترة قصيرة، حقّق المركز إنجازاتٍ مضيئة، وأخرج من هذه اللغة الثمين والجميل، وأثبت مرونتها وقدرتها على استيعاب معطيات العصر، وعلى مخاطبة الشباب واستقطابهم، من خلال مشروعاتٍ تطاول الناطقين بالعربية وغير الناطقين بها أيضاً.

كل ما تقدّم وأكثر، يتحدث عنه رئيس المركز، الدكتور علي بن تميم، الذي واكب فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2022، وكان لنا معه خلاله هذا الحوار:

"ثمرة رؤية 2030"

أطلقتم السلسلة الثانية من "عيون الشعر" من منصّة معرض الرياض الدولي للكتاب، في خطوة تجسّد التكامل الثقافي ما بين المملكة ودولة الإمارات، كيف تُعبّر عن هذا التكامل من منظورك الخاص؟

يحتاج العمل في مجالات الثقافة إلى الاستمرارية، وبالنسبة لنا فإن معرض الرياض للكتاب هو فرصة سانحة نظراً لأمورٍ عدّة، فهو من أهمّ معارض الكتب في العالَم العربي، وهو الذي يعطي إصداراتنا زخمها المستحقّ، وهو يعدّ الأهمّ بين المعارض لجهة القوّة الشرائية، وإقبال المحلي والعربي عليه.

ونحن نحضر في معرض الرياض للكتاب بـ450 إصداراً، ونعرض عناوين مهمّة، وهي فرصة لنسلّط الضوء على مشروعاتنا الجديدة، وعلى جوائزنا، وعلى الاشتراك في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، فضلاً عن التعريف بجديد كتبنا، والتعريف بمنحنا المتعلّقة بدعم المؤلّفين والناشرين.

ما الأهمية التي يكتسيها معرض الرياض للكتاب بنظركم؟

معرض الرياض يسير في منحى تطوّري كبير، هو معرض متعدّد ومنفتح بالكامل تتوفّر فيه كل العناوين، ويضمّ برنامج فعاليات غني ورائع، وذلك في محاولة من هيئة الأدب والنشر والترجمة لتعزيز حركة قراءة الكتاب بمختلف الأشكال، وهذا ضروري لأن الكتب والثقافة يجب أن تنتقل من كونها نخبوية إلى الشارع والعامّة.

هذا الزخم والانفتاح والنهضة الكبيرة، هي ثمرة رؤية السعودية 2030 ورؤية وليّ العهد سموّ الأمير محمد بن سلمان، الذي ساعد في هذه التحوّل الكبير، بالتعاضد والتعاون مع وزارة الثقافة في المملكة. 

"عيون الشعر"

ماذا عن سلسلة "عيون الشعر" تحديداً، ماهيتها؟ وهل هي توثّق للشعر العربي القديم والحديث؟

 تعدّ هذه السلسة أكبر موسوعةٍ في التاريخ المعاصر، وهي تضمّ أكبر مختاراتٍ معاصرة في مجالها، إذ شارك عشرات الباحثين والأدباء في العمل عليها، وفي اختيار الأشعار منذ امرؤ القيس وحتى أحمد شوقي.

وهي تصدر في مئة مجلّد، يتناول موضوعات عدّة في الشعر، مثل الماء والصحراء والخوف وغيرها، وهي تصنيفية وتعبّر عن ذائقاتٍ عدّة وليس عن ذائقةٍ واحدة.

حتى اليوم، صدرت المجلّدات الخمسون الأولى في دولة الإمارات. وأعلنا في معرض الرياض عن صدور 25 مجلّداً جديداً، أيّ أنّنا وصلنا إلى 75 مجلّداً، على أساس أن نغطي في آخر السنة المئة مجلد، علماً أن هذه السلسة متوفّرة بخدمة الصوت، وهي مطبوعة، ومقروءة أيضاً.

منتخبات للقراءة

لماذا هذه السلسة؟

في الحقيقة أن ذلك يعود إلى أهمّية ودور المنتخب والمُختار، لأن ما يعزز عملية القراءة هو المختار من النتاج الأدبي وخصوصاً في ظلّ وجود هذا الكمّ الهائل من النتاج الشعري العربي، وفي ظلّ غياب الملاحق الثقافية، التي تعزّز العناوين وتستعرض الكتب وتبرزها.

علماً أن المنتخبات التي نعمل عليها ترتبط بمجالاتٍ متنوّعة، فقد أنجزنا مشروع مئة كتاب وكتاب، ومئة كتاب في مجال الكتب العربية الأكثر تأثيراً في العالَم، كما نعمل الآن في مجال مئة أهمّ رواية، وأهمّ مئة كتاب تمّ تأليفه من قِبل النساء. 

كيف تنظر إلى استضافة المملكة لدولة تونس، وأين تضعها كمثقّف خليجي في حسابات الفكر والثقافة؟

لهذه الاستضافة الأثر الكبير في تعزيز ثقافة وحضور الكتاب والموسيقى والفنّ. أعتقد أن الجهود الثقافية في تونس مهمّة وهذا واضح من خلال إصدارات المثقّفين والمؤلفين والأكاديميين التونسيين، كذلك فإن معرض الرياض سيعزّز من حضور الثقافة التونسية، ويسلّط الضوء على مختلف القطاعات.

نعلم من خلال إنجازاتكم في مركز أبوظبي للغة العربية، أن لديكم طموحات كبيرة للتقدّم، أين يقف مركزكم اليوم، وما هي المشروعات التي تعملون عليها، وخصوصاً في مجال تعزيز اللغة العربية؟

نحن مستمرّون وتتميّز مشروعاتنا بالاستدامة، بمعنى أن المشروع الذي نبدأ به يجب أن يكون له أفق مستقبلي، وذلك يتمثّل في تقديم المنح للمؤلّفين والمترجمين، إذ إن الترجمة مستمرّة وعندنا مئة عنوان جديد كل عام.

في مركز أبوظبي الآن، أضفنا مسألة أساسية وهي فكرة التعليم، وخصوصاً لغير الناطقين بالعربية، وعقدنا للغاية اتفاقات مع معهد العالَم العربي في هذا المجال، وخصوصا ًالامتحان الدولي الذي يطلق عليه "سيغما"، كما نعمل على تنمية الأبعاد التكنولوجية والذكاء الاصطناعي والمعاجم. 

"كنز الجيل" 

ماذا عن "جائزة كنز الجيل"؟

جائزة "كنز الجيل" هي جائزة جديدة تختصّ بالدراسات الشعبية والفولكلورية، والدراسات الأكاديمية على مستوى العالَم. وهي مفتوحة أمام أيّ باحثٍ لديه اهتمام يتّصل بالثقافة الشفاهية والشعر والسير الشعبية، وهذا حقل مهمّ وكنز يكشف عن خصوصية المجتمعات. وفي الوقت ذاته لا توجد دراسات أكاديمية في هذا المجال. وقد أعلنا عن منحٍ للباحثين لدعم عملية التأليف والطباعة.

هل لنا أن نتطرق إلى مجلّة المركز المحكّمة المرتبطة بالدراسات العربية، التي تصدر بالتعاون مع "بريل"؟ التي تعد واحدة من أهمّ دور النشر الأوروبية؟

المجلّة أصبحت موجودة على كل القوائم الأكاديمية العالمية، وقد كانت من أكثر المجلات تصفّحاّ إلكترونياً في عددها الأوّل. وهي جاءت انطلاقاً من الحاجة إلى هذا النوع من الإصدارات، إذ لاحظنا أن حضور الدراسات العربية باللغة العربية تحديداً في الأكاديميات الكبرى المؤثّرة في العالَم، غير متوفّرة، أو قليلة جداً، لذلك أردنا أن نحثّ عملية التأليف باللغة العربية، لأننا نؤمن أن العربية هي لغة عِلمٍ ومعرفة وإبداع. وقد صدر العدد الأوّل منها ونعمل على الأعداد المقبلة".

ثمة تحديات كثيرة تواجه لغتنا العربية ما أبرزها؟

التحدّي المشترك الذي يواجه العربية هو التكنولوجيا، اللغة الرسمية في كل مجتمعاتنا هي العربية، والتحديات التي تواجهها تختلف من بلد لآخر، فهي في المملكة مختلفة عنها في الإمارات أو دول المغرب العربي.

ودعوني هنا أؤكد ضرورة أن تتضافر الجهود في مجال البحث والتكنولوجيا لتحديث لغتنا وتجاوز هذه المشكلات. والأهمّ في هذا الإطار أن تنتقل المجامع اللغوية في مجتمعاتنا من كونها تُعنى بالتنظير والتشريع، إلى مجامع تضع الخطط والممارسات قيد التنفيذ.

اقرأ أيضاً:

 

تصنيفات