كل ما يحيط بنا يشكّل عناصر ملهمة للفنانين والكُتّاب، لكن استكشاف الإمكانات الكامنة في اللون الأزرق ببعديه الرمزي والبصري، هو ما تقترحه الأعمال المشاركة في معرض"الأزرق: من تدرّجات الألوان إلى اللون الأحادي"، الذي ينظّمه جاليري "كوخ" في هانوفر بألمانيا.
يضمّ المعرض أكثر من 40 عملاً لـ26 فناناً عالمياً، يعود تاريخها إلى القرنين العشرين والحادي والعشرين. ويجمع أعمالاً باللون الأزرق بدرجاته المختلفة، من العميق إلى الأقل حدّة والسماوي الناعم.
تتّبع الأعمال كلها تأثير تدرّج الألوان واستخداماته عبر أكثر من قرن من تاريخ الفن، وهي تعود إلى كبار الفنانين المعاصرين مثل Emil Nolde و Ernst Ludwig، فضلاً عن مؤسسي مجموعة Zero وهما Heinz Mack و Günther Uecker، إلى جانب الممارسين الفنيين الشباب.
رمزية الأزرق
يصف القائمون على المعرض رمزية هذا اللون بالقول: "الأزرق، مثل لون السماء والماء والمسافة، هو لون الاتساع والشوق والاستيعاب. يوصف تأثيره بأنه بارد وهادئ وحزين وعميق. يكتسب أهمّية مدمجة بشكل مثالي مع اللامادية".
ونشر المعرض عبر موقعه تقديماً لفكرة المعرض قال فيها: "في الفترة الرومانسية، أصبح اللون الأزرق رمزاً للأفكار الروحية المثالية، وفي القرنين العشرين والحادي والعشرين، أصبح اللون نفسه تعبيراً عن السعي الميتافيزيقي في الفن، كاستعارة للروحانية".
وأضاف:" لكن هذا اللون يعمل كوسيلة للوصف التعبيري أيضاً، وبالتالي كحامل للمعنى؛ إنه موضع تساؤل من حيث قيمته الضوئية، كمادة ملوّنة، وعلاقتها بالألوان الأخرى ".
مصدر إلهام
لماذا نحب اللون الأزرق؟ سؤال طرحته صحيفة "USA ART NEWS" على هامش المعرض، وأكدت فيه أن الأزرق بجميع درجاته وألوانه، "لطالما شكّل مصدر إلهام للفنانين لعدّة قرون، سواء تمّ استخدامه كمرجع رمزي، أو ليعكس عناصر في الطبيعة، كما يمكن تكييف اللون الأزرق مع الاحتياجات الإبداعية للفنانين وتبنّيه بلا حدود".
يعدّ استخدام الأزرق في الواقعية والتجريد، أحد أكثر مجالات المعرض إثارة للاهتمام. وهناك أعمال مثل Grand Dissolution أو "التحلّل الكبير" لأندريا نيومان، يُبرز “الهشاشة في عالمنا (الحرب، الاضطرابات الاجتماعية، الضعف الإنساني).
وتعكس لوحة "بحر البلطيق، أربعة بحّارة" لكلاوس فوسمان (2020)، الأزرق من خلال الأساليب الانطباعية، وتمثّل العناصر الطبيعية مثل البحر والسماء والأفق. وفي لوحة "توأم وير" (2021) للفنان Rainer Gross (2021)، يظهر الأزرق على السطح باهتاً مثل القشرة التي تندمج بألوان من خارج حدود الأزرق.
وتستحضر لوحة ريناتا توماروفا "زبد البحر" (2022)، حالة الانتعاش أو الفرح الطفولي الغامر، وهي تستخدم الأزرق كي تبرز الإضاءة الطبيعية، مع دمج التركيبة بالأبيض الثلجي، وهي ألوان تحثّ الذاكرة على استرجاع مرحلة عمرية معيّنة، والحنين إلى الماضي.
كما نجد في لوحة Heinz Mack "كوكبة لونية" (2018)، أن الأزرق هو عنصر حاسم داخل تجريد هندسي، يلفت الانتباه إلى الحدّة النابعة من الكحلي، وإلى تأثيرات الخطوط التي تؤطّر اللوحة وتمنحها أبعاداً عميقة.
اقرأ أيضاً: