رسامون برازيليون ينطلقون من "الهيب هوب" إلى ثورة اجتماعية

الفنان البرازيلي جوني ألكسندر جوميز المعروف باسم جوتا يرسم في ستوديو خاص به في ريو دي جانيرو بالبرازيل. 12 أبريل 2023 - AFP
الفنان البرازيلي جوني ألكسندر جوميز المعروف باسم جوتا يرسم في ستوديو خاص به في ريو دي جانيرو بالبرازيل. 12 أبريل 2023 - AFP
ريو دي جانيرو-أ ف ب

رغم أنّ حاملة لوحاته موضوعة أمام نافذة تطل على جبل باو دي أسوكار الشهير في ريو دي جانيرو، إلا أن الفنان البرازيلي الشاب جوتا يفضّل أن يرسم منازل الأحياء الفقيرة في المدينة.

وتحظى أعمال هذا الرسام العصامي البالغ 22 عاماً باستحسان هواة الجمع في البرازيل وخارجها.

وليس جوتا الفنان الوحيد الذي يُقدّر هواة الجمع أعماله، إذ بدأت موجة جديدة من الفنانين الشباب، المتحدرين من أحياء ريو دي جانيرو الفقيرة ومن ذوي أصول إفريقية، تبرز في معارض الفن المعاصر وفي المتاحف المرموقة، ومن أشهرهم ماكسويل ألكسندر الذي استقبل متحف قصر طوكيو في باريس معرضاً له في نهاية عام 2021.

أما الموضوع الذي اختاره لرسومه جوتا، واسمه الحقيقي جوني ألكسندر جوميز، فهو حي شاباداو الفقير الذي غالباً ما تُسجَّل فيه عمليات إطلاق نار.

ولا يمكن الوصول عبر السيارة إلى شقته المتواضعة المؤلفة من غرفتين والواقعة في أحد الأزقة، إذ وضع تجار مخدرات كتلاً إسمنتية لمنع دخول سيارات الشرطة إلى الحي.

"ليست موضة عابرة"

ورسم جوتا، الذي يدين العنف الممارَس من عناصر الشرطة، عدداً من سكان المنطقة وهم يحملون جثة ملفوفة بقطعة قماش ملطخة بالدماء، فيما أنجز لوحة فنية أخرى تظهر عناصر من الشرطة برؤوس خنازير.

Brazilian artist Johny Alexandre Gomes, known as Jota, 22, poses for a picture next to his artwork at his studio in Rio de Janeiro, Brazil on April 6, 2023. - A new generation of young black artists from Rio de Janeiro's poor neighborhoods is gaining prominence at contemporary art fairs and prestigious museums. (Photo by CARL DE SOUZA / AFP) - AFP
الفنان البرازيلي جوني ألكسندر جوميز المعروف باسم جوتا بجوار لوحاته في ريو دي جانيرو بالبرازيل - 13 أبريل 2023 - AFP

ويرى أنّ وقائع كهذه "ينبغي نقلها"، إلا أنّه يرغب أيضاً في إيصال فكرة أخرى عن الأحياء الفقيرة، كالسحر الذي تتمتع به "المنازل الصغيرة المبنية بمحاذاة بعضها بعضاً" وسط أشجار جوز الهند.

كان جوتا وهو في السادسة عشرة من عمره يساعد عمّه في مواقع البناء. وأنجز أول رسومه على صناديق الورق المقوّى والألواح الخشبية مستخدماً طلاء الأكريليك الرخيص.

إلا أن حياته تغيرت بعدما نشر صوراً لأعماله الفنية عبر إنستجرام، فلفتت هذه الرسوم انتباه مؤسِسة منصة "ام تي بروجيتوس دي ارته" مارجريت تيليس، التي بدأت تزوّده بمعدات وتوفر له ستوديو في وسط المدينة وتتولى إدارة عمليات بيع أعماله.

وفي كل نسخة من معرض الفن المعاصر "آرت ريو" السنوي، تُباع لوحات جوتا في ساعات. وخلال النسخة الأخيرة من المعرض التي أُقيمت في سبتمبر، وصل سعر اللوحة الواحدة من أعماله الفنية إلى ما لا يقل عن 15 ألف ريال (نحو 3026 دولاراً).

وتمكّن الرسام الشاب من شراء منزل يبعد 100 متر فقط عن بيت والدته في حي شاباداو.

ويقول جوتا الذي عرض لوحاته في أمستردام عام 2021، عقب فوزه بجائزة الأمير كلاوس إن "حياتي تحسنت بصورة كبيرة، لكنّني أطمح لمزيد من النجاح".

وترى مارجريت تيليس أنّ بروز فنانين شباب من ذوي الأصول الإفريقية كجوتا "ليس ناتجاً عن موضة عابرة"، بل "موجة دائمة" تعود تحديداً إلى الصحوة التي أعقبت قضية جورج فلويد، الأميركي من أصل افريقي الذي قتله في مايو 2020 ضابط شرطة أبيض.

وخلال العام الماضي، عُرض عمل لجوتا في متحف ماسب في ساو باولو، إلى جانب لوحة من تيار الحداثة لكانديدو بورتيناري، أحد أشهر الرسامين في البرازيل.

الهيب هوب 

ومن بين الفنانين الصاعدين أيضاً أو باستاردو (25 عاماً)، الذي افتتح أخيراً معرضه الفردي الأول في متحف ريو للفنون.

ويتميز هذا الرسام الذي طلب إبقاء كنيته طي الكتمان ودخل المجال من خلال الرسم على الجدران، برسمه شخصيات من ذوي الأصول الإفريقية على غرار الزوجين جاي زي وبيونسيه، وجان ميشيل باسكيا ومارتن لوثر كينج، على خلفية زرقاء.

وعلى غرار جوتا، نشأ أو باستاردو مع أم عزباء، واكتشف موهبته هواة جمع إيطاليون عبر انستجرام في عام 2021.

Brazilian artist Johny Alexandre Gomes, known as Jota, 22, walks on a street of the Chapadao favela in Rio de Janeiro, Brazil on April 13, 2023. - A new generation of young black artists from Rio de Janeiro's poor neighborhoods is gaining prominence at contemporary art fairs and prestigious museums. (Photo by TERCIO TEIXEIRA / AFP) - AFP
شوارع حي شاباداو الفقير في ريو دي جانيرو بالبرازيل. 13 أبريل 2023 - AFP

ويقول الفنان، الذي نشأ في مسكيتا، وهي ضاحية فقيرة في شمال ريو دي جانيرو: "أقمت في باريس بعدما حصلت على منحة دراسية في مجال الفنون الجميلة، لكن لم يكن بحوزتي فلس واحد وكنت أنام على أريكة صديقتي".

وترددت أصداء شهرته العالمية في البرازيل، فعُرضت أعمال له في أبرز صالات العرض البرازيلية. ويواجه حالياً صعوبات لتلبية الطلب على أعماله، ويقول: "يتعين عليّ العمل لخمس سنوات أقله حتى لتلبية كل الطلبات".

ويتولى هذا الفنان أيضاً رسم مواقف من الحياة اليومية لحيّه، لكن مع إشارات يستمدها من كل مكان وأحياناً من خارج البرازيل.

وداخل أحد صالونات تصفيف الشعر، نرى مثلاً رسماً يظهر "الكرسي الذي جلس عليه كانييه ويست خلال أحد عروض الأزياء في باريس وآخر يبيّن عملية تبليط لمنزل مدمّر في سوريا" شاهده عبر وسيلة إعلامية.

ويقول كبير أمناء متحف ريو للفنون مارسيلو كامبوس "إن مرجع معظم الفنانين السود الشباب في ريو ليس بيكاسو، بل ثقافة الهيب هوب"، مضيفاً "إنها ثورة اجتماعية تعيد النظر في أسس الفن".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات