أنشأت وزارة الثقافة السعودية "حي جاكس" للفنون بهدف إيجاد منصّة ملهمة، وتبنّي الأنشطة الفنية والثقافية المتمثّلة في المعارض وورش العمل والفعاليات الفنية المعزّزة للتبادل الفني والثقافي، وإثراء تجربة المجتمع بالفنون وجعل الثقافة نمط حياة.
ومنذ انطلاقه، تحوّل "حي جاكس" من منطقة صناعية منسية تضمّ أكثر من 100 مستودع، عُرفت باسم "جاكس" نسبةً لشركة كانت موجودة في المكان نفسه في أواسط القرن الماضي، إلى أحد أهم الوجهات الإبداعية التي تضجّ بالأفكار والمشروعات والأعمال الفنية، ذات الأبعاد الثقافية المتناغمة مع المحاور الرئيسة لرؤية المملكة، لجهة بناء مجتمع من الفنانين والمبدعين.
وجهة عالمية
أصبح "حي جاكس للفنون" في محافظة الدرعية في الرياض، أيقونة فنية سعودية، والوجهة الجاذبة لأشهر الفنانين السعوديين وتجاربهم، المنفتحة على المجتمع الفني المحلي والعالمي.
لم يشرّع هذا الصرح أبوابه للمساحات والاستوديوهات وورش العمل والفعاليات الفنية، بل تحوّل إلى وجهة عالمية، واحتضن فعاليات كثيرة على مستوى الوطن والخارج، وفي مقدّمها "بينالي الدرعية" للفن المعاصر، الذي يعدّ منصّة لاستعراض أبرز الأعمال المبتكرة في العالم.
كما تمّت استضافة النسخة الثالثة من معرض "بينالسور" للفن المعاصر متعدّد الأقطاب، الذي يعمل كشبكة تعاون بين المتاحف والمراكز الثقافية في جميع أنحاء العالم، وهي الاستضافة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط. فضلاً عن الفعاليات الأخرى، مثل "ملتقى طويق الدولي للنحت"، و"ميدل بيست" التجمّع العالمي لصنّاع الموسيقى العالميين، ليصبح بذلك منطقةً جاذبة تستقطب اهتمام المؤسسات الفنية الأبرز.
موقع مثالي
الفنان التشكيلي معاذ الحازمي اعتبر في حديثه لـ "الشرق"، أن "حي جاكس" هو موقع مثالي للفنانين، يمثّل مركزاً للثقافة والإبداع، ويجذب الزوّار والسكان المحليين والعالميين، ويسهم في تعزيز واقع المنطقة الاقتصادي.
واعتبر الحازمي أنه"بفضل هذا الحي، توطّدت علاقات الفنانين ببعضهم، ما سهّل عليهم تبادل الخبرات، ومشاركة تجاربهم وسط حي غني بالحركة الفنية، كما استفاد منه المجتمع المحلي إلى أبعد الحدود".
وأكد أن "كل مدينة تحتاج إلى حي مماثل، لما له من أثر إيجابي على البيئة المحلية، وسبق أن شهدنا نجاح قرية المفتاحة في مدينة أبها، ودورها من الناحيتين الفنية والاجتماعية".
مجتمع جاكس
من جانبها، ترى الفنانة منى باشطح أن "حي جاكس كان حلماً يراود الفنانين في السعودية، بأن يصبح لديهم مكان نجتمع فيه من كل المدارس والاتجاهات الفنية".
وأكدت لـ "الشرق"، أن "الحي يجمع بين الفنانين الكلاسيكيين والمعاصرين، ويُبرز تجاربهم المتنوّعة، ويشكّل نقطة التقاء بين الأجيال الفنية المختلفة".
ورأت أن الحي "أسهم في زيادة الوعي بالفنون المعاصرة، ودمج الفن بالبيئات المحلية، وهذا الأمر لم نشهده في المملكة من قبل".
واعتبر الفنان خالد عفيف أن "الكثير من الفنانين في المملكة كانوا يحتاجون إلى موقع جامع مثل "حي جاكس"، لافتاً إلى أن الفنان المعاصر ليس ابن الاستوديو أو المرسم، بل هو ابن المجتمع، يؤثر ويتأثر من خلال هذه البيئة، فـ"مجتمع جاكس" كما أحب أن أسميه، يعدّ حالة فنية لا يمكن أن تتحقّق إلا في هذا المكان".
يكتمل عقد المشهد البصري في حي جاكس بالمتحف السعودي للفن المعاصر، المصمّم وفق مفهوم إبداعي حديث، مدمج بالطراز المعماري التقليدي، وهو نتاج تعاون بين وزارة الثقافة وهيئة تطوير بوابة الدرعية، ليكون مركزاً للهوية البصرية المعاصرة للمملكة، ومنصّة للأعمال الفنية الحديثة، وللأصوات الجديدة، في أحد أهم المواقع التاريخية في السعودية.
