يخوض الشاعر المصري بهاء جاهين مغامرة جديدة في كتابه "الملك والمالك"، من خلال تقديم نص أدبي "عصي على التصنيف" بحسب وصفه، ليس شعراً أو رواية أو مسرحاً، وإنما يستخدم تقنيات هذه الفنون كافة، من دون أن يكون أياً منها.
وُلِد بهاء جاهين في القاهرة عام 1956، وحصل على ماجستير في الأدب الإنجليزي والأدب المقارن من الجامعة الأميركية في القاهرة، وصدر له عدد من الدواوين الشعرية، منها "الرقص في زحمة المرور" (1986)، "القميص المسكون" (1990)، "أيام" (1996) عن هيئة قصور الثقافة.
كما صدر له "مكاشفات شخصية" (2000)، و"كوفية صوف للشتا" (2003)، ثم "حكايات المهلهل مع ملك الزمان" (2005)، ليتوقف لفترة طويلة عن إصدار الدواوين الشعرية.
"قليل من النشر.. كثير من الكتابة"
ويُعد بهاء جاهين من أقل شعراء جيله إصداراً للأعمال الشعرية، لكنّه يرى أنه قليل النشر فقط وليس الكتابة، وقال في حديث لـ"الشرق": "كنت مستغرقاً في كتابة هذا العمل، وكتبت قصائد كثيرة أخرى، يمكن أن تستغرق خمسة دواوين كاملة لتُنشر، لكني لست متحمساً لنشر الشعر عموماً منذ عام 2005".
وتأثر بهاء بتجربة والده رائد شعر العامية المصري صلاح جاهين، فتميز أيضاً في نظم الأشعار الغنائية بالعامية، فكتب أغاني عدد من الأفلام والمسرحيات، أبرزها "سمع هس"، و"يا مهلبية يا" مع المخرج شريف عرفة، ومسرحيات "خشب الورد"، "شارع محمد علي"، "بهلول في إسطنبول"، "غراميات عطوة أبو مطوة"، كما كتب أغاني مسلسل الأطفال الشهير "بوجي وطمطم"، وفوازير "الحلو ما يكملش، جيران الهنا".
مزج وتداخل وسيرة فردية
ويمزج صاحب "القميص المسكون" في كتابه الجديد بين مقاطع من السيرة مع الشعر والنثر والدراما، وأيضاً بين لغات عدّة، وتتداخل كل هذه القوالب مع رسوم الفنان أحمد اللباد، الذي قرر بعد قراءة النص ألا يكتفي برسم لوحة الغلاف، فقرر الاشتباك مع النص بلوحات داخلية بينية.
لكن صاحب "مكاشفات شخصية" تحفظ على تفاصيل موضوع الكتاب، قائلاً: "أترك للقارئ تصنيف الموضوع والشكل الأدبي كيفما يشاء، فهو كتاب يناقش الوجود والإنسان والكون، وكل ذلك يتداخل مع أجزاء من سيرتي الفردية، وحياتي الشخصية، والسيرة الوطنية".
وأضاف: "أنا لم أختر أن يخرج الكتاب عن هذا الشكل، فالناقد بداخلي لا يُملي على المبدع مواصفات مسبقة، فقط تتخلق الكتابة من دون وعي، ثم يأتي دور الناقد، حين أقرأ ما كتبت".
تجربة عمرها 20 عاماً
تجربة بهاء ليست مغامرة على مستوى التصنيف والكتابة فقط، بل أيضاً على مستوى الشكل والمضمون، إذ تقترب صفحات الكتاب من 700 صفحة، الأمر الذي يشعر معه بهاء بالقلق. وعبّر عن ذلك قائلاً: "أضع يدي على قلبي، لكن المغامرة في الأدب فيها لذّة جنباً إلى جنب مع التخوف من رد فعل القارئ، لذّة أن يصنع الكاتب تجربة جديدة، لا يعلم مسبقاً طريقة استقبالها لدى القارئ".
ويحكي جاهين أن كتابة هذا العمل، الذي يصدر خلال أيام عن دار "الشروق" المصرية، استغرقت قرابة 20 عاماً، قائلاً: "بدأت في الكتاب في يناير 1999، أتتني فيها الكتابة دفعات، وتخللت هذه المدّة فترات توقف، امتدت أحياناً إلى 10 سنوات كاملة، لكن فترات التفكير فيه استمرت بلا توقف".