غواصة نووية وصاروخ "الوحش".. سباق التسلح يحتد بين الكوريتين

منظر لما يبدو أنه اختبار صاروخ كروز أطلق من غواصة في مكان غير معلوم في كوريا الشمالية في هذه الصورة التي نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية . 28 يناير 2024 - REUTERS
منظر لما يبدو أنه اختبار صاروخ كروز أطلق من غواصة في مكان غير معلوم في كوريا الشمالية في هذه الصورة التي نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية . 28 يناير 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

تصاعد التوتر مؤخراً بين الكوريتين، خاصة بعد إعلان بيونج يانج قطع جميع الطرق والسكك الحديدية التي تربطها مع كوريا الجنوبية، بدءاً من الأربعاء الماضي.

وأعلن الجيش الكوري الشمالي، تعزيز وجوده على الحدود، في وقت أبلغت فيه سول قيادة الأمم المتحدة، التي تشرف على الأوضاع في المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين بالموقف.

واكب تصاعد التوتر السياسي، ما يشبه سباق تسلّح بين كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية، بعدما كشفت الدولتين مؤخراً عن عدد من الأسلحة الجديدة القادرة على استهداف عمق أراضي العدو.

غواصة نووية

يبدو أن كوريا الشمالية بدأت بالفعل في بناء أول غواصة تعمل بالطاقة النووية في البلاد.

ونشرت كوريا الشمالية لعقود أكبر أسطول غواصات في العالم، وأحرزت على مدار السنوات الثماني الماضية تقدماً ثورياً في نشر غواصات ذات قدرات جديدة، وفقاً لمجلة Military Watch.

وشمل ذلك نشر أول غواصة صواريخ باليستية من منتصف العقد الأول من القرن الحالي، تليها أول غواصة صواريخ كروز في عام 2023، وغواصة غير مأهولة مسلحة نووياً تم اختبارها من أبريل 2023.

وعلى الرغم من أن المسؤولين في كوريا الشمالية، أشاروا في عدة مناسبات إلى إمكانية تطوير غواصة تعمل بالطاقة النووية، لا يزال من غير المعروف تماماً ما إذا كانت الغواصة ستكون مخصصة لإطلاق صواريخ باليستية، والتي ستحمل أسلحة نووية استراتيجية كرادع للمرحلة الثانية، أو غواصة هجومية يمكنها حمل صواريخ كروز وطوربيدات مسلحة نووياً وتقليدياً.

كما يظل الاحتمال قائماً بأن يجري بناء تصميم واحد في نسختين لكلا الدورين، تماماً كما كانت غواصات فئة Ohio التابعة للبحرية الأميركية.

وتحظى الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية بتقدير كبير بسبب قدرتها على التحمل الأكبر مقارنة بالسفن التي تعمل بالطاقة التقليدية مثل تلك التي تستخدمها كوريا الشمالية حالياً. ويمكن للغواصات النووية البقاء تحت الماء لعدة أشهر في المرة الواحدة ما يمنحها مدى غير محدود فعلياً.

وتسمح الغواصات العاملة بالطاقة النووية، والتي يمكنها إطلاق صواريخ باليستية، من تعقيد جهود الخصوم لتدمير "الردع النووي" العابر للقارات لأي دولة، وهو أمر قيم بشكل خاص بسبب الحجم الصغير نسبياً لأراضي كوريا الشمالية والعمق الاستراتيجي المحدود.

ويسمح هذا أيضاً بإطلاق الضربات من اتجاهات غير متوقعة، حيث لا يجري بناء الدفاعات الصاروخية بشكل كبير، مثل الضربات على البر الرئيسي للولايات المتحدة عبر حدودها الجنوبية.

استهداف أي مكان في العالم

وبالنسبة للغواصات الهجومية، فيمكن للغواصة العاملة بالطاقة النووية إطلاق ضربات صاروخية كروز ضد أهداف في أي مكان في العالم، بما في ذلك ضرب مستودعات أسلحة رئيسية وقواعد عسكرية في أراضي الولايات المتحدة، وعبر المحيط الهادئ.

ولسنوات، كانت القدرة على ضرب أهداف عسكرية أميركية في مناطق أبعد من شبه الجزيرة الكورية، والرد بالمثل على الهجمات الاستراتيجية على مراكزها السكانية إذا لزم الأمر، موضع تقدير كبير من قبل كوريا الشمالية.

وخلال الحرب الكورية، كانت الولايات المتحدة قادرة على قصف المدن الكورية دون عقاب، وتدمير جميع المباني التي يزيد ارتفاعها عن طابقين وإغراق المراكز السكانية من البداية إلى النهاية بالنابالم، مع عجز كوريا الشمالية عن الرد بشكل متناسب، ما أضعف بشكل كبير موقفها الاستراتيجي وموقفها على طاولة المفاوضات.

وفكر البيت الأبيض بجدية في شن هجمات نووية على أهداف كورية شمالية أثناء الحرب، وفي مناسبات متعددة بعدها.

واكتسبت كوريا الشمالية لأول مرة القدرة على ضرب البر الرئيسي للولايات المتحدة بالأسلحة النووية في عام 2017 مع تطوير صواريخ Hwasong-14 وHwasong-15، والتي اعتُبرت نقطة تحول في قدرتها على ردع العمل العسكري الأميركي والغربي.

ومنذ عام 2017، واصلت كوريا الشمالية تعزيز قوتها الرادعة، ومن المتوقع أن يعزز تطوير غواصة تعمل بالطاقة النووية هذا بشكل كبير.

ومن شأن بناء مثل هذه الغواصة أن تجعل كوريا الشمالية الدولة السابعة في العالم التي تمتلك غواصات تعمل بالطاقة النووية بعد الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند وفرنسا وبريطانيا.

وظهرت تكهنات منذ عام 2022 بأن روسيا يمكن أن تقدم الدعم لبرنامج الغواصات النووية لكوريا الشمالية من أجل المساعدة في دفع تكاليف عمليات نقل الأسلحة الجارية على نطاق واسع من الدولة الواقعة في شرق آسيا إلى القوات المسلحة الروسية.

وربما يكون الدعم الروسي عاملاً رئيسياً في تقديم تاريخ بدء البناء، مع بقاء احتمال كبير بأن تقوم البحرية التابعة للجيش الكوري الشمالي بنشر أول سفينة تعمل بالطاقة النووية نحو عام 2030.

صاروخ "الوحش"

في المقابل، استعرضت كوريا الجنوبية قبل أيام، صاروخاً باليستياً قادراً على حمل رأس حربي يزن 8 أطنان في استعراض للقوة، يقام سنوياً للإشارة إلى الاستعداد للرد على التهديدات الكورية الشمالية.

وجرى عرض صاروخ Hyunmoo-5، الذي اختبر بنجاح في العام الماضي، في استعراض يوم القوات المسلحة بقاعدة جوية في سول، شارك فيه نحو 5300 جندي، و340 نوعاً من المعدات العسكرية والطائرات، بحسب وكالة "رويترز".

وطيلة عقود، كانت مثل هذه العروض العسكرية تُقام بشكل غير منتظم في كوريا الجنوبية، ولكن في العام الماضي، أعاد الرئيس، يون سوك يول، إحياء تقليد إقامة مثل هذه العروض سنوياً، بما يتماشى مع شعاره "السلام من خلال القوة".

وقال مسؤولون عسكريون، إن العرض العسكري الذي أقيم كان يهدف جزئياً إلى إظهار القوة العسكرية لكوريا الجنوبية كرادع لكوريا الشمالية، التي تنظم بشكل متكرر عروضاً عسكرية تتضمن أسلحة مثل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

ووصفت وسائل إعلام كورية جنوبية، صاروخ Hyunmoo-5 بأنه "الصاروخ الوحش"، وكان بمثابة القطعة الأساسية في العرض العسكري، حيث صمم خصيصاً لاختراق المخابئ تحت الأرض.

ويصنف صاروخ Hyunmoo-5 على أنه قصير المدى، ولكن عند تزويده برأس حربي يزن طناً واحداً، فإن مداه يمكن أن يتجاوز 5 آلاف كيلومتر.

ويلعب الصاروخ الجديد دوراً رئيسياً في نظام الدفاع "ثلاثي المحاور" للبلاد، والذي يهدف إلى تحييد الاستفزازات النووية لكوريا الشمالية، بما في ذلك خطط الحرب التي تدعو إلى توجيه ضربات استباقية إذا لزم الأمر.

أول راجمة برمائية

وكشفت شركة هانوا للطيران والفضاء الكورية الجنوبية، عن نظام إطلاق صواريخ متعدد غير مأهول مصمم للعمليات البرمائية في معرض الدفاع الدولي للجيش الكوري KADEX.

وجرى تصميم قاذفة الصواريخ المتعددة البرمائية غير المأهولة لتقديم دعم ناري دقيق بأقل قدر من القوة البشرية، بحسب موقع The Defense Post.

وتسمح القاذفة بنشر المدفعية الصاروخية في مناطق لم يكن من الممكن الوصول إليها من قبل، وخاصة أثناء العمليات الموزعة. ويبلغ وزن النظام نحو 17 طناً، ويمكن نشره على السفن الهجومية البرمائية وسفن النقل. 

ويعمل نظام التثبيت المتقدم على تعويض حركة السفينة، ما يضمن دقة الاستهداف حتى في المياه المضطربة. ويعزز نظام الإطلاق غير المأهول قدرة الطاقم على البقاء، وخاصة في المناطق عالية الخطورة.

وذكرت شركة الدفاع الكورية الجنوبية العملاقة، أن "قاذفة الصواريخ المتعددة البرمائية غير المأهولة هي أكثر من مجرد منتج؛ إنها تغير قواعد اللعبة في الحرب البرمائية".

وأضافت أن تلك الراجمات تجسد الالتزام بتوفير حلول دفاعية مبتكرة وفعالة وموثوقة تلبي الاحتياجات المتطورة للعمليات العسكرية الحديثة.

ويقال إن النظام متوافق مع أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة من إنتاج شركة "تشونمو"، ما يسمح بنشر مجموعة من الصواريخ والقذائف.

ويتوقع أن يستمر التطوير حتى عام 2026، بما في ذلك دمج تكنولوجيا الإطلاق الإلكترونية لتوسيع نطاقها وتعزيز تنوع الذخائر القابلة للنشر. ومن المتوقع أن يدخل النظام مرحلة التشغيل الكامل بحلول عام 2033.

تصنيفات

قصص قد تهمك