مع انخراط الصين بشكل متزايد فيما تصنفه الولايات المتحدة "سلوكاً خطيراً" ضد جيرانها الإقليميين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، تهدف بكين أيضاً إلى رفع مستوى وعيها في المنطقة من خلال إنشاء مرافق رادار جديدة على جزيرة صغيرة.
وأشار تقرير صادر عن باحثين في "تشاتام هاوس"، وهي مؤسسة بحثية بريطانية، ونقله موقع Breaking Defense، إلى أن صور الأقمار الصناعية الجديدة تكشف كيف يعمل الجيش الصيني على توسيع قدراته بشكل كبير على جزيرة تريتون، والتي يبدو أنها ستصبح واحدة من قواعد الاستخبارات الإشارية الرئيسية لبكين في بحر الصين الجنوبي.
وبعد اكتماله، من شأن نظام الرادار الجديد أن يزيد بشكل كبير من قدرات الصين على اعتراض الإشارات والحرب الإلكترونية عبر أرخبيل جزر باراسيل المتنازع عليها، ويضيف إلى شبكة مراقبة أوسع تغطي مساحة كبيرة من بحر الصين الجنوبي.
وأضاف التقرير، أنه من المرجح أن يشكل المرفق المحسن على تريتون تحدياً لمنافسي الصين في المنطقة وعلى الصعيد الدولي.
"شبكة متداخلة"
وكتب محللو "تشاتام هاوس"، أن الرادار سيشكل ما يُعتقد أنه شبكة أوسع تتألف من ثلاثة رادارات متداخلة على الأقل لمكافحة التخفي، تم بناؤها عبر القواعد الصينية في بحر الصين الجنوبي على مدى العقد الماضي، بما في ذلك جزيرة هاينان، موطن العديد من القواعد البحرية الصينية.
وبالإضافة إلى الرادار والمرافق الأخرى، أكد تقرير "تشاتام هاوس"، أن بعض المرافق يبدو أنها مخصصة لجمع إشارات الاستخبارات.
وقال التقرير إنه فيما يخص فيتنام، التي توسع بسرعة قواعدها الخاصة في بحر الصين الجنوبي، فإن الهياكل الاستخباراتية على تريتون من شأنها أن تقلل بشكل كبير من قدرتها على العمل دون أن يتم اكتشافها في المنطقة.
وإلى جانب الرادار الحالي على جزيرة تريتون، والذي يمكنه اكتشاف السفن البحرية، يرجح أن تتمتع بكين بالقدرة على تتبع الحركات الجوية الفيتنامية والحصول على تحذير مسبق من مناورات هانوي في المنطقة، بما في ذلك الجهود الرامية إلى الوصول إلى رواسب النفط والغاز.
وقال جيه مايكل دام، الخبير في معهد ميتشل، إن موقع الرادار على تريتون، على بعد أقل من 200 ميل جنوب هاينان، له دلالة كبيرة.
وأكد دام أن رادارات SIAR، لا تستطيع الرؤية فوق منحنى الأرض، ما يعني وجود فجوة في تغطية المراقبة الجوية الصينية بين شعاب سوبي وجزيرة هاينان، وسيساعد موقع جزيرة تريتون في سد هذه الفجوة.
وأشار إلى أن الهدف هو توفير تغطية صينية متجاورة للرادار المضاد للتخفي في بحر الصين الجنوبي.
هدف جذاب في أوقات الحرب
وأوضح مالكولم ديفيس، الخبير في شؤون الصين والدفاع في المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية، في تصريحات لموقع Breaking Defense، أن هناك مخاطر محتملة قد يفرضها المرفق الصيني الجديد، لكنه اقترح أن القدرات التي يوفرها يمكن الحكم عليها بشكل أفضل بمجرد اكتمال المرفق.
وأكد أن الكثير سيعتمد على قيمة الرادار في مكافحة التخفي على وجه الخصوص، والمنصات الفردية التي يمكنه تعقبها، مستشهداً بشكل خاص بطائرات F-35A وB-21 وF-22 كأمثلة، فضلاً عن منصات الجيل السادس القادمة.
وأشار ديفيس، إلى أن المحطة من المحتمل أن تؤدي إلى تعقيد العمليات العسكرية في أوقات السلم عبر بحر الصين الجنوبي، لكنها ببساطة ستثبت أنها هدف جذاب في أوقات الحرب.
وقال إن الصين سيتوجب عليها الدفاع عن قاعدة الرادار ضد مجموعة كاملة من الذخائر الهجومية البرية، أو حتى الأسلحة الفرط صوتية التي قد تظهر في الترسانات الغربية في السنوات المقبلة، لافتاً إلى أنه وبغض النظر عن مدى تطور الرادار، فهو في نهاية المطاف هدف ثابت يمكن تدميره.
وأكد تقرير "تشاتام هاوس"، أن الرادار الموجود على تريتون يتميز بهيكل ثماني الأضلاع مميز، يشبه نظام SIAR آخر بنته الصين على شعاب سوبي في جزر سبراتلي، جنوب جزر باراسيل، في عام 2017.
كما يوجد برج نصف مكتمل بالقرب من رادار SIAR على تريتون، والذي من المرجح أن يكون مركز العمليات. وقد يجعل هذا التصميم من السهل العثور عليه وتدميره في وقت الحرب.
وقال المحللون إنه من المحتمل أن يتم وضع آليات دفاعية قريباً. وتكشف صور الأقمار الصناعية عن مشاريع بناء أخرى على تريتون، أحدها عبارة عن منصة كبيرة في نهاية شبكة الطرق والتي من المحتمل أن تستخدم كنقطة إطلاق لبطارية صواريخ مضادة للسفن متنقلة.