بينما كانت الصين تواجه جيرانها في منطقة المحيط الهادئ، برزت خلال العام الجاري أطول سفينتي مراقبة لخفر السواحل في العالم بـ"حضور مهيب"، إذ تفوقان في طولهما نظيراتهما الأميركية بمقدار 123 قدماً. وأصبحت هاتان السفينتان "رمزين عائمين ومُنفذَين لطموحات بكين الإقليمية"، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".
وقالت الصحيفة الأميركية في تقرير، الأحد، إن إحدى السفينتين، وهي Haijing 5901، أصبحت تُعرف هذا العام في وسائل الإعلام الفلبينية باسم "الوحش"، بعد أن ظهرت خلال وبعد مواجهات وقعت بالقرب من الشعاب الصغيرة التي تدعي كلا الدولتين ملكيتها في بحر الصين الجنوبي.
ولعبت السفينة الأخرى، "هاي جينج Haijing 2901"، دوراً رئيسياً في مناورات عسكرية أجرتها الصين حول تايوان الشهر الماضي، اعتبرتها بكين بمثابة تحذير لرئيس تايوان الجديد بسبب رفضه لمطالب الصين بالسيادة على الجزيرة ذات الحكم الذاتي.
ووصفت "وول ستريت جورنال" هذا الانتشار لوحدة عسكرية عادة ما تركز في دول أخرى على مهام إنفاذ القانون والإنقاذ بأنه "غير عادي".
واعتبرت أن تحويل الصين خفر سواحلها إلى قوة قادرة على القيادة في المواجهات في المياه المفتوحة يعد جزءاً حيوياً وملموساً من استراتيجية بكين للهيمنة على مساحة كبيرة من المحيط الهادئ، وهي مهمة تقابلها الولايات المتحدة بتخصيص موارد كبيرة.
وأضافت الصحيفة أن خفر السواحل الصيني وسع نشاطه على مدار العقد الماضي ليتفوق على منافسيه، مدعوماً بحملة لبناء السفن ساعدت أيضاً في تعزيز البحرية الصينية، و"الميليشيات البحرية"، وهي قوة ترعاها الدولة وتتآلف من أسطول الصيد الوطني.
تعزيز سيادة بكين
ووفقاً للصحيفة، تساهم هذه القوات مجتمعة في تعزيز مطالب بكين بالسيادة على تايوان، ومعظم بحر الصين الجنوبي، والجزر التي تسيطر عليها اليابان في بحر الصين الشرقي.
وشدد الرئيس الصيني، شي جين بينج، على أن قوات خفر السواحل "يجب أن تدافع بحزم عن سيادة البلاد الإقليمية وحقوقها ومصالحها البحرية"، وذلك خلال زيارته العام الماضي لقيادة خفر السواحل في بحر الصين الشرقي، حيث شاهد مقطع فيديو لإحدى السفن.
وعادةً ما تتولى سفن خفر السواحل مهام منها اعتراض المهربين، وتطبيق قوانين الصيد، وتنفيذ عمليات الإنقاذ. وتفرض الحاجة إلى السرعة وسهولة المناورة قيوداً عامة على حجم هذه السفن. ولكن مع تصاعد تركيز الصين على مطالبها الإقليمية، ازداد حجم أكبر سفن خفر السواحل التابعة لها، وفق "وول ستريت جورنال".
وبطول يبلغ 541 قدماً، تفوق هذه السفن حجم أكبر سفن خفر السواحل الفلبينية بما يقرب من الضعف، ما يضمن تفوقها حال اصطدامها مع السفن الفلبينية، وهي حوادث تتكرر في المواجهات في بحر الصين الجنوبي. كما يمكّنها حجمها الكبير من أداء دور مراكز القيادة والسيطرة لمجموعات السفن الأصغر حجماً.
وأوضحت "وول ستريت جورنال" أن جميع السفن مُجهزة بمدافع عيار 76 ملم، وخراطيم مياه تعمل بالتحكم عن بُعد، ومنصة هبوط للمروحيات، إضافة إلى مدى تشغيلي يُقدّر بأكثر من 17 ألف ميل، ما يسمح لها بالإبحار لأكثر من نصف دورة حول العالم دون الحاجة لإعادة التزود بالوقود.
"ميل للمواجهة"
ونقلت عن محللين قولهم إن هذه السفن تعكس تحولاً نحو دور "أكثر ميلاً للمواجهة" في النزاعات الإقليمية.
وقال راي باول، مدير مشروع "سي لايت" بجامعة ستانفورد المتخصص في تتبع الأنشطة البحرية الصينية، للصحيفة: "السبب الوحيد لامتلاك سفينة خفر سواحل بهذا الحجم هو في الأساس فرض مطالبة بالسيادة أو إثباتها. إنه ترهيب".
وأضاف: "لا يوجد سبب يجعل خفر السواحل بحاجة إلى سفينة بهذا الحجم لإنقاذ الصيادين أو تأمين الحدود".
ودشنت الصين سفينتي خفر السواحل العملاقتين، اللتين تُعرفان رسمياً باسم سفن دوريات من فئة "تشاوتو"، في عامي 2014 و2016.
ويُعد خفر السواحل الصيني أكبر أسطول لإنفاذ القانون البحري في العالم، إذ يضم أكثر من 150 سفينة دورية إقليمية وعابرة للمحيطات، وفقاً لتقديرات البنتاجون العام الماضي. ويمتلك خفر السواحل الأميركي نحو 80 سفينة دورية من النوع المماثل.
وفي أكتوبر الماضي، نفذ خفر السواحل الصيني، الذي يضم سفناً كانت تابعة للقوات البحرية، أول دورية مشتركة له مع روسيا في القطب الشمالي. ومع تعزيز قوته، تبنى خفر السواحل الصيني نهجاً أكثر قوة.