وضعت USS Enterprise، وهي أول حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، معياراً عالياً للطيران البحري، نظراً لسجلها في الخدمة مع القوات البحرية الأميركية.
دخلت حاملة الطائرات العاملة بالطاقة النووية الخدمة في العام 1961، واشتهرت بحجمها المذهل، وسرعتها وابتكاراتها التكنولوجية، بما في ذلك أول رادار طوري على متن السفينة في العالم، وفقاً لما ذكره موقع The National Interest.
وعلى الرغم من التضحيات المبكرة في التصميم، فقد جرى تسليحها لاحقاً، وأصبحت من الأصول المهمة في العديد من الصراعات، بدءاً من أزمة الصواريخ الكوبية إلى حرب فيتنام وما بعدها.
وأثبتت Enterprise جدوى الطاقة النووية لحاملات الطائرات، حيث أجرت عمليات واسعة النطاق على مستوى العالم.
وخرجت حاملة الطائرات العتيقة من الخدمة في عام 2012، وسيستمر إرثها مع حاملة الطائرات من فئة Gerald Ford، والمعروفة أيضاً باسم Enterprise.
إرث Enterprise
تحمل أول حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية على الإطلاق واحدة من أشهر الأسماء في تاريخ السفن ذات السطح المسطح: Enterprise.
وصُممت لتكون نواة لقوة مهام تعمل بالطاقة النووية، يمكنها السفر إلى أجل غير مسمى دون الحاجة إلى تجديد الوقود. ووضعت USS Enterprise المعيار لجميع حاملات الطائرات الأميركية حتى اليوم.
وفي أغسطس 1950، طلب رئيس العمليات البحرية، الأدميرال فورست شيرمان، إجراء دراسة جدوى لحاملات الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية.
وجرى بناء مفاعل نووي على الشاطئ كاختبار، وبناءً على نجاح ترخيص المفاعل A1W، تمت الموافقة على تمويل حاملة الطائرات النووية في عام 1958.
ودخلت حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية الخدمة في نوفمبر 1961.
وبلغ طولها 1123 قدماً، وهي أطول حاملة طائرات تم بناؤها على الإطلاق. وكانت تزن 93 ألفاً و284 طناً محملة بالكامل.
ويمكن لمفاعلاتها الثمانية A2W، وهي تطوير لـ A1W، أن تولد معاً قوة مذهلة تبلغ 280.000 حصان، مما يدفع مراوح Enterprise الأربعة إلى سرعة تزيد عن خمسة وثلاثين عقدة.
وكانت السفينة مأهولة بطاقم مكون من 5 آلاف و500 فرد، بما في ذلك الجناح الجوي. ويمكن أن تحمل خمسة وثمانين طائرة.
اتبعت Enterprise نفس التصميم الذي اتبعته سابقاتها التي تعمل بالطاقة التقليدية Kitty Hawk وConstellation.
وكانت تضم أربعة أنظمة منجنيق، اثنان على القوس، واثنان على الخصر الأيسر، وأربعة مصاعد للطائرات.
وأُطلق على بنيتها الفوقية ذات الشكل الفريد لقب "خلية النحل". وتضم معدات التدابير المضادة الإلكترونية وSCANFAR، أول رادار طوري على متن السفينة في العالم يتكون من رادارات البحث SPS-32 وSPS-33.
سفينة رائدة
كانت Enterprise سفينة رائدة في العديد من المجالات، وهي أول حاملة طائرات يتم تكليفها بدون تسليح تماماً منذ أول حاملة طائرات للبحرية، USS Langeley.
وصُممت في الأصل لحمل صاروخ Terrier أرض-جو، وتم إزالة هذه الصواريخ من الشكل النهائي للسفينة للتحكم في التكاليف.
ولم يتم تركيب قاذفتين من أنظمة الصواريخ الدفاعية الأساسية Mk. 25 إلا في عام 1967، كل منهما مزود بثمانية صواريخ Sea Sparrow.
وتم استبدالها بقاذفات Mk. 29 لاحقاً، وخلال الثمانينيات تمت إضافة ثلاثة أنظمة أسلحة قريبة من طراز Mk. 15 Phalanx إلى دفاعات السفينة.
موطن الطائرات الشهيرة
تعتبر Enterprise موطناً للعديد من أنواع الطائرات الشهيرة المحمولة على حاملات الطائرات خلال مسيرتها المهنية، بما في ذلك طائرات F-4 Phantoms وF-14 Tomcats وA-1 Skyraiders وقاذفات A-3 Skywarrior وA-4 Skyhawks وA-5A Vigilantes وA-7 Crusaders.
وصُممت في الأصل كحاملة طائرات، أو هجوم، أو نووية أو CVAN، ثم أعيد تصنيفها في النهاية كحاملة طائرات متعددة الأغراض.
وكان الجناح الجوي الأخير الذي طار من Enterprise هو الجناح الجوي الأول لحاملة الطائرات، والذي كان به أربعة أسراب من طائرات F/A-18E/F Super Hornets.
حصار كوبا
وبدأ تاريخ تشغيل سفينة Enterprise في عام 1962، عندما شاركت السفينة في حصار كوبا أثناء أزمة الصواريخ الكوبية.
وفي عام 1964، شاركت Enterprise في عملية Sea Orbit. دارت سفينة Enterprise والطراد الصاروخي الموجه الذي يعمل بالطاقة النووية USS Long Beach والمدمرة الصاروخية الموجهة التي تعمل بالطاقة النووية USS Bainbridge، والمعروفة مجتمعة باسم فرقة العمل الأولى، حول العالم في خمسة وستين يوماً، حيث قطعت مسافة 30 ألفاً و565 ميلاً بالطاقة النووية.
وأثبتت العملية أن الأسطول الذي يعمل بالطاقة النووية يمكن أن يكون سريعاً، وسريع الاستجابة، وقادراً على التحرك بسرعة إلى مناطق الأزمات في جميع أنحاء العالم.
وبدأت Enterprise في العام 1965، عملياتها الجوية قبالة فيتنام، حيث وجَّهت ضربات جوية ضد أهداف لـ"فيت كونج" (الحركة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام)، وفيتنام الشمالية.
وفي العام 1968، كانت السفينة الرئيسية لقوة المهام 71، رداً على استيلاء كوريا الشمالية على سفينة التجسس USS Pueblo.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، قامت مرة أخرى بضربات جوية في جنوب شرق آسيا.
وتعتبر حقبة ما بعد فيتنام هادئة نسبياً بالنسبة لحاملتي الطائرات Enterprise حتى عام 1988، عندما أغرق جناحها الجوي فرقاطة إيرانية من طراز سام كجزء من عملية "السرعوف المصلي"، وهي الرد الأميركي على زرع إيران للألغام في الخليج العربي.
وخلال التسعينيات، فرضت حاملة الطائرات مناطق حظر جوي فوق البوسنة والعراق.
وفي أكتوبر 2001، نفَّذت بعض المهام الجوية الأولى فوق أفغانستان، حيث نفَّذت ضربات جوية ضد قوات طالبان والقاعدة.
وتم إيقاف تشغيل سفينة Enterprise في الأول من ديسمبر 2012.
وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، تم تجهيزها تدريجياً للتخلص منها، وتم تجريدها من المعدات العسكرية وإيقاف تشغيل مفاعلاتها.
وجرى إيقاف تشغيل السفينة رسميا في الثالث من فبراير 2017، في حفل خاص في حوض بناء السفن في نيوبورت نيوز في فيرجينيا.
استخدام الطاقة النووية
وأثبتت سفينة Enterprise جدوى استخدام الطاقة النووية في تشغيل حاملات الطائرات، ولكن في ضوء ما حدث بعد ذلك كان هذا الإنجاز هو الأكثر نسياناً بين إنجازاتها.
ودارت حول العالم ثلاث مرات، وأجرت خمساً وعشرين رحلة بحرية إلى الخارج، وأتمَّت هبوط أربعمائة ألف طائرة في حياتها.
وأدَّت مهام قتالية من فيتنام إلى أفغانستان، وعلى مدار تشغليها الفعلي خدم عشرات الآلاف من البحارة كجزء من طاقمها، واتخذت البحرية خطوات لضمان استمرار اسم Enterprise العريق.
وفي عام 2012، أعلن وزير البحرية الأميركية، وقتها، راي مابوس، أن حاملة الطائرات الثالثة من فئة Gerald Ford، وهي حاملة الطائرات CVN-80، ستحمل اسم Enterprise حتى النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين.