تقود الحكومة الألمانية جهوداً من أجل إنعاش جيشها، الذي يعاني من نقص حاد في عدد الجنود، عبر تشجيع الشباب على التجنيد الطوعي، فيما اعتبر كبار المشرّعين المحافظين، أنه قد يتعين دعم هذه الجهود بالعودة إلى نظام التجنيد الإجباري، حسبما ذكرت مجلة "بوليتيكو".
وقال توماس إرندل، ممثل الحزب الديمقراطي المسيحي في لجنة الدفاع البرلمانية لـ"بوليتيكو"، إن "نموذج التجنيد الطوعي لن يلبي رغبة برلين في الدفاع والردع، وخاصةً في ضوء خطط حلف شمال الأطلسي (الناتو) الجديدة، لا يمكن تلبيتها، لذلك سيتعين علينا إدخال عناصر إلزامية".
وأشار إرندل إلى أن هناك اتفاقاً بين ائتلاف الحزب الديمقراطي المسيحي، والحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD)، ينص على أن الخدمة العسكرية ستكون "مبدئياً" طوعية، وهي لغة يرى المحافظون أنها تُفسح المجال أمام احتمال الخدمة الإلزامية.
وذكرت المجلة في نسختها الأوروبية، أنه من المتوقع أن يتضمن النموذج الجديد للخدمة العسكرية، عملية تسجيل محدودة تهدف إلى تحديد الشباب الذين يُبدون اهتماماً أو إمكانية للخدمة، ووصفته بأنه "ليس تجنيداً إلزامياً"، بل يهدف إلى تشجيع الشباب لتوقيع عقود عسكرية قصيرة الأجل على أساس طوعي.
وكان وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، أكد خلال خطابه أمام البرلمان في مايو الماضي، أن التركيز على التطوع في الجيش "مبدئي".
وقال بيستوريوس: "عدد الأفراد قليل جداً للقيام بما يجب على قواتنا المسلحة إنجازه". ومع ذلك، استبعد أي احتمال للعودة إلى الخدمة الإلزامية في المستقبل القريب.
وأشار في اجتماع وزراء دفاع حلف الناتو في بروكسل، الخميس، إلى أن "التجنيد الإجباري لا يُجدي نفعاً على الإطلاق في الوقت الحالي، لأننا ببساطة لا نملك القدرة الكافية- لا في الثكنات ولا في التدريب.. يجب بناء هذه القدرات أولاً.. وحتى ذلك الحين، يُطبّق التطوع".
غياب البنية التحتية
وعلق فالكو دروسمان، المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي لشؤون السياسة الدفاعية في البرلمان، على نقاش التجنيد الإلزامي، قائلاً إن "هذا الجدل يتجاهل تماماً المشاكل الحقيقية التي نواجهها".
ويرى دروسمان، أنه بدلاً من العودة إلى التجنيد الإجباري، فالخدمة العسكرية الجديدة ستُصمم بطريقة جذابة للغاية بحيث يختار عدد كافٍ من الشباب التسجيل طواعيةً".
كما حذّر دروسمان من أن ألمانيا لا تملك الثكنات أو المعدات أو البنية التحتية اللازمة لاستيعاب تدفق هائل من المجندين. وأضاف: "لتدريب آلاف الشباب، نحتاج أيضاً إلى ما يلزم من أماكن إقامة ومعدات ومدربين.. لا يتوفر أي من ذلك حالياً بكميات كافية".
وعلّقت ألمانيا الخدمة العسكرية الإلزامية في عام 2011، منهيةً بذلك نظاماً شكّل القوات المسلحة والمجتمع المدني على حد سواء. ومنذ ذلك الحين، انخفض عدد القوات إلى 181 ألفاً و500 تقريباً.
وحذّر قادة النقابات العسكرية، من أن ألمانيا قد تحتاج إلى ما يصل إلى 260 ألف جندي للوفاء بالتزاماتها العسكرية.
وقال باتريك سينسبيرج، رئيس جمعية جنود الاحتياط في الجيش الألماني: "لا نعتقد أن الاعتماد على المتطوعين وحده كافٍ. فبدون التجنيد الإجباري، لن يتمكن الجيش الألماني من تجنيد عدد كافٍ من الجنود، ولن يكون لدينا أيضاً مجتمع مدني قادر على الصمود".