أعلنت شركة لوكهيد مارتن الأميركية (Lockheed Martin)، نيتها اختبار صاروخ اعتراضي فضائي قادر على تدمير الصواريخ الفرط صوتية القابلة للمناورة بحلول عام 2028.
ويُمثل إعلان مديرة تطوير البرامج المتقدمة في الشركة، أماندا باوند، عن هذا التوجه، خطوة استراتيجية في إطار جهود الدفاع الصاروخي الأميركية الأوسع نطاقاً، والمعروفة باسم "القبة الذهبية"، بحسب موقع Army Recognition.
وتهدف هذه الخطوة تزويد الولايات المتحدة بقدرة اعتراض مدارية ردًا على التهديد المتزايد الذي تُشكله أنظمة الصواريخ الفرط صوتية التي طورتها الصين وروسيا.
وقد يعتمد جوهر "القبة الذهبية" على مجموعة من الصواريخ الاعتراضية المدارية المصممة لكشف الصواريخ القادمة وتتبعها وتدميرها قبل وصولها إلى أهدافها.
وأشارت باوند إلى أن الشركة تستكشف مفاهيم متعددة، بما في ذلك أجهزة الليزر المدارية والأقمار الصناعية التي تتحول إلى مقذوفات حركية قابلة للمناورة.
وأكدت أن الشركة تمتلك بالفعل القدرات اللازمة لنشر نموذج تجريبي في المدار بحلول عام 2028.
ولا يعتبر مفهوم الصواريخ الاعتراضية الفضائية جديداً، ففي الستينيات حاولت الولايات المتحدة تحقيق هذه الرؤية من خلال برنامج BAMBI والذي يشير إلى اعتراض الصواريخ الباليستية المعززة، ولكنه أُلغي لأسباب تتعلق بالميزانية.
وفي الثمانينيات أعاد الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريجان، إحياء هذا المفهوم في إطار مبادرة الدفاع الاستراتيجي، المعروفة باسم "حرب النجوم".
ومن أهم نتائج هذا الجهد مفهوم Brilliant Pebbles، وهو شبكة من الأقمار الصناعية مصممة لإطلاق صواريخ اعتراضية صغيرة على الصواريخ الاستراتيجية القادمة.
ورغم إلغاء هذا البرنامج أيضًا في عام 1994، إلا أنه استعاد أهميته في ضوء التطورات التي أحرزتها روسيا والصين، اللتان تمتلكان الآن صواريخ فرط صوتية قادرة على المناورات.
واستخدمت روسيا هذه الأنظمة في القتال، على الرغم من أن بعضها جرى اعتراضه.
وفي هذا السياق الاستراتيجي المتطور، يُنظر إلى "القبة الذهبية" كاستجابة لبيئة تهديد صاروخي أكثر تعقيدًا.
وعلى الرغم من النقاشات الجارية بشأن الجدوى الفنية والمالية لمختلف المكونات، إلا أن هناك اعتراف واسع النطاق بالحاجة إلى تعزيز قدرات الدفاع الصاروخي الأميركية بشكل كبير.
ولا يُعد إرث برنامج Brilliant Pebbles غريبًا على شركة Lockheed Martin، التي تأسست عام 1995.
ومع ذلك، تواجه الشركة اليوم منافسة من SpaceX، القادرة على إنتاج وإطلاق أعداد كبيرة من الأقمار الصناعية بتكلفة أقل بكثير.
ورغم أن SpaceX تُعتبر منافسًا رئيسيا، إلا أنها لا تحظى بدعم شامل، حتى داخل البيت الأبيض.
وللحفاظ على مكانتها، تتبنى شركة Lockheed Martin نهجًا شاملًا.
وأكد مسؤولو الشركة الأميركية على دورهم في منظومة الدفاع الصاروخي الأوسع، والتي تشمل برامج أساسية ولكنها أقل أهمية، مثل أجهزة الرادار الأرضية، وأقمار كشف الصواريخ بالأشعة تحت الحمراء، والصواريخ الاعتراضية التي تُطلق من البر والبحر والجو.
وتُعتبر أنظمة مثل THAAD، وPAK 3، وصواريخ الجيل التالي الاعتراضية، مكونات أساسية، يمكن أن تُشكل، عند ربطها معًا، درعًا دفاعيًا متماسكًا.
ولدعم ذلك، تُطور Lockheed Martin مفاهيم جديدة للقيادة والتحكم لتحسين التوافق بين هذه الأنظمة.
وافتتحت الشركة أيضا منشأة جديدة للنماذج الرقمية لاختبار مفاهيم الدفاع الصاروخي الفضائي افتراضيا، بما في ذلك تلك التي اقترحتها شركات وشركاء أصغر.
وتهدف هذه المبادرة إلى تسريع تطوير التكنولوجيا مع ضمان التوافق بين منصات الدفاع الأميركية.
وأوضحت لوكهيد مارتن أنه من غير المرجح أن يقود برنامج "القبة الذهبية" مقاول رئيسي واحد.
ووفقًا لأماندا باوند، فإن حجم القدرات المطلوبة من قبل الحكومة الأميركية يتطلب على الأرجح تكاملًا رئيسيًا متعددًا ومجموعة واسعة من المقاولين من الباطن.
وأشارت إلى أن الشركة مستعدة للعمل مع مختلف شركاء الصناعة، معتبرةً نموذجًا متعدد الأطراف هو السبيل الأكثر واقعية لتحقيق أهداف البرنامج.
وتستعد الشركة لبذل جهد تكنولوجي كبير من خلال إثبات جدوى نظام اعتراضي فضائي لمواجهة تهديدات الصواريخ الفرط صوتية، خلال 3 سنوات.
ويُعد هذا المشروع، الذي يُكمل عقودًا من البرامج المتوقفة، امتدادًا لعقود من الزمن، ويعود للظهور في وقتٍ شهدت فيه بيئة التهديدات تغيرًا ملموسًا.
وبينما لا يزال الشكل النهائي للقبة الذهبية غير محدد، فإن تحقيقه يعتمد على الأرجح على نهج متكامل وتعاوني ومتعدد المجالات، إذ تُمثل تقنيات الفضاء المتقدمة عنصرا من بين عناصر أخرى.