هل تصبح الصين القوة النووية الأولى في العالم؟

صواريخ باليستية صينية خلال عرض عسكري في ساحة تيانانمن في بكين - 3 سبتمبر 2015 - REUTERS
صواريخ باليستية صينية خلال عرض عسكري في ساحة تيانانمن في بكين - 3 سبتمبر 2015 - REUTERS
دبي-الشرق

تسعى الصين إلى تعزيز ترسانتها النووية بشكل ملحوظ، إذ تشير تقارير إلى أنها ضاعفت عدد الرؤوس النووية الحربية التي تمتلكها منذ عام 2020 ليصل إلى نحو 600 رأس نووي، وهو رقم لا يزال أقل من الترسانات الضخمة التي تحتفظ بها أميركا وروسيا.

وكانت بكين قد أجرت أول اختبار نووي لها في أكتوبر 1964، ومنذ ذلك الحين وحتى أواخر العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، التزمت باستراتيجية "الردع النووي المحدود"، والتي قامت على الاكتفاء ببضع مئات من الرؤوس النووية، وتجنّب الدخول في سباق تسلح مع واشنطن وموسكو، مع التركيز على تنمية الاقتصاد الوطني وتعزيز القوات التقليدية للجيش الصيني.

إلا أن العقد الحالي شهد تحولاً في هذا النهج، حيث يبدو أن الرئيس الصيني شي جين بينج قد تخلى عن السياسة التاريخية لبلاده، وبدأ بتوسيع الترسانة النووية بوتيرة متسارعة.

وفي فبراير الماضي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الصين "متأخرة كثيراً" عن الولايات المتحدة في المجال النووي، لكنها قد تتمكن خلال خمس أو ست سنوات من الوصول إلى مستوى مماثل.

وبحسب موقع Defense One، فإن الصين قد تصبح في نهاية المطاف صاحبة أكبر ترسانة نووية في العالم، مشيراً إلى أن فهم مسار برنامجها النووي يستلزم أولاً مراجعة تاريخه وتطوراته السابقة.

جنود من جيش التحرير الشعبي الصيني يظهرون أمام شاشة عملاقة بينما يتحدث الرئيس الصيني شي جين بينج بمناسبة الذكرى الـ 70 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. 1 أكتوبر 2019
جنود من الجيش الصيني أمام شاشة عملاقة بينما يتحدث الرئيس الصيني شي جين بينج. بكين. 1 أكتوبر 2019 - reuters

خيارات الصين لتطوير ترسانتها النووية

وفي الوقت الحالي، يبدو أن المسار النووي للصين يتجه، على الأقل، نحو تحقيق "تكافؤ فعّال على المستوى الإقليمي"، فيما يظل الاتجاه المستقبلي غير محسوم.

ولا تقتصر القدرة الإجمالية للترسانة النووية الصينية على عدد الرؤوس الحربية فقط؛ إذ يمكن لبكين أن تواصل تطوير صواريخها النووية، وغواصاتها، وطائراتها، إضافة إلى تعزيز شبكات القيادة والسيطرة، بغضّ النظر عن حجم مخزونها من الرؤوس الحربية.

كما قد تختار تقسيم ترسانتها إلى "رؤوس منتشرة" وأخرى "احتياطية"، الأمر الذي يزيد من صعوبة مقارنتها مباشرةً بقدرات القوى النووية الكبرى الأخرى.

ورغم تغيّر وتيرة الإنتاج، لا يزال الهدف النهائي لهذه الترسانة غامضاً، مع بروز "ثلاثة سيناريوهات محتملة" أمام الصين لتطوير الأسلحة النووية.

1- التوقف عند ألف رأس نووي

قد تختار الصين الحد من إنتاجها عند سقف يقارب 1000 رأس حربي، وهو عدد أقل بكثير من 1550 سلاحاً استراتيجياً تنشره كل من الولايات المتحدة وروسيا بموجب معاهدة "نيو ستارت".

هذا المستوى سيُحدث توازن ردع مع واشنطن على المستوى الإقليمي، ويقوّض ميزة التصعيد التي كانت تتمتع بها الولايات المتحدة تاريخياً بسبب تفوقها العددي.

كما يمنح بكين ثقة ومرونة أكبر لتهديدات نووية صريحة أو ضمنية في أزمات مثل قضية تايوان. لكن الوصول لهذا السقف سيتطلب من الرئيس الصيني إبطاء أو التراجع عن سياسة التوسع الحالية.

2- التكافؤ مع ترسانة واشنطن وموسكو

الخيار الثاني هو السعي لمضاهاة عدد الرؤوس النووية المنشورة لدى الولايات المتحدة أو روسيا، أي نحو 1550 رأساً، وهو ما توقعت وزارة الدفاع الأميركية أن تحققه الصين بحلول عام 2035، العام الذي حدد فيه شي هدف "التحديث الأساسي" للجيش الصيني.

وقد تتبنى بكين معياراً أوسع للتكافؤ، يشمل إجمالي الرؤوس الحربية العاملة، سواء المنشورة أو المخزنة، بما في ذلك الرؤوس الاستراتيجية والنووية غير الاستراتيجية. هذا المعيار يعني الوصول إلى نحو 3700 رأس حربي، وهو ما قد يتطلب إنتاجاً سنوياً أكبر بكثير من المعدل الحالي البالغ نحو 100 رأس منذ 2023.

3- تجاوز التكافؤ والسعي للهيمنة النووية

الخيار الثالث هو التوسع إلى ما بعد مستوى التكافؤ، بهدف التفوق على الولايات المتحدة وروسيا وامتلاك أكبر ترسانة نووية في العالم.

يعتمد هذا المسار على قدرة التصنيع الصينية الضخمة، كما حدث في مجالات الصواريخ والسفن، لكنه يواجه تحديات أبرزها التكلفة الاقتصادية، وخطر تكرار تجربة الاتحاد السوفيتي، حيث ساهم الإنفاق العسكري المفرط في انهياره.

ورغم أن اقتصاد الصين أقوى بكثير، إلا أن تباطؤ الاقتصاد المدني والضغوط المتزايدة على الميزانية العسكرية قد يحدان من هذا المسار.

ويرجح أن يعتمد مصير ترسانة الصين جزئياً على رد فعل الولايات المتحدة، وكذلك روسيا والهند، وربما دول أخرى، ولكن ليس من الواضح ما الذي سيدفع الصين إلى مزيد من التحفيز لبناء الأسلحة النووية. 

وفي الخريف الماضي، أجرت الصين تجربة إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات فوق المحيط الهادئ لأول مرة منذ عام 1980. وأبلغت بكين البنتاجون مسبقاً بتجربة الصاروخ.

وفي حال بقيت واشنطن وموسكو تقريباً عند مستويات معاهدة "ستارت الجديدة"، على الرغم من احتمال انتهاء المعاهدة رسمياً في فبراير المقبل، فقد تتسارع الصين نحو التكافؤ عند مستوى 1550 رأساً حربياً.

تصنيفات

قصص قد تهمك