أجْرت شركة "أندوريل إندستريز" (Anduril Industries) الأميركية في سبتمبر الماضي، اختبارات إطلاق ناجحة لنماذج أولية من طائرة Roadrunner المسيّرة، شملت نشرها من حاوية إطلاق نموذجية.
وعملت الشركة المتخصصة في تقنيات الدفاع والأنظمة المستقلة ودمج الذكاء الاصطناعي، على تطوير عائلة مركبات Roadrunner كجزء منمن محفظتها لأنظمة مكافحة الطائرات المسيّرة، وفق مجلة The National Interest.
وتُعتبر Roadrunner مركبة جوية ذاتية القيادة (AAV)، تعمل بمحركين نفاثين، مصممة للإقلاع والهبوط العمودي (VTOL)، في حين أن طائرة Roadrunner-M تم تصميمها كمسيّرة اعتراضية شديدة الانفجار لتعزيز الدفاعات الجوية الأرضية، مثل الطائرات المسيّرة، وصواريخ كروز، وحتى الطائرات المأهولة.
وتمثّل هذه النماذج فئة جديدة من المركبات الجوية ذاتية القيادة القابلة لإعادة الاستخدام والتي يشرف عليها مشغّل، ويمكن نشرها بسرعة من حاوية إطلاق مدمجة تُعرف باسم "العش" (Nest).
وتشمل التطورات الأخيرة اختيار شركة Anduril العام الماضي من قِبَل وحدة الابتكار الدفاعي (DIU) ضمن برنامج Counter NEXT، الذي يهدف إلى إنشاء قدرات فعالة من حيث التكلفة لردع الطائرات المسيّرة لصالح البحرية الأميركية.
وفي سبتمبر الماضي، أجْرت شركة Anduril رحلات تجريبية ناجحة لنماذج أولية من طائرة Roadrunner، شملت نشرها من حاوية إطلاق نموذجية، ما أدى إلى توفير تمويل إضافي من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) لصقل الأنظمة، ودمجها مع منصات القتال الحالية، والاستعداد لاختبارات إطلاق النار الحي في الصيف المقبل.
وجرى نشْر Roadrunner للتقييم العملياتي منذ يناير الماضي، وعادت طائرتان مسيّرتان بشكل مستقل بعد اعتراض أهداف غير مهدِّدة خلال عروض آنذاك، ما يبرز قابلية استعادتها وإعادة استخدامها.
ردع منخفض التكلفة
وتتصاعد أهمية هذه النماذج في الصراعات المستقبلية نتيجة الانتشار السريع للطائرات المسيّرة الهجومية منخفضة التكلفة وأحادية الاستخدام والأنظمة الجوية غير المأهولة.
وتعتمد الدفاعات التقليدية غالباً على صواريخ باهظة الثمن (تكلف ملايين الدولارات) للتصدي لتهديدات رخيصة التكاليف (تكلف آلاف الدولارات)، ما يخلق اختلالاً في التكلفة يؤدي إلى استنزاف الموارد بسرعة.
وتُعالج طائرة Roadrunner هذه المعضلة بتوفير سلاح اعتراضي قابل للتطوير والإنتاج بكميات كبيرة، فضلاً عن توفير مخزن أكبر للذخائر بأسعار معقولة، مما يحافظ على الأسلحة عالية القيمة لمواجهة التهديدات، مع تمكين إعادة التحميل السريع والتكامل مع البرامج الحالية، مثل برنامج Lattice للذكاء الاصطناعي من Anduril.
كما تقلل قابلية إعادة استخدام هذه المسيّرة من مسألة التكاليف على المدى الطويل، ففي حال عدم إصابة أي هدف، يُمكن للمركبة الهبوط عمودياً وإعادة نشرها، ما يدعم العمليات المستدامة في البيئات عالية الخطورة.
وفي التطبيقات البحرية، تُعزّز تلك الطائرات الحماية للسفينة ضمن نطاق 15 كيلومتراً مع احتمالية تحقيق الهدف بنسبة تزيد على 90% للدفاع المباشر، وأكثر من 70% لتغطية الممرات الملاحية، مع قدرة على التكيف مع التهديدات المتطورة عبر تحديثات برمجية لتسريع اتخاذ القرار في أنماط التشغيل بمشاركة أو إشراف بشري.
ومع تزايد تعقيد أسراب الطائرات المسيّرة والتهديدات المستقلة، المدفوعة بتقدم الذكاء الاصطناعي والتصنيع، ستصبح هذه الأنظمة حاسمة للحفاظ على التفوق الجوي وحماية البنى التحتية الحيوية وتمكين القوى الحليفة من مواجهة الحرب غير المتكافئة بفاعلية دون ضغط اقتصادي كبير.
تشكيك أميركي
بالطبع ليست الصورة وردية بالكامل أمام أندوريل، إذ كشف تقرير لوكالة "رويترز" عن وثيقة مسرَّبة للجيش الأميركي مؤرخة في سبتمبر 2025 تصف منصة القيادة والتحكم من الجيل التالي المشتركة بين أندوريل وبالانتير (NGC2) بأنها "عالية المخاطر للغاية" بسبب عيوب مزعومة في أمان البيانات، ومراقبة نشاط المستخدمين، والتحقق من البرمجيات.
وأشار تقييم الجيش الأميركي إلى أن المنصة تفتقر إلى ضوابط قوية لتقييد الوصول إلى البيانات ومراقبة إجراءات المستخدمين أو ضمان سلامة البرمجيات، كما نبَّه إلى مخاطر تسريب بيانات غير مصرح به وضعف التشفير.
في المقابل، رفضت كل من Anduril وPalantir بشدة مزاعم المذكرة الرسمية الأميركية.
ومع ذلك، دأب العديد من المراقبين على التشكيك في مزاعم Anduril بالهيمنة على جانب تطوير البرمجيات في سوق الطائرات المسيّرة.
وبغض النظر عن هذه الاتهامات، تظل Anduril حالياً من الشركات الرائدة في تسريع تطوير الجيش الأميركي لأنظمة الطائرات المسيّرة، وأنظمة مكافحة الطائرات المسيّرة.
وأظهرت آخر المستجدات نجاح Anduril في اختبار الأنظمة المضادة للطائرات المسيّرة، واستمرارها في لعب دور مهم بالدفاع عن الولايات المتحدة في ساحة المعركة الحديثة.