صواريخ الغواصات الباليستية.. لماذا تعتبر أخطر سلاح في العالم؟

اختبار إطلاق صاروخ Trident II D5 غير مسلح من غواصة الصواريخ الباليستية USS Nebraska قبالة سواحل كاليفورنيا بالولايات المتحدة. 26 مارس 2018 - Reuters
اختبار إطلاق صاروخ Trident II D5 غير مسلح من غواصة الصواريخ الباليستية USS Nebraska قبالة سواحل كاليفورنيا بالولايات المتحدة. 26 مارس 2018 - Reuters
دبي -الشرق

تُعد الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات (SLBMs) من أصعب الأسلحة في اعتراضها، إذ يمكن إطلاقها من أعماق البحار في أي مكان تقريباً حول العالم، ما يجعلها مثالية لاستخدامها في مبدأ "الضربة الثانية".

وتمثّل هذه الصواريخ أحد أهم أنظمة التسليح المُطورة على الإطلاق، إذ مكّنت الدول من تشكيل الركيزة البحرية في "ثالوثها النووي" الحديث إلى جانب الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBMs) والقاذفات الاستراتيجية، وفقاً لمجلة The National Interest.

ويكمن الهدف الجوهري لهذه الصواريخ في ضمان قدرة الدولة النووية على تنفيذ "ضربة ثانية" أو "ضربة انتقامية" حتى بعد تلقّي ضربة أولى قد تعطل خياراتها النووية البرية والجوية.

ومن خلال تزويد الغواصات الشبحية بصواريخ نووية بعيدة المدى، تقترب الدول من ضمان قدرة ردع ثابتة، باتت تُعد أساساً لنظرية الردع الحديثة.

كيف يعمل صاروخ SLBM؟

ظهر مفهوم SLBM في خمسينيات القرن الماضي مع تحسن مدى الصواريخ وانتقال الغواصات من الدفع بالديزل والكهرباء إلى الدفع النووي.

وكانت الولايات المتحدة أول دولة تنشر هذا النوع من الصواريخ عام 1960 عندما أطلقت صاروخ Polaris A-1 من حاملة الطائرات USS George Washington.

اقرأ أيضاً

أميركا أم الصين.. من يربح سباق الصواريخ الباليستية؟

تصاعد سباق الصواريخ بين أميركا والصين يعيد تشكيل موازين القوى العسكرية. الصين تبني ترسانة هائلة، بينما تركز أميركا على الصواريخ النوعية والفرط صوتية.

وتبِعها الاتحاد السوفييتي بعد ذلك بوقت قصير، بدايةً بتكنولوجيا متخلفة نسبياً -صواريخ أقصر مدى تتطلب صعود الغواصة إلى السطح قبل الإطلاق- قبل أن يتطور سريعاً إلى أنظمة إطلاق من الأعماق بمدى عابر للقارات.

ومنذ ذلك الحين، تطورت تقنيات SLBM وصولاً إلى أجيال أحدث، بما في ذلك Poseidon، وTrident، وR-29، وBulava، وJL-2، وأخيراً النسخ الأحدث من Columbia وJL-3، والتي توفر مدى ودقة وقدرة تدميرية أكبر.

ومن الناحية التقنية، صُمم الصاروخ الباليستي الذي يُطلق من الغواصات للإطلاق من تحت الماء عبر أنبوب إطلاق عمودي في غواصة باليستية (SSBN). وعند إطلاق الصاروخ، يدفع مولد غاز الصاروخ خارج الأنبوب صعوداً إلى السطح، حيث يشتعل محركه الصاروخي.

وبعد أن يصبح الصاروخ في الجو، يسلك مساراً باليستياً إلى الفضاء، حيث يمكنه نشر رؤوس متعددة الأهداف (MIRVs)، قادر كل منها على ضرب هدف مختلف برأس نووي.

وغالباً ما يتجاوز مدى الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات ​​الحديثة 7 آلاف كيلومتر، بدقة تضاهي الصواريخ الباليستية العابرة للقارات بفضل أنظمة التوجيه بالقصور الذاتي الفلكي، ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وبسرعات تتجاوز 20 ماخ.

لماذا يصعب اعتراض صواريخ SLBM؟

تكمن القيمة الاستراتيجية لصواريخ SLBM في أن الغواصات يصعب للغاية اكتشافها عندما تكون مغمورة.

وبما أن الغواصات النووية قادرة على البقاء تحت الماء لأشهر، فإن SLBMs توفر للدول خياراً نووياً يكاد يكون غير قابل للرصد على مدار الساعة.

وتكون النتيجة: تراجع الحاجة إلى شن ضربات استباقية أثناء الأزمات، مع إدراك الخصوم بعدم وجود وسيلة للقضاء على قوات الردع البحرية المزوّدة بهذه الصواريخ.

وبذلك أصبحت SLBMs أكثر أنظمة الإطلاق النووي قدرة على الصمود، متقدمة على قواعد القاذفات أو منصات الصواريخ الثابتة.

واعتمدت عدة دول الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات (SLBMs) ​​كجزء من هيكل قوتها النووية. 

وتحتفظ الولايات المتحدة وروسيا والصين بأكبر وأحدث أساطيل من الغواصات المسلحة بصواريخ باليستية بعيدة المدى.

كما تنشر المملكة المتحدة صواريخ Trident على غواصاتها من فئة Vanguard، التي ستُطور قريباً إلى فئة Dreadnought، باعتبارها وسيلتها النووية الوحيدة. 

وتُشغّل فرنسا صاروخاً باليستياً من طراز M51 المطوّر محلياً على متن غواصة من فئة Triumphant، بينما بدأت الهند في نشر أنظمة صاروخية باليستية تُطلق من الغواصات ​​محلية الصنع للحفاظ على حد أدنى من قوة الردع.

ورغم أن الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات تُسهم في تحقيق الاستقرار، إلا أنها تُثير المخاوف أيضاً، فنشرها الخفي يُعقّد عملية التحقق من ضبط الأسلحة، ويُضفي غموضاً في أوقات الأزمات.

ومع ذلك، تُعد الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات في الوقت الحالي حجر الزاوية في منطق الردع العالمي.

تصنيفات

قصص قد تهمك