تواجه المقاتلتان الأميركية من الجيل الخامس F-35 Lightning II والفرنسية من الجيل الرابع Rafale، والتي تُعتبران الأكثر طلباً في الأسواق الغربية، مشكلات في سلاسل التوريد أدت إلى تأخر إنتاجهما وعجزهما عن تلبية الطلب المحلي والدولي بشكل سريع.
ورغم أن إنتاج المقاتلة F-35 يفوق إنتاج جميع الأنواع الأخرى للمقاتلات الغربية مجتمعة، إلا أنه من المتوقع أن يتراجع برنامج الإنتاج بأكثر من 50 طائرة، وهو عدد بعيد عن المستهدف إنتاجه خلال هذا العام في الولايات المتحدة، والمقدر بـ156 طائرة، وفقاً لمجلة "ميليتاري ووتش" المتخصصة بالشؤون العسكرية.
ويبدو أن القوات الجوية الأميركية التي كانت تخطط في البداية لاستقبال 110 طائرات من طراز F-35 Lightning II سنوياً، لن تتمكن من الحصول حتى على المقاتلات الـ48 المستهدف دخولها الخدمة في هذا العام.
الصين تنتج مقاتلات بأعداد أكبر
تباطؤ إنتاج مقاتلة F-35 يعود جزئياً إلى مشاكل في تحديث برمجياتها، بينما تتميز المقاتلة الصينية J-20 بكونها الوحيدة من الجيل الخامس التي يتم إنتاجها بشكل واسع، ما يؤدي إلى تسليم أعداد كبيرة منها للقوات الجوية الصينية.
ومن المتوقع أن تتسلم القوات الصينية ما بين 80 و100 مقاتلة من طراز J-20 خلال العام الحالي، و120 مقاتلة خلال العام المقبل.
ومع تباطؤ إنتاج المقاتلة F-35 وتلبية طلب أكثر من 20 دولة، بات من المستبعد تماماً أن يجري تحديث الأساطيل الجوية للولايات المتحدة وحلفائها بالوتيرة التي كانت مأمولة.
وفي يوليو الماضي، لفت جاي ماليف، المدير المالي لشركة "لوكهيد مارتن"، المنتجة للمقاتلات F-35، إلى الحاجة لاستثمار ضخم في جميع مراحل سلاسل الإمداد، من أجل زيادة حجم الإنتاج بما يتجاوز المستهدف عند 156 طائرة سنوياً.
وساهم الطلب الأجنبي المرتفع على شراء المقاتلة F-35 في ضخ تمويلات إضافية في برنامج إنتاجها، إذ تتفوق دائماً في المناقصات المطروحة بين دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) على مقاتلات الجيل الرابع أوروبية الصنع، والأقل قدرة على المنافسة.
ولكن بعض المشكلات التي تعطل برنامج إنتاجها، قد يستغرق حلها سنوات عدة.
ومن بين هذه المشكلات، على سبيل المثال، نقص الأيدي العاملة المؤهلة في الولايات المتحدة، والقادرة على إنتاج هذه المقاتلات والمنتجات التكنولوجية المتقدمة، الأمر الذي أدى إلى الاستعانة بمصادر خارجية، وخصوصاً من شرق آسيا.
صعوبات في إنتاج مقاتلات Rafale
بدوره، يواجه برنامج إنتاج المقاتلة الفرنسية Rafale، المثقل بحجم الطلب الكبير، مشكلات تتعلق بسلاسل الإمداد.
وفي يوليو الماضي، حذّرت شركة "داسو أفياسيون"، المنتجة للمقاتلة Rafale، من أنها قد تتخلف عن الالتزام بتلبية الطلب المتراكم والبالغ حالياً 160 مقاتلة، معظمها موجه للتصدير. ويُفترض تسليم نصفها للإمارات العربية المتحدة، بموجب عقد قيمته 19 مليار دولار أُبرم في ديسمبر 2021.
ومن المفارقات أن المقاتلة Rafale لم تكن تتمتع بشعبية كبيرة خلال سنواتها الأولى، وطالما خسرت المنافسة والمناقصات المطروحة، في دول مثل الجزائر والمغرب وكوريا الجنوبية وسنغافورة، أمام مقاتلات أخرى مثل Su-30 الروسية وF-15 وF-16 الأميركيتين.
كما تدهور مركزها أكثر عندما دخلت المقاتلة F-35 سوق التصدير في منتصف العقد الثاني من القرن الحالي، تاركة المقاتلات الأوروبية بعيدة عن المنافسة، خصوصاً وأن المقاتلة الأميركية الأكثر تقدماً، قريبة في السعر من منافساتها الأوروبية.
Rafale تصل إلى أسواق جديدة
مع ذلك، استطاعت المقاتلة Rafale من الوصول إلى أسواق جديدة من منتصف العقد الماضي، من خلال تسويقها في الدول الراغبة في الحصول على تسليح غربي لأسباب سياسية، ولكنها ممنوعة من الحصول على المقاتلة F-35لأسباب سياسية أيضاً.
كما أن تساهل فرنسا في معايير استخدام العملاء الأجانب وإعادة تصدير المقاتلات Rafale، يمنحها ميزة نسبية مقارنة بالمعايير الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة على استخدام وتصدير طائرتها المقاتلة.
ومع ذلك، فمن غير المحتمل في المدى المنظور أن تقوم أي دولة أوروبية بإنتاج طائرة مقاتلة تتفوق على المقاتلة الأميركية F-35، أو الصينية J-20.
وأوضحت مجلة "ميليتاري ووتش" أن مشكلات سلاسل الإمداد التي أثرت على برنامجي إنتاج المقاتلتين الأميركية والفرنسية، تأتي ضمن جانب أوسع من المشكلات التي تواجه قطاعات عدة من الصناعة الغربية، والتي زادت حدتها بفعل التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا.
كما أن الغرب يواجه تقدماً وتطوراً سريعاً في الصناعات العسكرية لدى المعسكر الآخر، وبالتحديد روسيا والصين وكوريا الشمالية، وينطبق ذلك بشكل خاص على صناعة المقاتلات الروسية والصينية.