لا مكان للاختباء.. جهاز مراقبة صيني يغير قواعد الحرب الإلكترونية

طائرة حرب إلكترونية من طراز J-16D في معرض الصين الدولي للطيران والفضاء بمقاطعة جواندونج. 29 سبتمبر 2021 - REUTERS
طائرة حرب إلكترونية من طراز J-16D في معرض الصين الدولي للطيران والفضاء بمقاطعة جواندونج. 29 سبتمبر 2021 - REUTERS
دبي -الشرق

تمكن علماء صينيون من إحداث "طفرة تكنولوجية هائلة" في مجال الحرب الإلكترونية، بعد تحقيق نطاق ترددي واسع، وسلس ويتميز بالتحليل الفوري للطيف الكهرومغناطيسي، ما يتيح كشف إشارات العدو بسرعة غير مسبوقة.

وقال فريق العلماء إن هذه الطفرة التكنولوجية، لن تجعل للعدو في ساحة المعركة "مكاناً يختبئ به"، وسيصبح مكشوفاً بشكل كامل أثناء الصراع، بحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".

وأضاف الفريق أن الجيش الصيني سيصبح قادراً على استخدام هذه التكنولوجيا لكشف إشارات العدو، وتتبعها بسرعات غير مسبوقة، وفك تشفير الإشارات على الفور تقريباً، وقمعها بشكل فعال مع ضمان التدفق السلس لاتصالات بكين الخاصة.

ونشر المحاضر في كلية المعلومات والإلكترونيات في معهد بكين للتكنولوجيا، وقائد فريق العلماء الصيني يانج كاي، تفاصيل التكنولوجيا التي غيرت "قواعد اللعبة" في ورقة بحثية بالمجلة الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الاتصالات الراديوية، في يناير الماضي.

وكتب يانج في الورقة البحثية أن الجيل الجديد من معدات مراقبة الطيف الكهرومغناطيسي صغيرة الحجم، وعالية الأداء، ومنخفضة استهلاك الطاقة.

تحول في فن الحرب

نظراً للكمية الهائلة من البيانات التي يمكن معالجتها في خضم القتال، كانت هذه التكنولوجيا تعتبر في السابق "حلماً بعيد المنال"، وتوقع العلماء الصينيون أن تحدث "تحولاً عميقاً في فن الحرب".

وتخوض الصين والولايات المتحدة منافسة شديدة من أجل الهيمنة على الطيف الكهرومغناطيسي.

وأبلغت رادارات الطقس المدنية في بحر الصين الجنوبي، أخيراً، عن تداخلات غامضة، ما دفع بعض الخبراء العسكريين إلى الاشتباه في حدوث "سجال سري" بين القوات البحرية الصينية والأميركية.

وعلى الرغم من عدم نشوب معارك بالرصاص أو القنابل بعد، إلا أن ساحة المعركة الإلكترونية مشتعلة بالفعل بين الصين والولايات المتحدة.

وكانت بكين سابقاً في وضع غير مواتٍ لمواجهة واشنطن، ولكن من المحتمل أن تكتسب المزيد من القوة، في ظل تأكيد تقارير بأن جيشها أصبح "أكثر عدوانية." 

وذكرت وسائل إعلام حكومية صينية، الشهر الماضي، أن مدمرة صينية متقدمة من طراز 055 منعت بمفردها تقدم مجموعة حاملة طائرات أميركية، وهو أمر لم يكن من الممكن تصوره في الماضي.

وكشف ضباط وجنود تفاصيل عملية اعتراض مجموعة حاملة الطائرات الأميركية، لافتين إلى رصد معدات انبعاث كهرومغناطيسية بما في ذلك رادارات ذات مصفوفة مرحلية عالية الطاقة، وحاصروا بقوة سلسلة من الأهداف بينها الطائرات الأميركية المتمركزة على حاملة الطائرات.

ولا تزال تفاصيل براعة الحرب الإلكترونية التي يتمتع بها الجيش الصيني غير معروفة بدقة، لكن البحث الذي أجراه فريق يانج، يقدم لمحة عن خطوات الصين في هذا المجال.

وقال يانج، إنه بالنظر إلى القيود المفروضة على الأجهزة، فإن عرض النطاق الترددي للتحليل في الوقت الفعلي لأنظمة مراقبة الطيف التقليدية يقتصر بشكل عام على نطاق يتراوح بين 40 و160 ميجاهرتز.

وتتم عادةً مراقبة الإشارات خارج هذا النطاق، خاصة الإشارات عالية التردد، عبر عمليات فحص العينات، ما يؤدي إلى فقدان بعض الإشارات المهمة.

وقال فريق يانج إن المعدات الصينية الجديدة وسعت نطاق تردد الكشف السلس والمراقبة في الوقت الفعلي، لتغطي نطاق التردد الذي يستخدمه عشاق الراديو الهواة، وحتى أقمار Star link الصناعية التابعة لإيلون ماسك.

وأضاف الفريق الصيني، أنه حتى لو تحول الجيش الأميركي فجأة إلى الترددات المدنية، وأصدر إشارة نبضية في فترة قصيرة من الزمن، إلا أنه لا يزال من الممكن التقاطها وتحليلها من قبل بكين، ما يؤدي إلى تأثر، أو انقطاع الاتصالات اللاسلكية بين الوحدات العسكرية الأميركية بسبب القمع الصيني.

ولتحقيق هذه القدرة الأوسع، قال العلماء الصينيون إنهم طوروا سلسلة من رقائق معالجة الإشارات الجديدة.

تدخل الذكاء الاصطناعي

في ساحة المعركة، لا يوجد فقط عدد كبير من الوحدات العسكرية مثل الأقمار الصناعية، والطائرات المأهولة، والطائرات دون طيار، ومحطات الرادار والدبابات والمشاة، ولكن هناك أيضاً منشآت مدنية، وأجهزة كهربائية تنبعث منها إشارات كهرومغناطيسية.

ويؤدي التقاط كل هذه الإشارات بواسطة هوائيات عالية الأداء إلى إنتاج تدفق هائل للبيانات. ولم تكن رقائق المعالجة الرقمية السابقة قادرة على التعامل مع عبء هذا العمل الضخم.

وقال يانج إن الرقائق الجديدة يمكنها بشكل فعال تقسيم هذا التدفق من البيانات إلى تدفقات أصغر قبل المعالجة الحسابية، ما يقلل من عبء المعالجة، ويجعل من الممكن مراقبة عدد كبير من مصادر الإشارة في وقت واحد عبر نطاق ترددي واسع.

وعمل العلماء الصينيون على تجديد بنية مرشح الإشارة الكهرومغناطيسية الذي يعمل مع الشريحة، وبأساليب رياضية جديدة تعمل على تحسين كفاءة عمل المعالج دون التضحية بأي إشارات.

ويحتاج جهاز المراقبة إلى إجراء تحليل تلقائي للإشارات المعالجة للحصول على معلومات عالية القيمة، مثل طرق التعديل وتحديد المصادر الصديقة أو المدنية، وهو جهد لم تكن الأساليب التقليدية قادرة على تقديمه بشكل فوري.

وأشرك فريق يانج الذكاء الاصطناعي في عملية تحليل البيانات الأكثر أهمية. واستخدم تقنيتين مختلفتين للذكاء الاصطناعي على الأقل للعمل معاً بشكل وثيق لحل التحديات المختلفة التي واجهها.

قدرات غير مسبوقة

ومكّن دمج الرقائق الداخلية والذكاء الاصطناعي الجيش الصيني من اكتساب قدرات غير مسبوقة في إدراك المعلومات بتكلفة أقل. 

وكتب فريق يانج في الورقة البحثية، أنه حتى في مواجهة تشويش العدو، لا يزال بالإمكان العثور على نقاط ضعف العدو من خلال الضوضاء الخلفية القوية ومواجهتها بشكل فعال.

ولا يقتصر عمل يانج على البحث والتطوير في مجال معدات الحرب الإلكترونية، وهو يشارك أيضاً في التقنيات المدنية مثل اتصالات الهاتف الجوال والوصلات عبر الأقمار الصناعية. 

وحصل يانج سابقاً على الجائزة الكبرى من جمعية الاتصالات الصينية، فضلاً عن المشاركة في تطوير العديد من معايير الاتصالات الدولية، ويشغل حالياً منصب الأمين العام للجنة الفنية للاتصالات والحوسبة الخضراء التابعة لـ IEEE، وهي أكبر منظمة في العالم لمهندسي الإلكترونيات.

تصنيفات

قصص قد تهمك