عسكرة الفضاء.. أميركا تستعد للتشويش على الأقمار الروسية والصينية

صورة لقمر اصطناعي يسبح في الفضاء - Bloomberg
صورة لقمر اصطناعي يسبح في الفضاء - Bloomberg
دبي -الشرق

تستعد قوة الفضاء الأميركية، لنشر نظام تشويش أرضي جديد مصمم لتعطيل اتصالات الأقمار الاصطناعية المعادية أثناء الصراعات، يُعرف باسم Remote Modular Terminals - RMT.

وجرى تصميم الجهاز لمنع الأقمار الاصطناعية الصينية، أو الروسية من إرسال معلومات عن القوات الأميركية أثناء الصراع، وذلك وفقاً لموقع EurAsian Times.

ويتوقع تركيب الدفعة الأولى من أجهزة التشويش الطرفية النمطية عن بعد، في وقت لاحق من العام الجاري، بعد عدة اختبارات ناجحة، ولأسباب أمنية، سيتم نشر 11 من أصل 24 جهاز تشويش في مواقع غير معلنة، بحلول 31 ديسمبر المقبل.

وقالت قوة الفضاء الأميركية إن هذه الأجهزة تهدف لمواجهة قدرات الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية المعادية، وأكدت أن محطات RMT عبارة عن أجهزة تشويش اتصالات عبر الأقمار الصناعية صغيرة الحجم وقابلة للحمل، وفعالة من حيث التكلفة، ومصممة للنشر في بيئات صعبة لحماية القوات الأميركية.

وذكرت أنه تم إنشاء بشكل متعمد نظام معياري صغير باستخدام مكونات تجارية جاهزة، ويُوصَف RMT بأنه جهاز يتم تشغيله عن بُعد، ومصمم لإبعاد الأذى عن الأفراد.

ويشبه الجهاز، طبق استقبال الأقمار الاصطناعية الذي يبلغ قطره حوالي 10 أقدام، ويعمل عن طريق تشويش الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، من خلال إغراق الموجات الهوائية بإشارات متنافسة.

وستكمل هذه المحطات الجديدة نظام التشويش الحالي الأكثر شمولاً، والمعروف باسم نظام الاتصالات المضادة، فضلاً عن نظام متوسط ​​الحجم يسمى Meadowlands، وكلاهما نشرته بالفعل قوة الفضاء الأميركية، وتستخدمها بنشاط.

وتسلمت قوة الفضاء الأميركية، أول أربع وحدات من الشركة المصنعة في سبتمبر 2023، وأعلنت في أبريل الماضي، عن الاختبار الافتتاحي لنظام حرب بري، مشيرة إلى أنها كانت المرة الأولى التي يتم فيها نشر النظام في موقعين منفصلين جغرافياً، والتحكم فيه من موقع ثالث، ما يؤكد مرونته التشغيلية.

وقالت إن السلاح قابل للنشر في كل من البيئات العسكرية، والبيئات القاسية، لافتة إلى أنه يمكن وضع هذه الأنظمة في أي مكان، بغض النظر عن توفر مصادر الطاقة.

ووصف المسؤولون الأميركيون هذه الأجهزة بأنها أسلحة دفاعية، تهدف إلى تعطيل الأقمار الاصطناعية مؤقتاً، بشكل مسؤول، بدلاً من تدميرها. 

ويزعم خبراء الدفاع أنه على الرغم من استخدامها الدفاعي المقصود، يجب اعتبار هذه الأجهزة بمثابة قدرات هجومية مضادة للفضاء.

أسلحة الفضاء

يعد تطوير RMT بمثابة استجابة مباشرة للتهديدات الفضائية المتصاعدة من الصين، وروسيا.

وفي منتدى ASPEN الأمني ​​السنوي، سلط الجنرال ستيفن وايتينج، رئيس قيادة الفضاء الأميركية، الضوء مؤخراً على نشر الصين مئات الأقمار الصناعية في المدار، وهي مصممة للعثور على القوات الأميركية، وحلفائها، وتتبعها واستهدافها والاشتباك معها عبر منطقة المحيطين الهندي، والهادئ.

وتمتلك روسيا العديد من الأصول العسكرية الفضائية، بما في ذلك الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية المدارية المشتركة، والصواريخ المضادة للأقمار ذات الصعود المباشر، وأقمار الاتصالات Starlink التي تعاقدت عليها لحربها على أوكرانيا، كما أطلقت موسكو أقماراً قادرة على العمل كأسلحة فضائية.

وسلطت أجهزة الاستخبارات الأميركية، في وقت سابق من العام الجاري، الضوء على مثال متطرف لسلاح فضائي محتمل، مشيرة إلى أن روسيا تحاول تطوير سلاح نووي فضائي مضاد للأقمار الاصطناعية، وهو ادعاء نفته موسكو.

واتهمت الولايات المتحدة، روسيا، في مايو الماضي، بإطلاق قمر اصطناعي قادر على مهاجمة آخرين في مدار أرضي منخفض، في أعقاب عمليات إطلاق أقمار روسية سابقة يشتبه في أنها أنظمة مضادة للفضاء في عامي 2019، و2022.

وفي ساحات المعارك عالية التقنية حالياً، أصبحت الأقمار الاصطناعية بمثابة حراس صامتين للحرب الحديثة، وتلعب هذه الأصول المدارية دوراً حاسماً في تحديد مواقع القوات، وإدارة الاتصالات وأنظمة الأسلحة، كما تعمل بفعالية كعيون وآذان للعمليات العسكرية، ما يجعلها أهدافاً رئيسية في الصراعات.

وقد أبرز الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022 هذا الضعف، فقبل ساعة واحدة فقط من هبوط القوات الروسية على الأرض، شنت روسيا حرباً خاطفة رقمية تهدف إلى شل أنظمة القيادة والسيطرة في كييف، موضحة كيف يمكن تسليح الأصول الفضائية في الهجمات الأولى للحرب.

ومع ازدحام السماء بالأقمار الاصطناعية الوطنية والتجارية بشكل متزايد، أصبحت الحكومات في جميع أنحاء العالم في سباق تسلح، لتطوير التقنيات القادرة على تحييد هذه التهديدات المدارية.

وتشمل هذه التقنيات المضادة للفضاء أجهزة تشويش الإشارات، وأجهزة التضليل لخلط الاتصالات، وأشعة الليزر عالية الطاقة لتعمية أجهزة استشعار الأقمار الاصطناعية، والصواريخ المضادة للأقمار الاصطناعية للتهديدات المادية المباشرة، والمركبات الفضائية المصممة للتدخل في الأقمار الاصطناعية الأخرى.

الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية

ويعتبر تتبع تطور هذه الأسلحة الفضائية "تحدياً فريداً" من نوعه، ذلك أن طبيعتها السرية، وإمكانية الاستخدام المزدوج للعديد من التقنيات الفضائية، تخلق ضباباً من الغموض حول قدراتها ونشرها.

ويدرك الجيش الأميركي، مدى اعتماده على الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، لإبراز قوته العالمية، ما جعله يبادر إلى تطوير تدابير دفاعية بشكل استباقي. 

وسارعت وزارة الدفاع الأميركية، خلال العام الجاري، إلى تسريع برنامجها للحرب الفضائية، مدفوعة بالتقدم السريع الذي أحرزته الصين، وروسيا في هذا المجال. 

ولم يعد السباق نحو التفوق الفضائي ضرباً من ضروب الخيال العلمي، بل أصبح الواقع الجديد المتمثل في الأمن العالمي، ويمثل نشر نظام RMT خطوة مهمة في جهود الجيش الأميركي، لحماية مصالحه في الفضاء، ومواجهة التهديدات المحتملة من الخصوم.

ومع تزايد التنافس على الفضاء، يعكس تطوير مثل هذه القدرات الأهمية المتزايدة للأصول الفضائية في استراتيجيات الأمن الوطني، ويثير إدخال هذه التقنيات أيضاً المخاوف بشأن احتمالات التصعيد، وعسكرة الفضاء. 

ومع استمرار الدول في تطوير قدراتها في مجال الحرب الفضائية، يواجه المجتمع الدولي تحدي الموازنة بين مصالح الأمن القومي، والحاجة إلى الاستخدام السلمي، والتعاوني للفضاء الخارجي.

تصنيفات

قصص قد تهمك