وافقت الحكومة الأردنية على الحجر المنزلي للأطفال دون سن 18 عاماً، بدلاً من عزلهم في مؤسسات خاصة بالحجر الصحي، عقب ارتفاع أصوات مطالبة، بإبقاء الأطفال المصابين بفيروس كورونا بالقرب من ذويهم.
وأوضح عضو لجنة الأوبئة بسام حجاوي لـ"الشرق"، أن "الحجر المنزلي للأطفال، يخضع لترتيبات معينة، كضمان التباعد الاجتماعي، وأن يعزل الأطفال بعيداً عن عائلتهم حتى لا تنتقل العدوى إليهم، إضافة إلى توقيع تعهد من قبل الأهالي، بالحفاظ على أبنائهم".
وانتشر في الأسابيع الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "لا للحجر المؤسسي للأطفال نعم للحجر المنزلي"، وذلك بعد إخضاع السلطات الصحية الأطفال المصابين بالفيروس، لإجراءات العزل نفسها التي يخضع لها الراشدون.
الطفلة نور (16 عاماً)، هي أحد الأطفال الذين خضعوا للحجر، إذ بدأت قصتها مع "كورونا" و"الحجر"، عندما دفعها الفضول إلى إجراء فحص للكشف عن الفيروس، بعد إصابة معلمة لها في مدرستها.
وكانت المفاجآة أن جاءت نتيجة الفحص إيجابية، لتبدأ معاناتها مع هذا المرض، فهي لم تشعر بأعراض الفيروس، لكن ما شغل بالها هو ذهابها إلى "كرفانات" العزل في منطقة البحر الميت، وحدها ومن دون والديها.
نور التي لم تعتد أبداً الابتعاد عن عائلتها، أشارت إلى أنها عاشت خلال الحجر "أسوأ أيام حياتها"، وقالت: إنها قضت ليالي وأياماً وهي تبكي، في لحظات من التوتر والقلق. وأكدت أنها لا تعلم ماذا يعني أنها أصيبت بهذا الفيروس، ولا تتمكن من رؤية عائلتها إلا من خلال شاشات الهاتف.
وانعكست حالة نور على والديها، إذ قالت والدتها لـ"الشرق": إنها "لم تنم طوال فترة حجر طفلتها، ولم تكن تتخيل أبداً أن يأخذوا منها ابنتها بهذا الشكل".
واعتبرت والدة نور العزل المؤسسي "صعباً جداً" على الأطفال وعلى أوليائهم، لافتة إلى أنه "كان الأجدر عزل الأطفال منزلياً منذ بدء الجائحة، وليس بعد مطالبات الأهالي".
وأكد الخبير والطبيب النفسي علاء الفروخ، أن "الحجر المؤسسي يتسبب بآثار نفسية سلبية على الأطفال دون سن 18 عاماً"، وأوضح لـ"الشرق" أن "الأطفال بحاجة إلى مساحة من أجل اللعب، لكن في حالة الحجر المؤسسي، يشعرون بأنهم معزولون عن عائلاتهم، ما يسهم في زيادة الاضطرابات النفسية والتوتر والقلق عندهم، خصوصاً أنه ليس من السهل التواصل مع الطفل لشرح الوباء، وأسبابه، وكيفية التعامل معه".
وأشار الفروخ إلى أن "العزل يزيد من معدلات الاكتئاب عند الأطفال"، معتبراً أنه "بمنزلة تعدٍّ عليهم، وتبعاته أسوأ بكثير من الوباء نفسه"، على حد تعبيره.
وعلى الرغم من سماح الحكومة بالحجر المنزلي للأطفال، نزولاً عند مطالبات الأهالي، وتوصيات لجنة الأوبئة، إلا أنها فرضت شروطاً صارمة لضمان تنفيذ الحجر بدقة.
وأوضح عضو لجنة الأوبئة بسام حجاوي، أنه يجب ألا تكون هناك أعراض على المصاب، وألا يعاني ارتفاعاً في درجة الحرارة واستمرارها من دون انخفاض لمدة 24 ساعة، أو هبوط في الضغط، أو ثقل في الصدر يعيق عملية التنفس، مشيراً إلى أن هذه الأعراض "تستدعي أن يكون المصاب في المستشفى".
وقال حجاوي: "أما في حال انعدام الأعراض، فيجب توفير غرفة وحمام خاصين، وعدم مشاركة الشخص المعزول أدوات الطعام على الإطلاق، وتعقيمها باستمرار، مع ضرورة وجود تهوية طبيعية وتعقيم اليدين، وغسلهما بانتظام".
وسجلت الأردن أكثر من 35 ألف إصابة مؤكدة بفيروس كورونا و26 حالة وفاة، واعتباراً من الخميس قررت الحكومة إغلاق المدارس والمساجد والمطاعم والمقاهي والأسواق الشعبية لمدة أسبوعين، بعد تسجيل أرقام قياسية في الإصابات بالوباء.