دخلت خمس نقابات صحية في العراق، الأحد الماضي، في إضراب مفتوح، ضد ما وصفته بـ"تقاعس" الحكومة في الاستجابة لمطالبها، في وقت اتهمت وزارة الصحة المضربين بمحاولة الإضرار بالمرضى، تزامناً مع الارتفاع القياسي في عدد المصابين بفيروس كورونا في البلاد.
وتضم قائمة النقابات، التي أعلنت خوضها الإضراب، نقابة ذوي المهن الصحية ونقابة أطباء الأسنان ونقابة الإداريين ونقابة الكيميائيين ونقابة الصيادلة.
ويشمل الإضراب التوقف عن العمل في كل المرافق الصحية في مختلف محافظات العراق، باستثناء خدمات الطوارئ والعناية المركزة ومصحات غسل الكلى.
ويرفع المضربون عدة مطالب، أبرزها إقالة وزير الصحة، الذي يتهمونه بالتقاعس عن تلبية مطالبهم لفترة طويلة، ورفع رواتبهم، والمساواة بينهم وبين الأطباء المقيمين في المستشفيات.
"لا نستغل كورونا"
وقال صفاء عبدالحسين، نقيب الإداريين في وزارة الصحة العراقية، في تصريحات لـ"الشرق"، إن الإضراب لا يستغل الظرفية الحساسة التي تمر بها البلاد بسبب جائحة كورونا، من أجل "ابتزاز" الحكومة وإرغامها على الرضوخ إلى مطالبها.
وقال عبدالحسين إن "مطالبنا قديمة ولم تجد الآذان الصاغية، فاضطررنا إلى تكسير حاجز الصمت وإطلاق صرخة جديدة، بعد أن تفاقمت وضعيتنا بسبب جائحة كورونا".
ولفت إلى أن النقابات أقامت 6 مظاهرات في 2019، "حين كانت هناك أموال كثيرة لدى الدولة نظراً لارتفاع أسعار النفط آنذاك، أمام وزارة الصحة، ولم نجد آذاناً صاغية، ووصلنا إلى الطريق المسدود مع الحكومة ووزارة الصحة".
وأضاف نقيب الإداريين أن جائحة كورونا مستمرة لأشهر، وتخللها إغلاق عام، توقف خلاله العمل في معظم الوزارات. وبالرغم من ذلك، يقول عبدالحسين "استمرت الحكومة في تقديم المخصصات المالية الكبيرة بشكل كامل لتلك الوزارات، وتسديد الرواتب الكاملة لموظفيها. وبالمقابل، استمر عمال وزارة الصحة في العمل من دون توقف، من دون الحصول على حقوقهم".
وتوقع عبدالحسين أن تصعّد النقابات مستقبلاً في حال عدم استجابة الحكومة لمطالبنا، لافتاً إلى أن "التصعيد لن يأتي على حساب أرواح المواطنين، إذ لن يشمل الإضراب خدمات الطوارئ الصحية وأقسام الإنعاش ومصحات غسل الكلى. لكن سيتوقف العمل في باقي المرافق، حتى يتم الاستجابة لمطالبنا".
"تمييز وظيفي"
ووفقاً لصفاء عبدالحسين، فإن الموظفين في وزارة الصحة العراقية هم الأكثر تهميشاً ضمن العاملين في القطاع الصحي في البلاد.
وقال إن "الموظفين الإداريين في وزارة الصحة يعيشون أسوأ الظروف بالوزارة، بسبب وجود تمييز وظيفي يمارس ضدهم بشكل مستمر".
وأضاف: "نطالب بإنصافهم في الوزارة منذ سنوات، من دون استجابة من الحكومة"، لافتاً إلى أن "الإداريين هم اليوم بين مطرقة الحكومة وسندان الموت بجائحة كورونا. لا أحد يستمع أو يستجيب لمطالبهم بحقوقهم المشروعة".
واعتبر عبدالحسين أن الخلل موجود في وزارة الصحة؛ "لأن النظرة السائدة لدى الحكومة هي أن الوزارة مسؤولة عن الأطباء والعاملين في المهن الصحية فقط، في حين أن هناك 67 ألف إداري يعملون داخل الوزارة".
ورفض النقيب تبرير الحكومة رفضها الاستجابة لمطالب المضربين بذريعة الأزمة المالية، مؤكداً أن "هناك أكثر من 22 مؤسسة في الدولة تستلم مخصصات عالية جداً، رغم أنها لا تواجه خطورة التوقف عن أداء مهامها. بينما نجد أن العاملين في وزارة الصحة، والإداريين تحديداً، يعملون في ظروف صحية ووبائية سيئة للغاية، بينما تبقى مخصصاتهم ضعيفة جداً مقارنة مع باقي منتسبي وزارة الصحة".
الوزارة ترفض
ورفضت وزارة الصحة إضراب النقابات، وقالت في بيان إنها تستغرب من "قيام بعض النقابات الطبية والصحية في العراق بدعوة أبطال الجيش الأبيض للإضراب وإيقاف عمل المؤسسات الصحية".
واعتبرت الوزارة أن الدعوة إلى الإضراب "غريبة ومرفوضة؛ لأن ترك العمل والإضراب يعني الدعوة إلى الإضرار بحياة المرضى والتهديد بوفاتهم”.
وقالت الوزارة إنها شكلت لجاناً عليا تعمل تحت إشراف الوزير، وتضم ممثلين عن كافة التخصصات الطبية والصحية والإدارية، لمتابعة المتطلبات والمقترحات الخاصة بالنقابات، وتتواصل بشكل مباشر مع الوزارات واللجان المعنية في مجلس النواب.
وشددت الوزارة في البيان على أن الدور النقابي المسؤول "يبتعد عن تجاوز القوانين النافذة التي تحاسب بشدة كل من تسول له نفسه الإضرار بالأمن الصحي وحياة المواطنين كما في المادة 346 من قانون العقوبات العراقي".
يُشار إلى أن المعدل اليومي للإصابات الجديدة بفيروس كورونا يتجاوز عتبة 3000 حالة في العراق. وسجلت البلاد 3107 حالات إصابة جديدة الاثنين و60 وفاة، ليتجاوز عدد المصابين في البلاد 405 آلاف و437 إصابة، فيما فاق مجموع الوفيات 9 آلاف و912 حالة.