شكّك خبراء بجدوى لقاحين مضادين لفيروس كورونا، جرى تطويرهما في الصين وروسيا، لكنهما لم يكملا الاختبارات السريرية. وقال باحثون في مجال الأوبئة إن هناك عيباً محتملاً ومشتركاً بين اللقاحين، وهو أنهما يعتمدان على فيروس شائع للزكام أصيب به الكثير من الناس، ما يحدُّ من فعاليتهما.
اللقاح الصيني
حصل لقاح شركة "كانسينو بيولوجيكس"، على موافقة للاستخدام العسكري بالصين، كما صادقت اللجنة العسكرية المركزية الصينية على استخدامه في 25 يوليو 2020، وهو عبارة عن شكل معدل لأحد الفيروسات الغديّة من النمط الخامس، أو ما يطلق عليه (Ad5-nCoV).
وحصل الجيش الصيني على الضوء الأخضر لاستخدام اللقاح، وفق ما ذكرت الشركة المطورة، وذلك بعد أن أثبتت التجارب السريرية أنه آمن وفعال إلى حد ما.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأسبوع الماضي إنّ الشركة تجري محادثات للحصول على موافقة عاجلة في عدة دول قبل إكمال تجارب واسعة النطاق.
ويعتبر (Ad5-nCoV) أحد 8 لقاحات تطورها شركات صينية وباحثون حصلت على موافقة لتجربتها على البشر. وقالت شركة كانسينو إنها صادقت على استخدام الجيش للقاح في 25 يونيو لمدة سنة.
سبوتنيك 5 الروسي
أما اللقاح الذي طوّره معهد "غاماليا" بموسكو، المعروف باسم "سبوتنيك 5" أو "Gam-COVID-Vac، فوافقت عليه روسيا في وقت سابق من الشهر الجاري، على الرغم من إجراء اختبارات محدودة عليه، وهو يعتمد أيضاً على فيروس غُدّي من النمط الخامس، وفيروس غُدّي ثانٍ أقل انتشاراً.
و"سبوتنيك 5" هو لقاح ناقل مكون من عنصرين يعتمد على الفيروس الغدّي البشري، ولا يحتوي على مكونات فيروس كورونا، لكنه يسمح بتكوين مناعة طويلة الأمد ضده، وتُظهر تجربة استخدام لقاحات النواقل أنّ مناعة المُطعّمين به تستمر حتى عامين.
وفي حديث سابق لـ"الشرق"، قالت مجموعة "سيستيما" التي شاركت في تطوير اللقاح الروسي إنّ "الإنتاج المبكر للقاح ضد فيروس كورونا يعد أحد أهم مهام مكافحة الوباء".
وأشارت المجموعة التي تضم عدة شركات روسية إلى أنها ستوفر اللقاحات في المرحلة الأولى للأطباء الروس، الذين يمثلون مجموعة الخطر الرئيسية، لافتةً إلى أن من المقرر ارتفاع وتيرة إنتاج اللقاح في مصنع بينوفارم بكميات كبيرة بنهاية عام 2020.
خبراء يشككون
تتمتع الجهتان، الصينية والروسية، بسنوات من الخبرة في مجال إنتاج عقارات مضادة للأوبئة، وأنتجتا بالفعل لقاحين لفيروس "إيبولا" تمت الموافقة عليهما وأساسهما أيضاً فيروس غدّي من النمط الخامس، وقال معهد "غاماليا" الروسي إنّ نهجه المعتمد على فيروسين سيعالج مشكلة المناعة المضادة للفيروس الغدّي.
وعلى الرغم من تلك التطمينات، فإن بعض الخبراء يشككون في جدوى تلك اللقاحات.
وقالت آنا ديربن، الباحثة في جامعة جونز هوبكنز: "لا أعلم تحديداً ما هي استراتيجيتهما. قد لا يحظى اللقاحان بفعالية 70%، وقد تكون فعاليتهما 40%، وهذا أفضل من لا شيء لحين ظهور لقاح آخر، لكن يقلقني لقاح (إيه.دي5) الصيني فقط، لأن الكثير من الناس لديهم مناعة مضادة له".
واختار عدة باحثين، فيروسات غدية أو آليات ناقلة بديلة، إذ اختارت جامعة أوكسفورد وشركة "أسترا زينيكا" فيروساً غدياً من الشمبانزي ليكون أساس لقاحهما، فيما تستخدم شركة "جونسون آند جونسون" في لقاحها "إيه.دي26" الذي تنتجه، وهي سلالة نادرة نسبياً.
وقال خبراء إنّ نحو 40% من سكان الصين والولايات المتحدة لديهم مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة الناتجة عن التعرض السابق لفيروسات غدية من النمط الخامس، أما إفريقيا فقد تصل النسبة إلى 80%.
الصحة العالمية: لا لقاحات آمنة
وكانت "منظمة الصحة العالمية" نفت في تصريح لـ"الشرق"، وجود لقاح آمن وفعال، وقالت: "حالياً لا يوجد أي لقاح أثبتت الأبحاث العلمية أنه آمن وفعال. وهناك أكثر من 30 لقاحاً يمرّ حالياً بمراحل مختلفة من التجارب السريرية".
وأشارت المنظمة إلى أن أي لقاح يجب أن يوفر فاعلية لا تقل عن 50% في منع العدوى، وحماية للسكان بنسبة لا تقل عن30% كحد أدنى، وأن يكون آمناً"، مشددة على أن تسريع البحوث الخاصة باللقاح "يجب أن يمرّ عبر اتباع العمليات المخصصة لذلك واتباع خطوات التطوير أيضاً، حتى يتم ضمان أمن وفعالية أي لقاح يدخل حيز الإنتاج".