5 مسارات تشرح كيفية انتقال عدوى كورونا للبشر

ركاب مترو بالعاصمة الفرنسية باريس يرتدون الأقنعة الواقية - Bloomberg
ركاب مترو بالعاصمة الفرنسية باريس يرتدون الأقنعة الواقية - Bloomberg
آري ألتستيدتر - بلومبيرغجيسون غيل - بلومبيرغ

منذ فبراير الماضي، يصرّح المسؤولون في منظمة الصحّة العالمية بأنّ الفيروس التاجي الجديد المسبِّب لوباء كورونا، والذي يعرف باسم "Covid-19"، ينتشر -على الأقل في معظم الحالات- عبر انبعاث قطرات تحتوي على الفيروس عندما يعطس أو يسعل أو يزفر شخص مصاب. ويمكن أن تنقل تلك القطرات العدوى من شخص إلى آخر عن طريق استقرارها في العين أو الأنف أو الفم، أو عن طريق التصاقها باليد أو الإصبع ووضعها داخل أيٍّ من تلك الأماكن. ومع وجود أدلّة جديدة تشير إلى أنّ الفيروس قد يبقى في الهواء، تقول منظمة الصحّة العالمية إنها تقيِّم البحث الجاري حول هذه الافتراضية. وفيما يلي شرح لمسار العدوى الذي حُدِّد سلفًا، وكذلك المسارات الأخرى قيد التحقيق.

1 - القُطَيْرات التي يطردها الجهاز التنفّسي

في أول تقرير رسميّ لها حول تفشي فيروس كورونا المستجَدّ (Covid-19)، قالت منظمة الصحّة العالمية إنّ الفيروس ينتشر من خلال القُطَيْرات التي تتناثر في أثناء خروجها من الجهاز التنفّسي، والتي يمكن رؤيتها في بعض الأحيان بالعين المجردة، إذ يطردها الجهاز التنفّسي للشخص المصاب بقوّة من خلال السعال أو العطس. وعادةً ما تكون هذه القُطَيْرات ثقيلة بما يكفي لتسقط مباشرة على الأرض أو الأسطح المحيطة، ومِن ثَمّ يمكن أن تحدث العدوى إذا وصلت تلك القُطَيْرات إلى فم أو أنف أو ربما عين شخص على مقربة من الشخص المصاب. كما يمكن أن يحدث الانتقال أيضًا بشكل غير مباشر عن طريق ملامسة اليد لما يعرف بـ"أداة العدوى"، التي قد تكون سطحًا أو شيئًا ملوثًا مثل مقبض باب أو إناء، وخلصت دراسة إلى إمكانية بقاء فيروس كورونا لمدة 24 ساعة على الورق المقوَّى، و48 ساعة على الفولاذ المقاوم للصدأ، و72 ساعة على البلاستيك.

وتوصي منظمة الصحّة العالمية الأشخاص بغسل أيديهم بشكل متكرر، والمحافظة على بقائهم على بُعد مسافة لا تقلّ عن متر واحد، أو ما يعادل ثلاثة أقدام، عن أيّ شخص يعاني من الحُمّى أو السعال أو أيّ أعراض تنفُّسية أخرى، كما يُنصح بعدم المصافحة والمعانقة والتقبيل في الوقت الحاليّ. أمّا بالنسبة إلى الأُسَر التي لديها حالة إصابة، سواء مشتبه بها أو مؤكدة، فتقترح المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إبقاء هذا الشخص منفصلًا عن الآخرين قدر الإمكان، بالإضافة إلى تنظيف وتطهير "الأسطح عالية اللمس" في المناطق المشتركة، مثل مفاتيح الكهرباء، والمناضد، وأجهزة التحكم عن بُعد، يوميًّا.

انتشار مرض التاجي (COVID-19) في ماناوس - REUTERS
طفلة ترتدي قناع وجه خشية انتشار مرض التاجي (COVID-19) في ماناوس - REUTERS

2 - جزيئات الرذاذ التي تنتشر عبر الهواء

ينبعث من أنوف الأشخاص وأفواههم أيضًا جزيئات دقيقة للغاية، وبدلًا من سقوطها مباشرة على الأرض، من الممكن أن تطفو لبعض الوقت في الهواء. وعندما ينتقل فيروس عبر ما يسمى بالهباء الجوّي فإنّ احتمالية إصابته للأشخاص بالعدوى تكون أعلى نظرًا لاحتمال استنشاقه. ومنذ فبراير، قالت منظمة الصحّة العالمية إنّ طريقة الانتقال تلك "يمكن تصوُّرها" داخل مرافق الرعاية الصحّية التي تقوم بإجراءات طبية، مثل شقّ القصبة الهوائية، على الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجَدّ (Covid-19). وفي نفس الإطار، وجد الباحثون الذين نثروا تلك الجزيئات عن قصد أنّ الفيروس النشط يمكن أن يطفو في الهواء لمدة تصل إلى 3 ساعات. ومن جانبها قالت منظمة الصحّة العالمية في بيان لها إنّ التجربة لم تعكس السعال البشريّ العاديّ ولا الإجراءات الطبية المولدة للرذاذ.

وفي دراسة أخرى، لم تخضع بعدُ لآلية استعراض النظراء، وجد الباحثون جزيئات من الفيروس في هواء الغرف، حيث كان المرضى يتلقون الرعاية الطبية، وكذلك داخل الممرات المجاورة لتلك الغرف، ومع ذلك لم تكن تلك الجسيمات التي حدّدتها الدراسة قادرة على التسبب في العدوى. وتتفق دراسة أخرى مماثلة، لم تخضع هي الأخرى للمراجعة من قِبل النظراء، مع وجهة النظر السابقة، فقد أثار الباحثون الذين فحصوا عينات الهواء من داخل مستشفيين في الصين القلقَ النظري من احتمالية أن ينشأ الهباء الجوي من الأسطح الملوثة بالقُطَيْرات عند إلقاء عمّال المستشفى أقنعتهم وأثوابهم، أو في أثناء تنظيف الأرضيات، على سبيل المثال.

وتمثل هذه المخاطر أحد الأسباب التي تدفع العاملين الطبّيين الذين يتعاملون مع مرضى جائحة فيروس كورونا المستجَدّ (Covid-19) المشتبه بإصابتهم، أو مع الحالات المؤكدة، إلى ارتداء أقنعة الوجه، وتحديدًا النوع الأكثر تعقيدًا المعروف باسم الكمامات المانعة للاستنشاق، والتخلص منها بعناية. وتتزايد توصيات السلطات الصحّية في جميع أنحاء العالم للعامّة بتغطية وجوههم عندما يكونون في الخارج. وفي ظلّ نقص الأقنعة الطبية، يقترح كثيرون أن يستخدم الأشخاص العاديون إصدارات محلّية الصنع.

3 - انتقال جزيئات الفيروس بعد استخدام المرحاض

تنشأ طريقة أخرى محتملة لنقل العدوى عند غسل المصابين بالمرض أيديهم بشكل غير صحيح عقب استخدام المرحاض، ثم ملامسة الأسطح التي يتعامل معها الآخرون، إذ وُجد أن بعض المرضى لديهم جزيئات حية من الفيروس في البراز. وقالت منظمة الصحّة العالمية إنّ الطريق من البراز إلى الفم لا يبدو مسارًا هامًّا لفيروس كورونا الجديد. وباعتبارها وسيلة انتقال للعدوى، فإنه من الممكن أن تساعد بعض الإجراءات، مثل تعقيم المراحيض ومناطق تحضير الطعام وتقديمه، على إبطاء انتشار الفيروس، بالإضافة إلى غسل اليدين بانتظام.

4 - الغذاء والماء

ربما يكون الطعام والماء من مصادر العدوى إذا ما كانا ملوثين بإفرازات الجهاز التنفسي أو البراز. وقد تبيَّن أن الفيروس انتشر بسرعة بين العاملين في قسم خدمة الطعام على متن سفينة "دياموند برنسيس" السياحية، إذ أُصيب نحو واحد من كل خمسة أشخاص بالعدوى في أثناء عزلها في يوكوهاما باليابان. وكان مسؤولو الصحّة الصينيون قد أوصوا بتعزيز إجراءات التعقيم وتدابير النظافة في المناطق الوبائية، وتشمل هذه الإجراءات شرب الماء المغلي، وتجنُّب تناول الطعام النيئ، وغسل اليدين بشكل متكرر، وتطهير المراحيض، ومنع تلوث المياه والطعام من قِبل المرضى. ووفقًا لمسؤولين أمريكيين، فإنه لم تُرصد عدوى فيروس كورونا في إمدادات مياه الشرب المحلية، وكذلك فإنه من شأن طرق العلاج التقليدية التي تستخدم الترشيح والتطهير أن تزيل أو تعطل الفيروس.

عاملة صحية تأخذ عينة من سائق شاحنة يخضع لاختبار فيروس COVID-19 التاجي في بوسيا ، وهي بلدة على الحدود مع أوغندا في غرب كينيا في 14 مايو 2020. (تصوير بريان أونجو / وكالة الصحافة الفرنسية) - AFP
عاملة صحية تأخذ عينة من سائق شاحنة يخضع لاختبار فيروس COVID-19 التاجي في بوسيا ، على الحدود مع أوغندا في غرب كينيا في 14 مايو 2020 - AFP

5 - الانتقال من الأُمّ إلى الطفل

بعد ظهور العدوى في الأطفال الذين يولدون لأمهات مصابات بالمرض في الصين، أثيرت نظرية إمكانية انتقال الفيروس داخل الرحم، بينما توصلت الدراسات اللاحقة إلى استنتاجات مختلفة، إذ وجدت إحدى الدراسات التي أُجريت على تسع نساء مصابات أنهنّ أنجبن أطفالًا غير مصابين. ولم يُكشف عن أيّ فيروس في السائل الأمنيوسي أو دم الحبل السرّي أو حلق الطفل أو في حليب الثدي، مما يشير إلى أن الانتقال من الأم إلى الطفل يحدث من خلال قُطَيرات الجهاز التنفّسي. ومع ذلك، أفاد الأطباء في الصين بحالة أُمٍّ مصابة بفيروس كورونا المستجَدّ (Covid-19)، كان طفلها قد أظهر مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة بعد ساعتين من ولادته، الحادثة التي تشير إلى أن إصابة الطفل بالعدوى قد حدثت داخل الرحم، حيث لا تُنقل الأجسام المضادة إلى الجنين عبر المشيمة، وعادة لا تظهر حتى ثلاثة إلى سبعة أيام بعد الإصابة.

*هذا المحتوى من بلومبيرغ