كشفت دراسة دولية حديثة أن الأطعمة فائقة التصنيع تزيد معدلات الوفاة المبكرة حول العالم، مع وجود تفاوتات كبيرة بين الدول حسب نسبة اعتمادها على هذه الأغذية في النظام الغذائي اليومي.
وشملت الدراسة، المنشورة في "المجلة الأميركية للطب الوقائي"، تحليل بيانات من 8 دول هي: أستراليا، والبرازيل، وكندا، وتشيلي، وكولومبيا، والمكسيك، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.
أظهر التحليل أن كل زيادة بنسبة 10% في استهلاك الأغذية فائقة التصنيع ترتبط بارتفاع خطر الوفاة من جميع الأسباب بنسبة 3%.
النظام الغذائي والوفاة المبكرة
وبناءً على نماذج الدراسة الإحصائية، تتراوح نسبة الوفيات المبكرة التي يمكن ربطها بهذه الأغذية بين 4% في الدول ذات الاستهلاك المنخفض، مثل كولومبيا حيث تشكل 15% من إجمالي السعرات الحرارية، إلى 14% في الدول ذات الاستهلاك المرتفع، مثل الولايات المتحدة إذ تتجاوز 50% من السعرات الحرارية.
وبحسب الدراسة، تسبَّبت هذه الأغذية في 124 ألف حالة وفاة مبكرة خلال عام 2018 فقط في الولايات المتحدة وحدها، أما في المملكة المتحدة، فقد بلغت النسبة حوالي 12% من إجمالي الوفيات المبكرة.
وتشير البيانات إلى أن الدول النامية تشهد تسارعاً خطيراً في معدلات استهلاك هذه الأغذية، مما ينذر بزيادة عبء الوفيات فيها خلال السنوات المقبلة.
الأغذية فائقة التصنيع
الأغذية فائقة التصنيع منتجات غذائية جاهزة للأكل، أو التسخين، يتم إنتاجها صناعياً من مكونات مستخلَصة، أو مصنَّعة كيميائياً مع إضافة الحد الأدنى من المكونات الطازجة.
وتشمل تلك الأغذية مجموعة واسعة من المنتجات مثل المشروبات الغازية، والعصائر الصناعية، والوجبات السريعة الجاهزة، والحلويات، والوجبات الخفيفة المعبأة، واللحوم المصنَّعة كالنقانق، والبرجر، ومنتجات المخابز الصناعية، والوجبات المجمَّدة الجاهزة، وبدائل الألبان الاصطناعية.
ويرتبط الإفراط في استهلاك هذه الأغذية بعدد كبير من المشكلات الصحية الخطيرة، والتي تتجاوز السمنة لتشمل أمراض القلب والأوعية الدموية، مثل تصلب الشرايين والجلطات، والسمنة المفرطة بمختلف درجاتها، وداء السكري من النوع الثاني، وبعض أنواع السرطان خاصة سرطان القولون والثدي، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية والعصبية مثل الاكتئاب والقلق، وأمراض الكبد الدهني غير الكحولي، وأمراض الكلى المزمنة.
مركبات ضارة في الطعام
أكد المؤلف الرئيسي للدراسة، إدواردو أوجوستو فرنانديز نيلسون، أن هذه الأغذية تؤثر على الصحة بشكل يتجاوز مجرد احتوائها على نسب عالية من العناصر الضارة، "فالتغيرات الكيميائية التي تطرأ على الطعام أثناء المعالجة الصناعية، بالإضافة إلى المكونات الاصطناعية مثل الملوِّنات والمنكِّهات والمحليات والمواد الحافظة، تخلق مركبات ضارة لا توجد في الطبيعة".
كشفت الدراسة عن فجوة عالمية مقلقة في أنماط استهلاك الأغذية فائقة التصنيع، إذ تتباين المعدلات بشكل كبير بين الدول، ففي حين تظل معدلات الاستهلاك مرتفعة، لكنها مستقرة منذ أكثر من عقد في الدول الغنية.
وتشهد الدول النامية زيادة مطردة وسريعة في الاستهلاك، مع وجود تفاوتات كبيرة بين الدول إذ تصل نسبة الأغذية المصنَّعة إلى أكثر من 50% من السعرات الحرارية اليومية في الولايات المتحدة، بينما تبلغ حوالي 15% في كولومبيا مع تسجيل ارتفاع مستمر.
العودة للأنماط الغذائية التقليدية
وأطلق الباحثون نداءً عاجلاً لتنفيذ سياسات عامة شاملة، تشمل فرض ضرائب خاصة على هذه الأغذية، وتنظيم استخدام الإضافات الصناعية، وتشجيع إنتاج الأطعمة الطازجة، مع تنفيذ برامج توعوية موسَّعة، ووضع بطاقات تحذيرية مشابهة لتلك المستخدمة في منتجات التبغ.
كما اقترح الخبراء حلولاً عملية للحد من هذه الأزمة الصحية العالمية، تتمثل في العودة للأنماط الغذائية التقليدية القائمة على الأطعمة الطازجة، وتشجيع الطبخ المنزلي، ودعم المزارعين المحليين، وتطوير بدائل صحية للأغذية المصنَّعة، في محاولة لمواجهة هذا التحدي الصحي المتصاعد.