كشف باحثون هولنديون أن الأطفال المصابين بالربو، ويستخدمون أنظمة المراقبة المنزلية عبر تطبيقات ذكية، تقل لديهم احتمالات دخول المستشفى أو زيارة قسم الطوارئ بمقدار النصف تقريبًا، مقارنة بأقرانهم الذين يعتمدون فقط على الرعاية التقليدية في العيادات.
وعرضت الدراسة في مؤتمر الجمعية الأوروبية للجهاز التنفسي بأمستردام، وشملت أكثر من 2500 طفل تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و18 عاماً.
وأظهرت الدراسة أن إدخال المتابعة الرقمية - عبر تسجيل الأعراض شهرياً وقياسات وظائف الرئة وخطط علاجية فردية - لم يحسن السيطرة على المرض فحسب، بل خفّض أيضاً الحاجة إلى التدخلات الطارئة بشكل ملموس. وبحسب النتائج، فإن نسبة الأطفال الذين يتمتعون بسيطرة جيدة على الربو ارتفعت من 77٪ إلى 86٪ بعد اعتماد النظام.
ما هو الربو؟
الربو ليس مجرد نوبات سعال أو صعوبة في التنفس، وإنما مرض يؤثر على الحياة المدرسية، والأنشطة البدنية، والصحة النفسية للطفل.
ومن بين كل عشرة أطفال في أوروبا، يعاني طفل واحد من الربو بدرجات متفاوتة. وفي بعض المناطق، مثل المدن الصناعية المكتظة أو البيئات شديدة التلوث، ترتفع النسبة إلى ما هو أكثر من ذلك.
وعلى الصعيد العالمي، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الربو يُصيب نحو 262 مليون شخص سنويًا ويتسبب فيما يزيد عن 450 ألف وفاة.
ورغم أن الربو يُعد مرضًا "قابلًا للإدارة" من الناحية النظرية، إلا أن التحديات اليومية تجعل من السيطرة عليه أمرًا معقدًا، خصوصًا لدى الأطفال.
وحتى وقت قريب، ظل التعامل مع الربو عند الأطفال يسير وفق مسار شبه ثابت، أذ يزور المريض الطبيب أو أخصائي الصدر كل عدة أشهر. ويعتمد العلاج على وصفة دواء تشتمل على البخاخات الوقائية وأحياناً أقراص إضافية ثم يجرى المريض متابعة في العيادة الخارجية.
وفي حال فشل السيطرة أو إهمال بسيط في الالتزام بالعلاج، تحدث النوبة والتي تظهر في صورة سعال شديد، وصفير في الصدر، وضيق تنفس.
وهنا تنقطع الخطة الروتينية، وتتجه الأسرة نحو أقسام الطوارئ، حيث غالباً ما ينقل الطفل إلى وحدة الملاحظة أو حتى العناية المركزة.
ويعني هذا المسار التقليدي أن النظام الصحي يتعامل مع الربو بأسلوب رد الفعل وانتظار النوبة، ثم التدخل. أما في الفترات الهادئة، فتكون المتابعة الطبية متقطعة وناقصة. وبذلك، لا يتم التقاط علامات التدهور المبكر التي يمكن أن تمنع الأزمة من التصاعد.
كيف تكتشف إصابة طفلك بالربو؟
- السعال المتكرر الذي يزداد مع العدوى الفيروسية، أو أثناء النوم، أو عند ممارسة الرياضة، أو عند التعرض للهواء البارد.
- صدور صوت صفير أو أزيز عند الزفير.
- ضيق في التنفس أو صعوبة في أخذ نفس عميق.
- إحساس بالاحتقان أو الضيق في الصدر.
- اضطراب النوم بسبب السعال أو ضيق التنفس أو الأزيز الليلي.
- نوبات متكررة من السعال أو الأزيز تزداد سوءا عند الإصابة بالبرد أو الإنفلونزا.
- تأخر الشفاء من التهابات الجهاز التنفسي أو تكرار التهاب الشعب الهوائية.
- صعوبة في التنفس أثناء اللعب أو ممارسة الرياضة مما يحد من نشاط الطفل.
- الإرهاق أو التعب الزائد بسبب قلة النوم الناتجة عن الأعراض.
الربو والهواتف الذكية
ويقول الباحثون إن ظهور الهواتف الذكية والتطبيقات الصحية فتح نافذة جديدة، فماذا لو تمكن الطبيب من متابعة المريض عن بعد؟ ماذا لو سجل الطفل ووالداه بيانات التنفس والأعراض شهريا أو أسبوعيا دون الحاجة لزيارة المستشفى؟ ماذا لو تلقت العائلة خطة علاجية شخصية داخل تطبيق يذكر بالأدوية، ويعطي تعليمات واضحة عند ظهور الأعراض؟
وهنا تدخل فكرة المراقبة المنزلية، فهي ليست بديلاً كاملاً عن الرعاية الطبية التقليدية، لكنها تعمل كـ"جسر" يربط بين المنزل والمستشفى. والتطبيق؛ الذي طوره الفريق البحثي يتيح للأسرة عمل مراقبة لصيقة لحالة الطفل المرضية.
شارك في الدراسة 2528 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و18 عامًا، وقُسموا إلى مجموعتين؛ 1374 طفلاً استخدموا المراقبة المنزلية عبر تطبيق رقمي يُدعى Luchtbrug، ولو لفترات متباينة، في حين اعتمد 2236 طفلًا على الرعاية التقليدية التي تقتصر على المراجعة الدورية في العيادات الخارجية.
وقد شهدت الدراسة انتقال بعض الأطفال بين المجموعتين أثناء المتابعة، ما يعكس واقعية أكبر لتقلبات الرعاية الصحية كما تحدث في الحياة اليومية.
واعتمدت المراقبة المنزلية على ثلاثة عناصر رئيسية تشمل استبيانات شهرية يجيب عنها الطفل وأسرته لرصد الأعراض مثل السعال أو ضيق التنفس، وقياسات لوظائف الرئة باستخدام أجهزة بسيطة متاحة في المنزل تسجل نتائجها مباشرة في التطبيق، إضافة إلى خطة علاج شخصية مدمجة داخل التطبيق تتضمن الأدوية الموصوفة وتعليمات واضحة للتصرف عند تدهور الأعراض.
كما وفر النظام ميزة التنبيه التلقائي للمستشفى عند ظهور مؤشرات مبكرة على تفاقم الحالة، مما سمح للأطباء بالتدخل المبكر وتعديل خطة العلاج قبل تطور الأزمة.
وأظهرت النتائج أن المراقبة المنزلية خفضت خطر زيارة قسم الطوارئ بنسبة 49%، وقللت من الحاجة إلى دخول المستشفى بنسبة 57%. كما ارتفعت نسبة الأطفال الذين يتمتعون بـ"سيطرة جيدة على الربو" من 77% إلى 86% بعد استخدام التطبيق.
وتشير التقديرات إلى أن مستشفى واحدا يمكنه تجنب حالة دخول واحدة مقابل كل 39 طفلًا يستخدمون المراقبة المنزلية.
وتعنى هذه الأرقام مئات الأطفال الذين تجنبوا نوبات خطيرة، وآلاف الساعات من القلق التي وفرتها الدراسة للأسر. والأهم، أن النظام لم يقتصر على خفض التكاليف الطبية الطارئة، بل قدم وسيلة عملية للأهل والأطفال لإدارة المرض باستقلالية وطمأنينة أكبر.
وفي تعليقه على النتائج خلال مؤتمر الجمعية الأوروبية للجهاز التنفسي قال المؤلف الرئيسي مارتينوس أوبيلار: "ما يهمنا هو أن نرى الفائدة في الحياة الواقعية، خارج ظروف التجارب المحكمة. والآن لدينا دليل قوي أن المراقبة المنزلية لا توفر فقط بديلًا لبعض الزيارات الروتينية، بل تحدث فارقًا ملموسا في تقليل الحالات الطارئة."