تتمتع وسائل التواصل الاجتماعي بسطوة كبيرة في قدرتها على تعبئة الرأي العام تجاه قضايا معينة، لكن هل يُمكن لتلك الوسائل أن تتحكم فيما هو معروف من العلم بالضرورة؟
الإجابة تقدمها دراسة جديدة منشورة في دورية "الأمراض المعدية". إذ تقول تلك الورقة العلمية إن التغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر يُمكنها التحكم في معدلات التطعيم ضد فيروس كورونا، كما تقدم النتائج رؤى جديدة حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على تدابير الصحة العامة.
أظهرت الدراسة، التي أجراها باحثون في معهد كورانت للعلوم الرياضية بجامعة نيويورك وكلية جروسمان للطب في جامعة نيويورك، أن "الشعور الإيجابي الذي تم التعبير عنه على تويتر، تجاه التطعيمات تبعه بعد أسبوع زيادة معدلات التطعيم في المنطقة الجغرافية نفسها. في حين تبع الشعور السلبي في المنطقة نفسها انخفاض في معدلات التطعيم في الأسبوع التالي".
نشرت الدراسة إطار عمل لتحليلات البيانات الضخمة في الوقت الفعلي باستخدام خوارزميات تحليل المشاعر ومعالجة اللغة، ويأخذ النظام التغريدات في الوقت الفعلي ويحدد التغريدات المتعلقة باللقاحات ويصنفها حسب موضوعات معينة ويوفر تحليلاً للمشاعر وفهرسة التغريدات على أنها إيجابية أو سلبية أو محايدة.
وقالت الباحثة في قسم الأمراض المعدية والمناعة بكلية الطب بجامعة نيويورك جروسمان، ميجان كوفي، وهي باحثة مُشاركة في تلك الورقة إن هناك حاجة ماسة لفهم سبب تردد اللقاح ومدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على إنشائه ونشره "فهذه خطوة أولى نحو إنشاء مقياس لتتبع المشاعر والمواضيع المتعلقة بتردد اللقاح".
نظراً لأن وباء كورونا المستجد أجبر الكثير من البشر على قضاء وقت أطول أمام أجهزة الكمبيوتر فمن الضروري فهم تأثير ذلك الأمر على نسبة تلقي اللقاحات.
وبالتالي فهناك حاجة إلى أدوات لتتبع وفهم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على تردد اللقاحات لهذا الوباء والأوبئة المستقبلية.
ويعرف الباحثون أن التطعيم يمكن أن يساعد في إنهاء الطفرات المستمرة والمتغيرات الجديدة لوباء فيروس كورونا. كما أنهم يعرفون أيضاً أن التردد بشأن التطعيم يقوض تأثير التطعيم فردياً وجماعياً.
ومما يزيد الأمر تعقيداً دور وسائل التواصل الاجتماعي، التي تضخم بشكل متزايد المعلومات والمعلومات المضللة في ما يتعلق بالتطعيم، ما يثير تساؤلات حول كيفية تأثير هذه المنصات على معدلات التطعيم على وجه التحديد.
لمعالجة هذا الأمر، طور مؤلفو البحث تطبيق تحليلات البيانات الضخمة بناءً على معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، وتحليل المشاعر.
وسمحت هذه الأداة للباحثين بتتبع العديد من الموضوعات المتعلقة باللقاح كما ظهرت في عشرات العبارات. وشملت المواضيع؛ المؤامرة، والخوف، والحرية الصحية، والبدائل الطبيعية، والآثار الجانبية، والسلامة، والثقة/ عدم الثقة، وشركات اللقاحات، والتردد، وغيرها، حيث سمحت لهم هذه الموضوعات والعبارات ذات الصلة بإرفاق "درجات المشاعر" بالتطعيم - إيجابية أو سلبية أو محايدة.
بشكل عام، أظهرت البيانات أنه بمجرد توفر اللقاحات لجميع البالغين، حوالي منتصف أبريل 2021، أعقب زيادة المشاعر الإيجابية في مناطق معينة من الولايات المتحدة زيادة في معدل التطعيم بعد أسبوع.
على النقيض من ذلك، في المناطق التي شهدت تراجعاً في المعنويات، تبع ذلك تراجع في معدلات التطعيم بعد أسبوع.
والجدير بالذكر أن إطار تحليلات البيانات الضخمة أظهر أنه في الأشهر العديدة الأولى من الوباء، وقبل بدء طرح اللقاح في نهاية 2020 كانت المشاعر الإيجابية والسلبية تجاه اللقاحات متشابهة، مع وجود شعور إيجابي أعلى قليلاً. على النقيض من ذلك، بعد بدء طرح اللقاح، تجاوزت تغريدات المشاعر السلبية التعليقات الإيجابية.