تقنية حديثة "تضيء" الخلايا السرطانية وتُسهل استئصالها

مريض يخضع للتصوير بأشعة الرنين المغناطيسي في مستشفى بمدينة كريتاي جنوب شرقي باريس. 5 يونيو 2019  - AFP
مريض يخضع للتصوير بأشعة الرنين المغناطيسي في مستشفى بمدينة كريتاي جنوب شرقي باريس. 5 يونيو 2019 - AFP
القاهرة -محمد منصور

تتطلب جراحات استئصال الأورام السرطانية توازناً دقيقاً، إذ يستلزم إزالة الورم بالكامل حتى لا تتبقى أيّ خلايا سرطانية ينمو من خلالها السرطان مرة أخرى.

وفي نفس الوقت، لا يُمكن استئصال الكثير من الأنسجة السليمة، إذ يُمكن أن يؤدي ذلك لإتلاف الأوعية الدموية المحيطة، والأعصاب والأعضاء السليمة الأخرى، لا سيما إذ ما كان الورم في أماكن حساسة، كالدماغ.

يعتمد الجراحون في الغالب على صور أشعة الرنين المغناطيسي لتحديد مكان الأورام بدقة، وأثناء إجراء الجراحة، لا يتبقى أمامهم سوى الاعتماد على الخبرة، والعين المجردة.

غير أن الأمر يُمكن أن يتغير في المستقبل القريب، حسب دراسة جديدة نُشرت في دورية "أبحاث السرطان"، تقول إن علماء من "كلية لندن" ابتكروا تقنية جديدة تجمع بين صور مفصلة للغاية في الوقت الفعلي لداخل الجسم مع نوع من ضوء الأشعة تحت الحمراء أثناء الجراحة للتمييز بين الأورام السرطانية والأنسجة السليمة.

دقة غير مسبوقة

وتضيء هذه التقنية الورم بشكل فعال، ما يسمح للجراحين بإزالته بدقة غير مسبوقة. ويأمل الباحثون في ترجمة هذه التكنولوجيا المبتكرة إلى ممارسة إكلينيكية في مستشفى "جوش" البريطاني، في أقرب وقت ممكن لإفادة أكبر عدد من الأطفال المصابين بأورام سرطانية، وبخاصة الورم الأرومي العصبي.

ويقول الباحثون، إن التطور قد يكون له آثار على علاج الورم الأرومي العصبي، وهو أحد الأشكال الأكثر شيوعاً لأورام السرطان الصلبة الموجودة في الأطفال، ويمثل 8-10% من جميع سرطانات الأطفال، ونحو 15% من وفيات الأطفال بسبب السرطان. 

وينتشر الورم الأرومي العصبي بالفعل في نحو ثلث المرضى إلى أجزاء أخرى من الجسم وقت التشخيص، ما يجعل علاجه أكثر صعوبة.

عادةً ما يتضمن العلاج القياسي عملية جراحية لإزالة الخلايا السرطانية تماماً، والتي قد تصعب رؤيتها لأنها تشبه الأنسجة السليمة المحيطة.

إضاءة الورم

ويقول الباحثون إن علم الأورام الجراحي للأطفال، يواجه حاجة متزايدة باستمرار لتقنيات وأجهزة جديدة يمكن أن تساعد في تصور الأورام أثناء الجراحة. 

وباستخدام تلك التقنية، يظهر الباحثون إمكانية تحديد هوامش الورم بأمان وعلى وجه التحديد، ما يسمح بتمييزه عن الأنسجة السليمة المحيطة. 

وفي تلك التقنية، التي يطلق عليها الباحثون اسم "التصوير الجزيئي أثناء الجراحة" تحقن المواد الكيميائية في مجرى الدم لتكون بمثابة "مجسات تصوير".

وتنجذب هذه المواد الكيميائية إلى الخلايا السرطانية في الجسم، وبمجرد أن ترتبط بالأورام، تضيء المجسات من خلال عملية تسمى "التألق"، التي بدورها تضيء الورم. 

نجحت هذه التقنية، التي استخدمت أثناء الاختبارات قبل السريرية على الفئران، في الكشف عن جزء من الورم الذي لم تتم إزالته أثناء الجراحة.

اختبار بالضوء

وأراد الفريق اختبار ما إذا كان بإمكانهم تحسين الجودة المرئية لصور الأورام عبر استخدام نوع من الضوء يسمى الأشعة تحت الحمراء قصير الموجة.

لهذا استخدموا كاميرا خاصة عالية الوضوح لالتقاط تألق المجسات غير المرئي للعين المجردة، ما يسمح له بالتغلغل بشكل أعمق في الأنسجة لتوفير صور أكثر دقة وتفصيلاً. 

باستخدام هذه التقنية، تمكن الجراحون من التمييز بين الأورام السرطانية، والأنسجة السليمة خلال الاختبارات قبل السريرية.

على عكس التصوير بالأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي، ينتج التصوير الجزيئي صوراً مفصلة للعمليات البيولوجية، ويمكن إجراؤها مباشرةً أثناء الجراحة، ما يعني أن الفرق السريرية لا تضطر إلى انتظار نتائج العينات السرطانية.

ويرى الباحثون أن هذه النتائج تُظهر أن التصوير الجزيئي الجديد، وهي تقنية استخدمت لأول مرة لفحص المواد، يمكن أن تعزز رؤية الجراح بما يتجاوز قدرات العين البشرية ما يسمح لهم بالتعامل مع جراحة الورم بشكل أكثر دقة. 

وتوقع الباحثون أن التقنية الجديدة ستغير قواعد اللعبة، وتساعد الجراحين على إجراء جراحات استئصال أكثر أماناً واكتمالاً.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات