يعاني كثيرون من آلام في المعدة، ربما تستمر لسنوات وهم يجهلون ماهيتها، حرقة في أعلى المعدة إلى البلعوم وقد تصل الحلق، مؤدية في بعض الأحيان إلى صعوبة في التنفس.
يصاب كثير من البشر بارتجاع الحمض من وقت إلى آخر، ويقول الأطباء إن الأعراض المعوية هي الأكثر تشابهاً بين أعراض الأمراض التي تصيب الإنسان.
ومع انتشار "التشخيص الشعبي" بين الناس عن طريق تناول أدوية بعضهم البعض، تزداد الأمور سوءاً، لذلك ينصح دوماً بمراجعة الطبيب عند الشعور بألم في المعدة.
ماهو الارتجاع المعوي المريئي؟
الارتجاع المعوي المريئي (GERD)، هو رجوع حمض المعدة بشكل متكرر إلى المريء، والمريء هو الأنبوب الذي يربط الفم بالمعدة.
يُعد داء الارتجاع المعوي المريئي (GERD) مرضاً شائعاً بين البشر يمكن أن يحدث مرتين في الأسبوع على الأقل، أو الارتجاع الحمضي المعتدل إلى الحاد الذي يحدث على الأقل مرة واحدة في الأسبوع.
وغالباً ما يؤدي الارتجاع الحمضي إلى تهيج بطانة المريء.
ويستطيع المصابون بالارتجاع الخفيف أو المتوسط السيطرة على المرض من خلال تغيير نمط الحياة أو استخدام بعض الأدوية، لكن بعض المصابين بالارتجاع المعوي المريئي قد يحتاجون إلى أدوية أقوى، وعندما يسوء الحال فهم يحتاجون إلى التدخل الجراحي.
الأعراض
تشتمل أعراض الارتجاع المعوي المريئي على إحساس حارق في الصدر يسمى بحرقة المعدة أو الفؤاد، يكون عادة بعد تناول الطعام ويزداد ليلاً، ويترافق مع ألم في الصدر وصعوبة في البلع، مع الإحساس بارتجاع الطعام أو سائل حامض إلى المعدة، ومن الممكن الإحساس بوجود كتلة في الحلق.
أما الارتجاع الحمضي الليلي، فأعراضه تكون على شكل سعال مزمن أو التهاب في الحنجرة، واضطراب في النوم، وأحياناً يتفاقم المرض ليص إلى الربو.
التشخيص
يمكن تشخيص الارتجاع المعوي المريئي بناء على الفحص السريري وتاريخ المؤشرات والأعراض وفي الغالب يلجأ الأطباء إلى التنظير الداخلي العلوي، ويكون بإدخال أنبوب رقيق ومرن مزود بضوء وكاميرا (منظار) أسفل الحلق، لفحص داخل المريء والمعدة.
ويمكن أيضاً استخدام التنظير لجمع عينة من الأنسجة (خزعة) ليتم اختبارها بحثاً عن مضاعفات، مثل حالة "مريء باريت".
يمكن اللجوء إلى اختبار"مسبار الحموضة المتنقل" ويتم عن طريق وضع جهاز مراقبة في المريء لاكتشاف وقت ومدة حدوث ارتجاع حمض المعدة، حيث يتصل جهاز مراقبة الحمض بكمبيوتر صغير يتم وضعه حول الخصر أو بحزام على الكتف.
وقديكون جهاز المراقبة على شكل أنبوب رقيق ومرن يتم تمريره من خلال الأنف إلى داخل المريء، أو على هيئة مشبك يُوضع في المريء أثناء التنظير ويخرج مع البراز بعد يومين.
والطريقة الثالثة للتشخيص تكون عن طريق قياس ضغط المريء، ويتم هنا قياس التقلصات العضلية المنتظمة في المريء عند البلع، ويفحص قياس ضغط المريء أيضاً تناسق عضلات المريء والقوة الصادرة عنها.
وكذلك يتم تصوير الجهاز الهضمي العلوي بالأشعة السينية بعد شرب سائل أبيض يعمل على تغليف وملء البطانة الداخلية للجهاز الهضمي، ويتيح الغلاف للطبيب رؤية صورة ظليّة للمريء والمعدة والأمعاء العلوية، أو عن طريق ابتلاع قرص "باريوم"، إذ يمكنه المساعدة في تشخيص تضيّق المريء الذي قد يعيق البلع.
أسباب المرض
يحدث الارتجاع المعوي المريئي بسبب ارتجاع الأحماض المتكرر، عندما يتم ابتلاع الطعام، تسترخي مجموعة دائرية من العضلات المحيطة بالجزء السفلي من المريء (المَصَرّة المريئية السفلية) للسماح بتدفق الطعام والسوائل إلى معدتك، ثم تنغلق المَصَرّة مرة أخرى.
وإذا ارتخت المَصَرَّة بشكل غير طبيعي أو أصبحت ضعيفة، يمكن أن يرجع حمض المعدة إلى المريء ويؤدي هذا التدفق العكسي المستمر للحمض إلى تهيّج بطانة المريء، مما يسبب في كثير من الأحيان التهابها.
متى نراجع الأطباء
يُنصح بالذهاب إلى الطبيب إذا كانت الأعراض حادة أو متكررة، أو إذا تم تناول الأدوية المتاحة دون وصفة طبية لحرقة المعدة أكثر من مرتين في الأسبوع.
عوامل الخطورة والمضاعفات
تزداد الأمور سوءاً مع السمنة وانتفاخ الجزء العلوي من المعدة باتجاه الحجاب الحاجز (الفتق الحجابي)، والحمل، واضطرابات النسيج الضام، والتدخين وتناول وجبات كبيرة أو تناول الطعام في وقت متأخر ليلاً، وكذلك تناول بعض الأطعمة المحفزة للارتجاع الحمضي مثل الأطعمة الدهنية أو المقلية، وشرب الكحول أو القهوة، وأخذ بعض الأدوية كالأسبرين.
وقد تنتج مضاعفات في بعض الأحيان عن المرض كتضيّق المريء أو قرحة مفتوحة في المريء ويمكن لحمض المعدة أن يسبب تآكل الأنسجة في المريء مما يؤدي إلى تكوين قرحة مفتوحة أو نزف قرحة المريء.
أما التغييرات الأخطر فهو تحوّل المرض إلى "سرطان في المريء" (مريء باريت)، حيث يتسبب التلف الناتج عن الحمض في حدوث تغيرات في الأنسجة المبطنة للمريء السفلي، وترتبط هذه التغييرات بزيادة خطر الإصابة بسرطان المريء.