"الشرق" تنشر نتائج لقاح "أكسفورد" ضد كورونا.. أمل لكبار السن

عاملة في مجال الصحة تقوم بإجراء فحص كورونا لشخص في سيارته في مدينة فرانكفورت الألمانية - REUTERS
عاملة في مجال الصحة تقوم بإجراء فحص كورونا لشخص في سيارته في مدينة فرانكفورت الألمانية - REUTERS
القاهرة -محمد منصور

نشرت جامعة "أكسفورد" نتائج المرحلة الثانية من تجاربها على لقاح يقي من فيروس كورونا المستجد، والتي أظهرت بريق أمل للوقاية من كورونا لدى كبار السن. وحصلت "الشرق" على نسخة كاملة من الدراسة التي ستنشر اليوم الخميس، على موقع "لانسيت" للأبحاث. 

وتُعد "أوكسفورد" الجهة الأولى التي تنشر نتائج دراسة بهذا الحجم على كبار السن في دورية علمية محكمة. فحتى الآن، لم ينشر تحالف "فايزر - بيونتيك"، ولا شركة "موديرنا"، نتائج دراساتهما في دورية محكمة، على رغم إعلانهما عن لقاحات فعالة بنسبة تتجاوز 90%.

أمل لكبار السن

وحسب نتائج الدراسة التي حصلت "الشرق" على نسختها، يُقدم لقاح "أكسفورد" أملاً كبيراً لكبار السن، خاصة الذين تزيد أعمارهم عن 70 عاماً.

ولفتت الدراسة إلى أن من الضروري على أي لقاح أن يكون فعالاً في هذه المجموعة، خصوصاً أن خطر الإصابة بأعراض وخيمة جراء الإصابة بفيروس كورونا، أعلى عند كبار السن. 

واختبر اللقاح على 560 من البالغين الأصحاء، بما في ذلك 240 شخصاً فوق سن 70 عاماً. وقدمت الورقة العلمية المنشورة في "لانسيت" نتائج أولية حول السلامة والاستجابات المناعية للقاح.

وتظهر النتائج، أن اللقاح يمكن تحمله بشكل أفضل لدى كبار السن مقارنة بالبالغين الأصغر سناً، كما ينتج استجابة مناعية مماثلة لدى كبار السن والشباب.

ولم تُعلن "أكسفورد" عن نسبة فاعلية اللقاح بعد، كما فعلت "فايزر" و"موديرنا"، كون التجربة التي أعلن عن نتائجها في مرحلتها الثانية، والتي تخصص لمعرفة مدى أمان اللقاح وسلامة تعاطيه.

ولاحظ المؤلفون، أن النتائج الجديدة التي توصلوا إليها قد تكون "مشجعة" إذا كانت الاستجابات المناعية الموجودة في دراستهم مرتبطة بالحماية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، لكن هذه الدراسة لم تُقيّم الفاعلية، إذ لا تزال تجارب المرحلة الثالثة جارية لتأكيد فاعلية اللقاح.

آثار جانبية طفيفة

توصلت تجربة المرحلة الثانية، إلى أن اللقاح يسبب آثاراً جانبية قليلة، ويحفز الاستجابات المناعية في جزئي الجهاز المناعي لدى جميع الفئات العمرية، وبجرعة منخفضة وقياسية، وهو ما يؤدي إلى استجابة الخلايا التائية في غضون 14 يوماً من الجرعة الأولى من التطعيم (على سبيل المثال، استجابة مناعية خلوية، يمكنها العثور على الخلايا المصابة بالفيروس ومهاجمتها). كما يؤدي إلى استجابة الجسم المضاد في غضون 28 يوماً من جرعة التطعيم المعززة (أي الاستجابة المناعية الخلطية التي تركز على تنشيط الخلايا البائية، ويمكنها العثور على الفيروس ومهاجمته أثناء انتشاره في الدم أو الجهاز اللمفاوي). 

ولا تزال تجارب المرحلة الثالثة جارية لتأكيد هذه النتائج، إضافة إلى إظهار فاعلية اللقاح في الحماية من الإصابة بالفيروس ضمن نطاق أوسع من الأشخاص، بما في ذلك كبار السن الذين يعانون من حالات صحية أساسية، على غرار ارتفاع ضغط الدم أو السكري أو حتى السرطان.

أولوية التحصين

ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة أندرو بولارد من "جامعة أكسفورد" في المملكة المتحدة، في إفادة صحافية تلقت "الشرق" نسخة منها، إنه "غالباً ما تقل الاستجابات المناعية من اللقاحات لدى كبار السن، لأن الجهاز المناعي يتدهور تدريجياً مع تقدم العمر. وهذا ما يجعل كبار السن أكثر عرضة للإصابة بالعدوى. أمر بالغ الأهمية اختبار لقاحات في هذه المجموعة العمرية، التي تعتبر ذات أولوية في التحصين".

ويضيف المؤلف المشارك الدكتور ماهشي راماسامي، أن الأجسام المضادة القوية، واستجابات الخلايا التائية التي لوحظت لدى كبار السن في الدراسة "مشجعة".

وتشمل الفئات السكانية الأكثر تعرضاً لخطر الإصابة بالعدوى الفيروسية كبار السن الذين يُعانون من ظروف صحية حرجة؛ ويقول الباحثون، إنهم يأملون في أن يساعد اللقاح في "حماية بعض الأشخاص الأكثر ضعفاً في المجتمع"، لكنهم يشددون على أن هناك "حاجة إلى مزيد من البحث قبل التأكد من تلك النتائج".

خامس تجربة سريرية 

وتعتبر هذه الدراسة، خامس تجربة سريرية منشورة للقاح ضد كورونا، لكنها الكبرى من نوعها، والتي جرى اختبارها على السكان البالغين الأكبر سناً. لكن؛ من الصعب للغاية مقارنة النتائج بين الدراسات المختلفة.

وأظهرت إحدى الدراسات السابقة استجابات مناعية مماثلة لدى الشباب وكبار السن (دراسة شركة موديرنا) لكن نسبة الشباب لكبار السن كانت أقل من نسبتها لدى تجربة "أكسفورد"، في حين أن تجارب أخرى أظهرت استجابات أقل لدى كبار السن مقارنة بالبالغين الأصغر سناً (كدراسة تحالف فايزر - بيونتيك ودراسة الشركة الصينية سينوفارم).

أعراض جانبية أقل عند كبار السن

في المرحلة الثانية من التجربة التي نُشرت الخميس، تم تقسيم 560 مشاركاً (160 تتراوح أعمارهم بين 18-55 عاماً، و160 تتراوح أعمارهم بين 56-69 عاماً، و240 من عمر 70 عاماً أو أكثر) إلى 10 مجموعات، وتلقت المجموعات بجرعات منخفضة أو قياسية. 

وتم تقسيم المشاركين الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً أيضاً إلى مجموعات، وتم إعطاؤهم إما جرعة واحدة من اللقاح، أو جرعتين، بفاصل 28 يوماً بين الجرعات.

قبل تلقي اللقاح، خضع جميع المشاركين لفحص دم لتحديد ما إذا أصيبوا سابقاً بعدوى كورونا المستجد؛ باستثناء الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و55 عاماً في مجموعات اللقاح المزدوجة ذات الجرعة القياسية.

بعد التطعيم، تمت ملاحظة المشاركين لمدة لا تقل عن 15 دقيقة في حال حدوث أي أعراض سلبية فورية، ولم يسجل المشاركون أي أعراض سلبية لمدة سبعة أيام بعد ذلك. وسيستمر رصد المشاركين بحثاً عن أي أعراض سلبية خطيرة لمدة عام واحد بعد التطعيم النهائي (بيانات العام غير متوفرة بعد).

وتم تقييم استجابات المشاركين المناعية لمجموعة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و55 عاماً والذين تلقوا جرعتين قياسيتين من لقاح "أكسفورد"؛ وجميع المشاركين الذين تبلغ أعمارهم 56 عاماً فأكثر، في يوم التطعيم؛ ثم بعد أسبوع واحد، وأسبوعين، وأربعة أسابيع من التطعيم الأول والثاني.

وكانت الآثار الأكثر شيوعاً للتطعيم هي الألم الموضعي؛ وشملت التفاعلات العكسية للقاح، التعب والصداع والحمى وآلام العضلات. كما تعرض المشاركون لـ"13 عارضاً ضاراً خطيراً في الأشهر الستة، بعد إعطاء الجرعة الأولى، ولم يكن أيّ منها مرتبطاً باللقاح".

كانت التأثيرات الضارة (الأعراض الجانبية) أقل شيوعاً عند كبار السن منها لدى البالغين الأصغر سناً (في غضون سبعة أيام من جرعة قياسية واحدة من اللقاح).

وشملت تلك الأعراض، الألم المؤقت والاحمرار والتورم في موقع الحقن بنسبة 88% في الفئة العمرية من 18 إلى 55 عاماً، و73% في الفئة العمرية 56-69 عاماً، و61% عند الذين تبلغ أعمارهم 70 عاماً أو أكثر. 

ونُفذت الدراسة أثناء إغلاق وطني في المملكة المتحدة. ونُصح الأفراد الضعفاء بالعزل الذاتي. لهذا السبب، فإن الدراسة تشمل فقط المشاركين الأصحاء، وليس أولئك الذين يعانون أمراضاً مصاحبة أو ضعفاء. 

مستويات الأجسام المضادة

في غضون 7 أيام من الحقن، تظهر الأعراض الجهازية مثل التعب المؤقت والصداع والشعور بالضيق، الحمى، وآلام العضلات التي حدثت عند 86% في الفئة العمرية أقل من 55 سنة، 77% في فئة 56-69 سنة، و65% في فئة الأشخاص بعمر 70 أو أكثر، بينما لوحظت أعراض جهازية أقل بعد الجرعة التنشيطية.

وزادت مستويات الأجسام المضادة في اليوم الـ56 من التجربة بعد الحقن بالجرعة التنشيطية الثانية، بغض النظر عن عمر المشارك. وشوهد الشيء ذاته مع مستويات الأجسام المضادة المعادلة في اليوم الـ42، بعد أسبوعين من جرعة اللقاح المعزز.

بحلول 14 يوماً بعد جرعة التعزيز، كان لدى 208 من 209 (أكثر من 99%) مشاركين اختيروا من من جميع الأعمار والجرعات، استجابات معادلة للأجسام المضادة. وبلغت استجابة الخلايا التائية ذروتها بعد 14 يوماً من التطعيم الأول.

وتجيب الدراسة الجديدة عن بعض هذه الأسئلة حول حماية كبار السن، ولكن الأسئلة تبقى حول الفاعلية وطول مدة الحماية، إذ إن هناك حاجة ماسة لتأكيد النتائج عند كبار السن الذين يعانون حالات كامنة، للتأكد من أن اللقاح يحمي الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالفيروس المستجد.