"الجرعة الثانية" من لقاح "فايزر" تفجر الجدل في الولايات المتحدة

طائرة تابعة لشركة"يونايتد إيرلاينز" تنقل جرعات من لقاح فايزر المضاد لكورونا في مطار أوهير الدولي بشيكاغو - 2 ديسمبر 2020 - AFP
طائرة تابعة لشركة"يونايتد إيرلاينز" تنقل جرعات من لقاح فايزر المضاد لكورونا في مطار أوهير الدولي بشيكاغو - 2 ديسمبر 2020 - AFP
دبي -الشرق

تواجه خطة توزيع اللقاحات في الولايات المتحدة تحدياً كبيراً، مع بدء استلام مواقع التطعيم أولى جرعات لقاح كورونا الذي ينتجه تحالف "فايزر-بيونتيك"، وذلك بسبب طريقة التعامل مع الجرعة الثانية للقاح.

وبحسب تقرير لموقع "أكسيوس" الأميركي، فإن الدفعة الأولى من الجرعات المتاحة للأميركيين "محدودة للغاية"، على الرغم من أنه بحسب الإرشادات الطبية، يجب تخصيص جرعتين على الأقل لكل شخص يتلقى اللقاح.

تجهيز صناديق تحتوي على لقاح فايزر بايونتيك في مصنع تابع لشركة فايزر في ميشيغان، 13 ديسمبر 2020 - REUTERS
تجهيز صناديق تحتوي على لقاح "فايزر بايونتك" في مصنع تابع لشركة "فايزر" في ميشيغان - 13 ديسمبر 2020 - REUTERS

وهذا يعني أنه من بين 6.4 مليون جرعة متاحة من لقاح "فايزر"، سيتم إرسال نصفها تقريباً في البداية، وهو ما يعادل 2.9 مليون كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، على أن يتم توزيع النصف الآخر في غضون أسابيع قليلة، لضمان حصول المتلقين على الجرعة الثانية بعد 21 يوماً من الجرعة الأولى.

وقالت "إكسيوس" إن بعض الخبراء يتساءلون عما إذا كان من الضروري حقاً تأجيل أي جرعات، في وقت قد تكون الجرعات المؤجلة فرصة لإنقاذ حياة المرضى، الذين هم بحاجة إلى جرعة واحدة فحسب، لتبقيهم على قيد الحياة.

"مسألة أخلاقية"

وقال أستاذ الطب في "جامعة بيتسبرغ" ببنسلفانيا وليد جلاد، إن "السؤال الذي يتبادر إلى ذهني، هو هل من الأخلاقي وضع هذه الجرعات جانباً، للتأكد من أن الجرعة الثانية ستُعطى بالضبط بعد 21 يوماً، أو ما إذا كان من الأفضل عدم القيام بذلك، وعوضاً عن ذلك الاستفادة منها لتطعيم ضعف عدد الأشخاص الذين سيتم تطعيمهم بالجرعات الأولى؟".

وأضاف أن "هناك مخاطرة صغيرة في خطة توزيع اللقاح، تتمثل في أن جرعات فايزر من الممكن ألا تصل كما هو مخطط لها بحلول نهاية العام، ما يعني أن الأشخاص الذين سيتقلون الجرعة الأولى سيتأخرون في تلقي الجرعة الثانية"، مشيراً إلى أن "الجرعة الأولى لها تأثير قوي، ونحن في ذروة الوباء، إذ إنه بحسب نتائج التجارب السريرية، فإن جرعة واحدة من اللقاح، تمنح درجة معينة من الحماية للمتلقي".

تفريغ شحنة من لقاح
تفريغ شحنة من لقاح "فايزر" المضاد لكورونا من إحدى الطائرات في ولاية شيكاغو الأميركية، 2 ديسمبر 2020 - REUTERS

من جانبه، قال سكوت جوتليب، المفوض السابق في إدارة الغذاء والدواء، لشبكة "سي إن بي سي": "نعلم أن الجرعة الأولى تقيك جزئياً من الفيروس، نريد الاستفادة من أكبر عدد ممكن من الجرعات، لمنح أكبر عدد ممكن من الناس هذه الفائدة"، مضيفاً أن "هناك مجالاً للمناورة فيما يتعلق بوقت تلقيهم الجرعة الثانية".

رأي مغاير

في المقابل، قال الجنرال في الجيش الأميركي غوستاف بيرنا، الذي يشارك في عملية "راب سبيد"، التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب​ لتوزيع لقاح كورونا، للصحافيين، إن "سبب احتفاظنا بالجرعة الثانية بالإضافة إلى بعض الاحتياطات، هو أننا لا نثق بشكل مطلق في العملية، ليس بسبب الشركات المطورة للعقار مثل فايزر وموديرنا، أو الشركات الداعمة، إنهم يجتهدون في عملهم، لكن العملية حساسة للغاية، ونريد ضمان الكمال في نتائج اللقاح".

وأضاف بيرنا أنه "مع مرور الوقت، ستقل الحاجة إلى كبح الجرعات"، موضحاً أن "الاحتفاظ بالجرعة الثانية هو فقط حتى نصل إلى ثقة تامة بالنسبة لفاعلية اللقاح، وقمنا بوضع مخزون لضمان تقديم الجرعة الثانية من اللقاح للشعب الأميركي".

وبحسب تقرير "أكسيوس"، هناك نقاش علمي أكبر حول كيفية التعامل مع نتائج التجارب السريرية، إذ حذر بعض العلماء بشكل قاطع من أن إعطاء جرعة واحدة فقط للناس فكرة سيئة، حتى لو كانت ستضاعف عدد الأشخاص الذين يمكن تطعيمهم على المدى القصير.

أميركيون يحيون شاحنات تحمل الشحنة الأولى من لقاح كورونا في ميشيغان، 13 ديسمبر 2020 - AFP
أميركيون يحيّون شاحنات تحمل الشحنة الأولى من لقاح كورونا في ميشيغان، 13 ديسمبر 2020 - AFP

وفي هذا الصدد، قال كارلوس ديل ريو، العميد المساعد في "كلية إيموري للطب": "ستحدث كارثة مطلقة إذا أخذ عدد كبير من الناس جرعة واحدة فقط من اللقاح، إذ إنه من المحتمل جداً، أن تتضاءل المناعة بسرعة لديهم، ولن تكون الفاعلية قريبة من 95% التي أُعلن عنها أثناء طرح اللقاح".

"مناعة القطيع"

ناتالي دين، الأستاذة المتخصصة في دراسة اللقاحات في "جامعة فلوريدا"، لديها رأي مشابه، إذ قالت إن "هناك الكثير من عدم اليقين في فاعلية اللقاح، على المدى القصير والبعيد أيضاً"، مؤكدة أن "تغيير الخطة الآن، لنظام لم يتم اختباره بشكل مباشر، ليست خطوة جيدة".

في الجانب الآخر، لا يزال بعض الخبراء يجادلون بشأن ضرورة النظر في دراسة نظام "الجرعة الواحدة".

وقال مايكل مينا، أستاذ في علم الأوبئة في "جامعة هارفارد" في تغريدة على تويتر: "إذا منحنا جرعة واحدة متينة بدرجة كافية، حتى لو لم تكن مثالية، للأشخاص الأصحاء، فقد يعني ذلك تلقيح مليارات الأشخاص الإضافيين خلال العام القادم، والوصول إلى مناعة القطيع بشكل أسرع".

جرعات مقبلة

وقال رئيس عملية "راب سبيد" منصف السلاوي في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز، الأحد، إنه "من المتوقع أن تنتهي الولايات المتحدة من تطعيم 100مليون أميركي بنهاية الربع الأول من عام 2021".

وأوضح السلاوي أن "الولايات المتحدة تأمل توزيع نحو 40 مليون جرعة من اللقاح بحلول نهاية ديسمبر الحالي، وتوزيع من 50 إلى 80 مليون جرعة أخرى في يناير، والعدد نفسه من الجرعات في فبراير"، مشيراً إلى أن "كل شخص بحاجة إلى جرعتين من اللقاح للوقاية من الفيروس".

وبدأت الولايات المتحدة تسلم جرعات اللقاح، الأحد، مع تخطي أعداد المصابين بفيروس كورونا في البلاد، التي تعد أكثر دول العالم تضرراً من الوباء، 16 مليون إصابة، وفقاً لإحصاءات "جامعة جونز هوبكنز" الأميركية. 

وأصبحت الولايات المتحدة سادس بلد بعد بريطانيا والبحرين وكندا والسعودية والمكسيك تصادق على لقاح كورونا الذي تنتجه وتطوره شركة "فايزر" الأميركية و"بيونتك" الألمانية، بعد إجراء التجارب على 44 ألف شخص في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.